الصيف عمار لا دمار – سعيدة حرمل

الحمد لله الذي خلق كونه بديعا متجددا يجدد فيه الليل النهار، والنهار الليل، وتجدد الفصول بعضها بعضا، وتجدد المناسك بعضها بعضا، والمؤمن اليقظ له عبرة مع الزمن متنبه أن يدخل على الزمان قبل أن يدخل عليه، مقتديا بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في فن الذكر والدعاء حيث يتجاوب مع الكون الفسيح وأوقاته المتغيرة، فيستقبل النهار بالتسبيح ويودعه بالاستغفار، ويستقبل هلال الشهر بالتهليل والتكبير ويودعه بالاستغفار والتكبير، فالتجدد سنة كونية والدين خادم للتجديد.

يقول تعالى في سورة الفرقان “ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا”، العبد مكلف أن يرى الكون ويتأمله ويعيش تحت ظلاله فلو سكن الظل لتوقفت الأرض عن الحركة، فالله خلق بالكون أشياء ثابتة مثل الجبل والبحر والسهل.. وأخرى متحركة مثل هطول الأمطار وتغير الطقوس والرياح والفصول.. فما ثبته الله فهو ليريحنا به وما حركه فهو ليربينا به. فالثوابت أدوات طمأنينة والمتحركة أدوات تربية! فسبحان الله الذي بيده ملكوت كل شيء.

ونحن هذه الأيام نودع فصلا ونستقبل آخر، نودع فصل الربيع بطبيعته وجماله ونستقبل الصيف بحرارته وجماله أيضا مع ما يصاحبه من مفاهيم تحيط به منها ما هو إيجابي ومنها الكثير من الغير ايجابي. فإذا ذكرت الصيف تسارع إلى ذهنك مجموعة من القواميس المرافقة له :العطلة، البطالة، الراحة، الفوضى، الاستجمام، السهر الطويل بالليل والنوم الكثير بالنهار، الاضطراب في مواعيد التغدية،  فالفطور يصبح غذاء والغذاء يصبح لمجة والعشاء يصبح سحورا!، الفراغ القاتل، اكتساب العادات السيئة، النسيان والغفلة عما تم أخذه طيلة السنة الدراسية بالنسبة للمتمدرسين إلى غيرها من المظاهر التي نتربى عليها ونحن نعيش فترة الصيف والعطلة. فكيف ندير صيفنا وعطلتنا ؟

لكي ندخل إلى الصيف نستدعي مدخلين اثنين:

مدخل الاستعانة : فنستعين بالله تعالى على هذا الضيف بحسن التدبير وحسن الاستثمار فنجعله وقت الاستدراك لما فوتنا طيلة العام من نقص عبادة، وبعد عن القراءة والتثقيف وتقصير في زيارة وصلة أرحام  ومساعدة أهل وحسن الجوار …

ونجعله وقت تعليم لما لم نستطع أخذه طيلة العام من مهارات ولغات وقدرات…

ونرفع شعار الاسترواح الراشد فسباحتك تسبيح وجولاتك تسبيح واستجمامك تسبيح.

والمدخل الثاني مدخل  الاستعاذة بالله من الشر الكامن فيه من الفراغ القاتل فيه من العادات السيئة فيه من أن يكون وقتا شاهدا علينا لا شاهدا لنا، فالصيف ضيف وغدا سيرحل فخذ منه لآخرتك ودنياك ،واجعله زمنا مشهودا بالخيرات والإحسان.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى