الفرع الإقليمي لـ”التوحيد والإصلاح” بالبرنوصي سيدي مومن ينظم الدورة الإيمانية الأولى
نظم الفرع الإقليمي للحركة بالبرنوصي سيدي مومن الدورة التربوية-الإيمانية الأولى حول موضوع “جهاد النفس من أفضل الجهاد”، يومي السبت والأحد 7\8 شعبان 1445 الموافق ل 17\18 فبراير 2024 بالمقر الجهوي عين السبع.
وانطلقت الدورة من قوله سبحانه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111]،
وقد تميز برنامج الدورة الإيمانية بقراءات قرآنية للأخوين محمد مصوم ومصطفى مسليكي، تلته كلمة مسؤول الإقليم الأستاذ مصطفى لعنبري رحب فيها بالحضور كما أوضح فيها سياق تنظيم الدورة التي تنعقد وطوفان الأقصى لازال مستمرا ببطولات أهل غزة العزة وصمودهم في وجه العدو الصهيوني الغادر والمتوحش.
بعد ذلك قدمت الأستاذة أمينة عسري مسؤولة لجنة العمل النسائي بالإقليم كلمة توجيهية عبارة عن وقفات تربوية مع الآية الكريمة شعار الدورة، موضحة ما أحسنَ هذه الصورةَ في الترغيب بالجهاد! فالجهادُ عَقدٌ عاقِدُه الله، وثمنُه الجنة، والمعقود عليه القتال في سبيله، والوثيقةُ التي سُجِّل فيها الكتبُ السماوية.
ثم كان الحضور على موعد مع درس تربوي في موضوع “جهاد النفس من أفضل الجهاد” من إعداد وتقديم الأستاذة سميرة معروف مسؤولة قسم الشباب والطفولة بالمكتب التنفيذي بجهة الوسط، التي بينت بأن جِهادُ النَّفْسِ مُقَدَّمًا عَلى جِهادِ العَدُوِّ في الخارِجِ، وأصْلًا لَهُ، فَإنَّهُ ما لَمْ يُجاهِدْ نَفْسَهُ أوَّلًا لِتَفْعَلَ ما أُمِرَتْ بِهِ وتَتْرُكَ ما نُهِيَتْ عَنْهُ ويُحارِبُها في اللَّهِ لَمْ يُمْكِنْهُ جِهادُ عَدُوِّهِ في الخارِجِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ جِهادُ عَدُوِّهِ والِانْتِصافُ مِنهُ وعَدُوُّهُ الَّذِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ قاهِرٌ لَهُ مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ لَمْ يُجاهِدْهُ ولَمْ يُحارِبْهُ في اللَّهِ، بَلْ لا يُمْكِنُهُ الخُرُوجُ إلى عَدُوِّهِ حَتّى يُجاهِدَ نَفْسَهُ عَلى الخُرُوجِ، كَما قالَ النَّبِيُّ ﷺ: “المُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَهُ في طاعَةِ اللَّهِ، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهى اللَّهُ عَنْهُ”،.
وحددت المتحدثة مفهوم المجاهدة بأن معناها، كما يقول العلامة الراغب الأصفهاني رحمه الله في المفردات في مادة ” جهد” الجهد بفتح الجيم والجهد بضمه : الطاقة والمشقة، وقيل : الجَهد بالفتح : المشقة، والجُهد بالضم : الوسع. وقال تعالى: {والذين لا يجدون إلا جهدهم} (التوبة :79). وقال تعالى: {وأقسموا بالله جَهد أيمانهم} (النور: 53)، أي حلفوا واجتهدوا في الحلف أن يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم. والاجتهاد: أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمل المشقة، والمراد بالمجاهدة: كفّ النّفس عن إرادتها من الشّغل بغير العبادة. كما يقول العلامة الجرجاني صاحب التعريفات” في اللغة: المحاربة، وفي الشرع: محاربة النفس الأمارة بالسوء بتحميلها ما يشق عليها بما هو مطلوب في الشرع” (1). ويقول الأصفهاني: المجاهدة: استفراغ الوسع في مدافعة العدو، والجهاد ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر- ومجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس.
ثم قدمت مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على مجاهدة النفس منها قوله تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده} (الحج:78)، وقوله {وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله} (التوبة: 41)، وقوله {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} (الأنفال: 72.
وقوله صلى الله عليه وسلم:” والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله عز وجل”. والمجاهدة تكون باليد واللسان، قال صلى الله عليه وسلم (جاهدوا الكفار بأيديكم وألسنتكم).
و بينت المتحدثة النفس الأمارة بالسوء وتأثيرها العظيم فيه إذ تحض على الشر، وعلى مخالفة أمر الله تعالى، وتتعاون مع الشيطان في النهي عن فعل الخير ولذلك وصفها المولى- عز وجل- بالفجور لخروجها عن أمر الله وما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم فإذا سلك الإنسان مسلكا متبعا هواه ونفسه الأمارة بالسوء جاء هذا السلوك قبيحا ويتسم بالنيّة السيئة وإرادة الشر، أما مع النفس فإننا نجد اتباع الهوى والغرور والكبر والعجب ونحوها من أمراض القلب، وكذلك الأمراض الاجتماعية من نحو الجفاء والغلظة والبغض والحسد والمكر والنقمة…وتتجلى صعوبة مجاهدة هذه النفس في سببين اثنين: الأول أنها عدو من الداخل قلما يلتفت إليه والثاني: أنها عدو محبوب يؤمن جانبه.
ومن مراتب جهاد النفس نجد: الأولى: مجاهدتها على تعلم الهدى ودين الحق، الثانية: مجاهدتها على العمل به (أي بالهدى ودين الحق) بعد علمه، الثالثة: مجاهدتها على الدعوة إلى الحق. والرابعة: مجاهدتها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمل ذلك كله لله.
ثم أشارت الى مجموعة من الأمور التي تعين على جهاد النفس ومنها:
- اخلاص النية لله تعالى والعناية بأعمال القلوب
- مصاحبة القرآن: قراءة وحفظا وتدبرا وعملا ودعوة لقول الله تعالى لرسوله: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} (الفرقان: 52).
- التوبة من الذنوب وتطهير المعاصي المتعلقة بجوارحه السبعة، وهي: اللسان والأذنان والعينان واليدان والرجلان والبطن والفرج، فلكل جارحة من هذه الجوارح السبعة معاص تتعلق بها.
- التقرب من الله تعالى بكل عمل صالح قولا وفعلا.
- اتخاذ الصحبة والرفقة الصالحة المعينة على الخير والسير في طريقه: ثم قال- رحمه الله- عقب ذلك: فإذا استكمل (المسلم) هذه المراتب الأربع صار من الربانيين.
- التصدق ولو بالقليل: فإنفاق المال والجهاد به في سبيل الله وسيلة لمجاهدة النفس من حب المال وآثار البخل والشح، وتطهير لها من الجشع والطمع والحقد والحسد والبغضاء، واحتقار الآخرين.
- كثرة الدعاء والذكر والالتجاء إلى الله تعالى والاستعانة بالصلاة وقيام الليل.
وأشارت المتحدثة إلى مجموعة من ثمرات مجاهدة النفس والتي تتجلى في:
- إخضاع النفس والهوى لطاعة الله عز وجل
- إبعادها عن الشهوات وصد القلب عن التمني والتشهي لما هو محرم أو مكروه.
- تعود الصبر عند الشدائد على الطاعات وعن المعاصي.
- طريق قويم يوصل إلى رضوان الله تعالى والجنة
- قمع للشيطان ووساوسه و نهي النفس عن الهوى فيه خير الدنيا والآخرة.
- من جاهد نفسه وأدبها سما بين أقرانه وفي مجتمعه.
- سوء الظن بالنفس يعين على محاسبتها، وتأديبها.
- مجاهدة النفس هي الزاد الذي يغذي الدعاة إلى الله.
- تحقق إنكار الذات وتصفي الجماعة من الأثرة الضارة بالجماعة والمجتمع.
وختمت الأستاذة أمينة عسري مداخلتها بالحديث عن جهاد النفس وعلاقته بالقضية الفلسطينية.
توفيق الابراهيمي