مؤسسة القدس الدولية تصدر تقريرها السنوي “حال القدس2024”

أصدرت مؤسسة القدس الدولية تقريرها السنوي “حال القدس 2024: قراءة في مسار الأحداث والمآلات” في 13 فبراير 2025، يتناول أبرز التطورات في القدس عام 2024 على مستوى مشروع التهويد ومقاومته والمواقف حيال ذلك، مستشرفًا المآلات والتطورات لعام 2025 مع جملة من التوصيات للجهات المعنيّة.

ويتكوّن التقرير من ثلاثة فصول تتناول تطور مشروع التهويد في القدس، وتطورات المقاومة في القدس والمواجهة مع الاحتلال، والمواقف العربية والإسلامية والإسرائيلية والدوليّة، وأعدّها على التوالي الباحثون علي إبراهيم، وفضل عرابي، وحسام شاكر؛ والتقرير من تحرير هشام يعقوب، رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية.

تطورات مشروع التهويد في القدس

رصد التقرير استمرار مساعي الاحتلال لتعزيز الاستيطان وتوسيعه، حيث درست “اللجنة اللوائيّة للتنظيم والبناء” التابعة لبلدية الاحتلال في القدس 62 مخططا هيكليا خلال عام 2024، لأغراض التوسع الاستيطاني، وصادقت اللجنة على 29 مخططا، وقدمت للإيداع 33 مخططًا آخر، وتضمنت هذه المخططات بناء 10386 وحدة استيطانيّة جديدة، على مساحة 3094 دونمًا.

وسعى الاحتلال إلى إقرار مشاريع البنية التحتية الخاصة بالاستيطان، تحت ستار المنافع العامة، وتطوير مناطق المدينة المحتلة وما يتصل بخدمة وجود المستوطنين ورفاهية المستوطنات، إلى جانب تأمين شبكات الطرق التي تعزل المستوطنين عن الفلسطينيين، وتوفر تواصلًا آمنًا، في ما بين مستوطنات المدينة المحتلة، وتنوعت هذه المشاريع بين افتتاح أنفاق جديدة تربط مستوطنات المدينة المحتلة، وافتتاح محطة ضخمة للحافلات الكهربائية، لتعزيز شبكة المواصلات العامة، إضافةً إلى افتتاح عددٍ من الحدائق العامة في عددٍ من المستوطنات الإسرائيلية في القدس المحتلة.

كذلك، نفذت سلطات الاحتلال 251 عملية هدم في عام 2024، من بينها 151عملية هدم نفذها الاحتلال، ونحو 100 عملية هدم قسريّ، وتُشير هذه الأرقام إلى تصاعد عمليات الهدم في عام 2024 بنحو 22% بالمقارنة مع العام الذي سبقه.

ووفق التقرير، شهدت مدارس القدس حملات استهداف متصاعدة منذ بداية العدوان على غزة في 2023/10/7، فقد نفذت وزارة المعارف الإسرائيلية إجراءات عدوانية عديدة تجاه المدارس، لا سيما المدارس الخاصة التي تحصل على تمويلٍ جزئي من الوزارة، في محاولة لمنع هذه المدارس من تطبيق المنهاج الفلسطيني. وشملت هذه الإجراءات اقتحام المدارس، وتفتيشها فجأة، وشملت حملات التفتيش اقتحام الصفوف الدراسيّة، وتفتيش الحقائب المدرسية، والاطلاع على الكتب التي يستخدمها المعلمون.

وعلى مستوى استهداف المسيحيين، عادت إلى الواجهة العام الماضي قضية فرض ضريبة “الأرنونا” على الكنائس المسيحيّة في القدس المحتلة، وفي عددٍ من المدن الفلسطينية المحتلة الأخرى، وتشمل الضرائب نحو 882 عقارًا في شطري القدس الشرقي والغربيّ.

المسجد الأقصى في قلب الاستهداف

لاحظ التقرير عدوانا كبيرا على المسجد الأقصى عام 2024، توزعت ملامحه ما بين الاقتحامات، وأداء الصلوات والطقوس التوراتية في المسجد، ومؤتمرات تحشد لمزيد من الاستهداف، بالتوازي مع استمرار الحصار على الأقصى وتقييد وصول المصلين إليه، ومنع الرباط فيه.

وشارك في اقتحام الأقصى 53605 مستوطنًا، في مقابل 48223 مقتحمًا في عام 2023، بارتفاع يقارب 10% مقارنة بأرقام العام الذي سبق.

وبين التقرير استمرار أذرع الاحتلال في تطبيق استراتيجيتها الرامية إلى “التأسيس المعنوي للمعبد”، عبر تصعيد أداء الطقوس اليهوديّة العلنية في المناسبات والأعياد الدينيّة اليهوديّة، ومنها السجود الملحميَّ الكامل داخل المسجد، وإدخال القرابين النباتية، ونفخ البوق، وأداء طقوس “بركات الكهنة”، إضافة إلى محاولة إدخال القرابين الحيوانيّة.

ورصد التقرير الانخراط الرسمي الإسرائيلي في العدوان على الأقصى، إن من حيث الاقتحامات السياسية التي تصدرها وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، أو من حيث رعاية الاقتحامات ودعمها، كإعلان وزارة التراث في حكومة الاحتلال عن إقامة “جولات إرشادية” في الأقصى ممولة من حكومة الاحتلال.

وبموازاة ذلك، أشار التقرير إلى استمرار الاحتلال في منع وصول أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى الأقصى، وتقييد دخول المقدسيين، ومنع الرباط الاعتكاف، بالإضافة إلى منع دائرة الأوقاف من القيام بأي عمليات ترميم في المسجد، ومنع إدخال المواد اللازمة للترميم، وإبعاد المرابطين والشخصيات المقدسية من دخول الأقصى، حيث أشار التقرير إلى إصدار الاحتلال 400 قرار بالإبعاد عن القدس والأقصى.

تراجع كمّي في عمليات المقاومة وبروز العمليات الفردية

رصد التقرير تراجع عدد عمليات المقاومة بشكل كبير خلال عام 2024 مقارنة بعام 2023، فقد بلغ عدد عملياتها، وفق معطيات فلسطينية، 6102 في عام 2024 مقابل 14342 عملية في عام 2023. وعزا التقرير التراجع إلى تشديد الإجراءات الأمنية الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، بما في ذلك تكثيف الحواجز والبوابات الحديدية، والاعتقالات الجماعية التي استهدفت الكوادر المقاومة.

كما لفت التقرير إلى أن ظاهرة التشكيلات المسلحة التي أخذت تتكرس منذ عام 2021، ساهمت في تعزيز مشهدية المقاومة في عام 2024، لا سيما في مخيمات جنين وطولكرم، بسبب عمليات التصدي لحملات الاحتلال الإسرائيلي واقتحاماته التي تستهدف كوادر المقاومة في هذه المخيمات.

ونوّه إلى العمليات الفردية التي اعتمدت هذه العمليات على أساليب متجددة مثل: إطلاق النار، والدعس، والطعن، وتفخيخ السيارات، بما يؤكد استمرار قدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة، ومرونة المقاومين في التعامل مع الاحتلال.

تطورات المواقف

في استعراض المواقف العربية والإسلامية والدولية، قال التقرير إن المواقف الفلسطينية أجمعت على خطورة الانتهاكات وممارسات التصعيد من جانب الاحتلال في القدس والمقدّسات، فيما واجهت معضلة التبايُن بين خطّيْن أساسيين، بصفة تُضعف جدوى هذه المواقف مع الأزمة السياسية والارتهان لاتفاقات أوسلو والتنسيق الأمني.

أما الحكومات العربية وإسلامية فتفاوتت مواقفها بين داعم للفلسطينيين ووسيط بينهم وبين الاحتلال، ومتفرج بلا موقف ومتواطئ يخشى أن تحقق المقاومة الفلسطينية مكاسب تلهم شعوب أمتنا، ومشارك في حصار الشعب الفلسطيني ومصدر من مصادر توفير الدعم والبضائع والاحتياجات لدولة الاحتلال.

ووفق التقرير، لم يبرز تطوّر ملموس في الردود العربية والإسلامية رغم أن الاحتلال استمر في سياسة التصعيد والاستفزاز في القدس والمقدسات.

وشهد عام 2024 تطوّرا مهما على صعيد وضع الاحتلال الإسرائيلي وتأكيد عدم قانونيّته، خاصة فتوى محكمة العدل الدولية وقرار الجمعية العامّة الذي أعقبها، فيما تمادى الاحتلال في تقييد عمل الأمم المتحدة والتحريض ضدّها وضد قيادتها ووكالاتها، لا سيما قرار حظر عمل “الأونروا” ومنع التواصل مع موظّفي الوكالة بما يمثِّله من مخاطرة جسيمة بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين بما في ذلك في القدس.

وفي ما يتعلق بالموقف الأمريكي، قال التقرير إن عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن خيم عليه موقفه الداعم لحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإن تحدّثت إدارته عن التمسّك بـ”حلّ الدولتين” لإضفاء توازن شكلي على مواقفها الداعمة للحرب.

ولم يطرأ خلال عام 2024 تغيُّر يُذكر على مواقف أطراف دولية أخرى، منها الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، في ما يتعلّق بالقدس أو الاستيطان أو رؤية الدولتين.

المآلات والتوصيات

وعلى مستوى المآلات، رجح التقرير أن يستمر الاحتلال في عدوانه على القدس، عبر اقتحام المسجد الأقصى، وهدم منازل المقدسيين، وزيادة الاستيطان والاعتداءات على المقدسيين. وأن يسعى رئيس حكومة الاحتلال إلى إرضاء اليمين المتطرف عبر إقرار مخططات استيطانية كبيرة، ومنح المستوطنين مكاسب في المسجد الأقصى.

وفي المقابل، قد تقدم بعض الدول العربية على التطبيع مع دولة الاحتلال تحت ذرائع تتعلق بالقضية الفلسطينية. أما على الصعيد الدولي، فستستمر جهود ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين في المحاكم، في وقت قد توفر فيه إدارة ترمب غطاء للسياسات الاستيطانية الإسرائيلية، وتضغط على الفلسطينيين للتنازل عن حقوقهم.

ومن أبرز التوصيات التي وردت في تقرير حال القدس ضرورة تمكين أهل القدس من القيام بواجب الرباط والتصدي للاحتلال عبر دعم صمودهم، وتوفير مستلزمات قوافل الرباط في الأقصى، والاعتكاف فيه، ودعم القطاعات الحياتية المختلفة، وحماية المكتسبات العظيمة التي حققتها المقاومة الفلسطينية، وتوفير الدعم لتطورها في الضفة الغربية والقدس.

وشدد على تشكيل شبكات أمان للمقاومين تمنع ملاحقتهم، وتوفر الملاذ الشعبي الآمن لهم، إضافة إلى رفع مستوى الأداء الأردني، واستشعار خطورة الاقتصار على الشجب والاستنكار في ظل تمادي الاحتلال في الاعتداء على الدور الأردني في القدس، ومخططات تهجير الفلسطينيين إلى الأردن.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى