الغارديان: سلبية الغرب تعطي نتنياهو الضوء لتجاوز كل الخطوط الحمر

أكدت صحيفة “الغارديان” البريطانية في افتتاحية لها، أنّ الموقف الغربي سمح بسلبيته لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتجاوز كل الخطوط الحمر. وقالت إن “محاولة اغتيال مفاوضي حماس في عاصمة حليفة للولايات المتحدة كانت من فعل حكومة مارقة غير مهتمة بالسلام”.
وأشارت الصحيفة لما قالته والدة أحد الأسرى في غزة في أعقاب الغارة الجوية على قطر الثلاثاء الماضي : “لماذا يصر رئيس الوزراء على نسف أي اتفاق يبرم؟ لكن من شكك في التزام بنيامين نتنياهو بالحرب التي أشعلها بعد 7 أكتوبر، فإن محاولة القضاء على فريق حماس التفاوضي لوقف إطلاق النار في الدوحة قدمت تأكيدا قاطعا على أن السلام وعودة الأسرى الإسرائيليين هي في ذيل قائمة أولويات نتنياهو الحالية”.
وتابعت “مع أنه من غير الواضح مدى قرب قيادة حماس من تأييد مقترحات وقف إطلاق النار التي أيدها دونالد ترامب، والتي كانت تناقش في عاصمة حليف راسخ للولايات المتحدة، إلا أن الغارة التي أمر بها نتنياهو، ضمنت عدم موافقة مفاوضيها على الجلوس حول طاولة المفاوضات مجددا في أي وقت قريب”.
وأشارت الضحيفة إلى أن “إسرائيل سارعت إلى التصريح بأن الهجوم جاء ردا على إطلاق النار الذي تبنته حماس في القدس يوم الاثنين، والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص. ولكنه وقع أيضا في الوقت الذي أمر فيه الجيش الإسرائيلي بإخلاء مدينة غزة بالكامل، تمهيدا لغزو شامل سيجلب المزيد من الموت والدمار لسكان يتضورون جوعا ويعانون من صدمة نفسية”.
وأضافت الصحيفة، أنه لا يمكن التجاهل من أن إنهاء المعاناة لا يتوافق مع أهداف نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرف الذين تعتمد عليهم حكومته. ولكن في مواجهة هذا التعنت المزدري والدلائل المتزايدة على أن هذه الأهداف تشمل إقامة “إسرائيل الكبرى” الممتدة إلى ما بعد حدود عام 1967، كان رد فعل الغرب جبان وغير كاف على نحو مؤلم. وبينما يطلق ترامب مواعيد نهائية لا أحد يهتم بها ودعوات فارغة للسلام على وسائل التواصل الاجتماعي، ينشر نتنياهو قوة عسكرية مستمدة من الولايات المتحدة ليتصرف دون عقاب، مهاجما أهدافا من جانب واحد متى وأينما شاء.
ومع ذلك، ورغم انتقاد الرئيس لإسرائيل بعد هجوم الثلاثاء لانتهاكها سيادة حليف للولايات المتحدة، إلا أنه حرص أيضا على الموافقة على الهدف العام المتمثل في القضاء على حماس. وبالنسبة لترامب، يبدو أنه لا توجد خطوط حمراء حقيقية على حكومة إسرائيل المتطرفة يجب ألا تتجاوزها. وفي ظل هذه الخلفية التي تدعو للقلق، من الضروري أن يسعى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وغيره من القادة الأوروبيين لممارسة ضغط أكبر على كل من واشنطن وإسرائيل نفسها، وفق الغارديان.
وذكرت الصحيفة أنه “قبل لقائه المثير للجدل بالرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتزوغ، يوم الأربعاء، أصر ستارمر بغطرسة على أن التخلي عن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سلام دائم سيكون بمثابة “سياسة تلاميذ مدرسة”. لكن محاولة إسرائيل اغتيال المشاركين في تلك العملية، في الدوحة هذا الأسبوع، ينبغي أن تعطي منظورا معينا لقيمة الكلمات وحدها”.
ونوهت “الغارديان” إلى أن تقرير حديث صادر عن أعضاء البرلمان في لجنة الشؤون الخارجية، خلص إلى أنه “يجب على بريطانيا أن تكون أكثر جرأة وحزما في الإجراءات التي ترغب في اتخاذها لعزل حكومة ترتكب جرائم حربها على مرأى من الجميع. كما يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتبع الخطاب المألوف بإجراءات عملية، مصممة لتحقيق تأثير اقتصادي مجد”.
وشددت على أنه “في نهاية المطاف، فالولايات المتحدة هي وحدها القادرة على إجبار رئيس وزراء إسرائيل على إنهاء حملته الإبادة الجماعية في غزة”. ولكن سلبية أوروبا لعبت دورها في تعزيز قناعة نتنياهو بأنه قادر على تشكيل مستقبل الشرق الأوسط وفقا للتصاميم المتطرفة التي وضعها زملاؤه في الحكومة من اليمين المتطرف.
وتقول الصحيفة إن الرمزية التي تحملها دعوات الإعتراف بالدولة الفلسطينية، وسيعلن بعضها في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، مرحب بها، لكنها لا تجدي أمام زعزعة قنابل نتنياهو استقرار منطقة الخليج واستعداد سكان غزة المدنيين للأسوأ مجددا، واستمرار الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية.