القدس بين روايتين – غازي حسين

قامت إسرائيل بالأكاذيب والمجازر الجماعية والحروب العدوانية ونشر القتل والخراب وتدمير أكثر من 700 قرية والاغتيالات والنكبة والهولوكوست وإغتصاب الأرض والممتلكات والثروات الفلسطينية والاعتداءات المستمرة على فلسطين وسورية ولبنان ومصر والأردن وبعض العواصم العربية، والاستمرار في الاستيطان وحرب الإبادة والتجويع والتهجير على غزة مما جعل من المستحيل القبول والاعتراف بها والتطبيع والتعايش معها.

ويدور الصراع على أشده حول عروبة القدس المدينة العربية المحتلة التي أسسها العرب قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام بين روايتين، الأولى: رواية فلسطينية تعتبر القدس مدينة عربية إسلامية محتلة أسسها العرب قبل ظهور اليهودية وحررها رجال الصحابة من الغزاة الرومان. وهي مدينة الإسراء والمعراج وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وعاصمة فلسطين الأبدية انطلاقا من الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في وطنه وفي القانون الدولي والعهود والمواثيق والقرارات الدولية، والقدس جزء لا يتجزأ من الأراضي التي احتلها العدو الصهيوني في حربي عام 1948 وعام 1967 العدوانيتين.

والرواية الصهيونية حول قدس استعمارية صهيونية عنصرية يهودية أمريكية إرهابية عملت على ترسيخ الخرافات والأكاذيب والأطماع التي رسّخها كتبة التوراة والتلمود ودهاقنة الاستعمار الاستيطاني والمؤسسون الصهاينة و(المسيحية الصهيونية) وإسرائيل والإدارات الأمريكية بالحروب والمجازر والاستيطان والتهويد، ووافقت عليها بعض الممالك والإمارات التي أقامتها بريطانيا وتحميها الإمبريالية الأمريكية وترضى عنها الصهيونية العالمية..

استخدمت إسرائيل والعصابات اليهودية الإرهابية المسلحة القوة العسكرية واحتلت الشطر الغربي من المدينة العربية في 15 أيار عام 1948، ونقلت  في كانون الأول عام 1949م عاصمتها من مستعمرة (تل أبيب)إلى القدس؛ واحتلت الشطر الشرقي من المدينة العربية، والتي كانت جزءاً لا يتجزأ من المملكة الأردنية والعاصمة الثانية لها في حرب حزيران العدوانية عام 1967.

وضمته في الشهر نفسه 26 و27 حزيران إلى بلدية القدس المحتلة، وقررت الكنيست في عام 1980م ضمها وبأنها عاصمة إسرائيل الموحدة والأبدية ونقل العدو حتى وزارة الداخلية إلى القدس الشرقية، كمقدمة لجعلها عاصمة للعالم وتوسيعها حتى أريحا تحقيقاً لخرافة معركة “هيرمجدون” وظهور المسيح، وإقامة مملكة داوود وحكم العالم ألف سنة من القدس وعلى رأسها ملك من نسل داوود.

وانطلاقاً من هذه الأكذوبة والخرافة اليهودية الاستعمارية يعتبر نتنياهو الحليف الجديد للخليج إن القدس المدينة العربية الإسلامية التي أسسها العرب وعاصمة فلسطين الأبدية أراض محررة وليست محتلة بدعم من إدارة ترمب وحتى إدارة الصهيوني بايدن خلافا لمبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبرها أراض محتلة يجب الانسحاب منها وإزالة جميع التغييرات الإدارية والديمغرافية والجغرافية التي قامت بها إسرائيل (الدولة المحتلة).

ويعتبر نتنياهو والحكومات الإسرائيلية تبريرا لأيديولوجيتهم ومخططاتهم في الاستعمار الاستيطاني والعنصرية والفاشية والإرهاب أن الاستيطان والاستمرار والتوسع في القدس شأن إسرائيلي كالتوسع في تل أبيب ولا علاقة للفلسطينيين والمجتمع الدولي به. وأيدها بذلك الغرب وأتباعه في السعودية والإمارات والسودان..

يدور الصراع بين الروايتين: الرواية القانونية والشرعية والتي تدعمها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والقرارات الدولية والتي تعتمد على الحق التاريخي للعرب من مسيحيين ومسلمين كافة، والرواية الإسرائيلية التي تدعمها اليهودية العالمية والدول الاستعمارية والمسيحية الصهيونية وتحالفها مع اليمين السياسي الأمريكي وأتباعه من المطبعين الذي ظهر بجلاء في عهود الرئيس رونالد ريغان، والرئيس بوش الابن، وادارتي ترامب وبايدن الصهيونيتين وأتباعهم من بعض الأمراء والملوك العرب.

وانطلاقاً من الوضع الخطير جداً الذي تعيشه المدينة العربية حالياً وتآمر النظام العربي الرسمي والذي بدأ بتوقيع اتفاقات الإذعان في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة والمفاوضات المدمرة التي أجرتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقرار ترامب باعتبارها كلها عاصمة لدولة الاحتلال والتطبيع والإبراهيمية، يمضي نتنياهو في تبرير الاستعمار الاستيطاني اليهودي والتوسع الإسرائيلي في ظل التطبيع الخليجي بتهويد البلدة القديمة والأقصى المبارك والأغوار والبحر الميت ومشروع القدس الكبرى حتى أريحا.

إن الشعب الإسرائيلي شعب غريب عن فلسطين دخيل عليها عدواني واستعماري وإرهابي، بل إنه الشعب الوحيد في العالم الذي يؤمن حتى اليوم باستخدام القوة والحروب والإبادة الجماعية وسرقة الأراضي والأملاك والثروات الفلسطينية لتهويد القدس وفلسطين والجولان وتولي قيادة الشرق الأوسط العربي والإسلامي.

ويتنكر لمبادئ القانون الدولي والقرارات الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين. وهو الذي أنجح الاستعمار الاستيطاني ودمر القرى والمدن الفلسطينية واغتصب أراضيها وممتلكاتها وأقام على أنقاضها المستعمرات اليهودية، وعليه أن يحزم حقائبه ويعود إلى أوروبا لكي يسود الحق والعدالة والسلام والاستقرار والازدهار في بلدان الشرق الأوسط كافة.

ويعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم تطبيقا للقانون الدولي وأسوة بالتعامل الدولي، حيث استعاد اليهود أملاك أجدادهم في ألمانيا وأوروبا، وفي مصر والمغرب، فالإبادة الجماعية المستمرة في غزة منذ321 يوماً قضت على مستقبل وجود إسرائيل في الشرق الأوسط والعالم المتمدن.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى