العيد فرصة لسمو الأخلاق وإحياء التراحم بين الناس
العيد من شعائر الإسلام الظاهرة، وحكمه الباهرة، وله معان عظيمة وفيه منافع كبيرة ومصالح عاجلة وآجلة، ومن معانيه توحيد العبد لربه وانقياده لله واستسلامه ومحبته إياه، ويتجلى ذلك في قيامه بما أوجب الله عليه من عبادات وتكاليف في هذا اليوم وبما ندبه إليه مستسلماً لأمره وحكمه سواء عرف الحكمة من هذه العبادات أم لم يعرف.
والصائم الذي نفعه صومه هو من يلجم نفسه عن الانطلاق في شهواتها ونزواتها، ويحجز جوارحه عن المعاصي، فليس يوم العيد إيذان بمباشرة المعصية، بل هو يوم لإظهار الفرح والسرور والشكر على توفيق الله تعالى لأداء عبادة عظيمة جليلة اختصها الله لنفسه “إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”.
ومن معاني العيد تحقيق الألفة بين المسلمين والتعاطف والتراحم والتزاور وصلة الأرحام والتهادي والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
والعيد فرصة لسمو الأخلاق، والتآلف والتآخي والتسامح والعفو، ومن أهم الأعمال في هذه المناسبة صلة الرحم، وهي سانحة عظيمة العفو والتصالح، ورسولنا الكريم حذر من قطع الأرحام قائلا: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، ولذلك أمر بالبر والصلة، وإفشاء السلام وإطعام الطعام، والحب في الله والزيارة فيه، وأرشد إلى كثير من الآداب والأخلاق التي من شأنها أن تقوي الروابط وتديم الألفة، وتزيد في المودة والمحبة بين الناس.
فمن أعظم الأعمال في الإسلام الحفاظ على الأخوة واللحمة وصلة الأرحام، لذلك أسماها الله سبحانه وتعالى حقوقاً (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ…)، وقال: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) و(وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، هذه الآيات الكريمة تبين أن من ركائز هذا الدين العظيم هو إيتاء الحقوق والحقوق المجتمعية، وأنه دين مجتمعي وإنساني وتعبدي وتواصلي، كما أنه دين إحسان ورحمة للعالمين.
وعيد الفطر المبارك هو مناسبة للتسامح والتراحم والعفو بين الناس، حيث ينبغي على المسلمين بعد شهر رمضان المبارك أن يحافظوا على القيم والفضائل التي اكتسبوها خلال الشهر الفضيل، وبث روح المحبة والمودة ونشر قيم التعاون واحترام الآخر والتركيز على التدين السلوكي الذي يبلور سماحة الإسلام في المجتمع.
فالدين الحنيف هذب النفس الإنسانية في كافة أحوالها وجعل من العيد فرصة عظيمة للتواصل، وبث روح التسامح، والألفة، والتكامل بين أفراد المجتمع الإسلامي. ومناسبة لزيادة أواصر العلاقات العائلية والاجتماعية، وتبادل التهاني والأمنيات والزيارات الاجتماعية، وتعزيز المشاعر الإيجابية بين الأهل والأحبة والأصدقاء والجيران والزملاء في العمل، وهو مناسبة عظيمة ينبغي الاستفادة منها لإزالة الخلافات وتجاوزها بين البشر، وفرصة للتسامح مع الآخرين والتصالح مع الذات، ونسيان الإساءة بغض النظر عن كل شيء.
وهناك جملة من الأحكام والسنن والآداب المتعلقة بالعيد، ينبغي للمسلم أن يراعيها ويحرص عليها، منها:
- عدم الصيام
- الإكثار من التكبير
- الاغتسال والتطيب والتجمل
- التهنئة عادة حسنة
وليحذر المسلم من التبذير والإسراف، وتبديد للأموال والأوقات، ونحو ذلك من الأمور التي تنافي التعبد لله الواحد الأحد في الأعياد وغيرها، وتعود بالضرر والخسران على أصحابها في الدنيا والآخرة.