الصديقي: الموقع التفاوضي للمغرب سيتعزز والنموذج الإسباني الأنسب في الحكم الذاتي

قال الدكتور سعيد الصديقي إن القرار الأممي القاضي بدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية سيعزز ويقوي الموقع التفاوضي للمغرب دوليا وإقليميا مع الجزائر والبوليساريو وقد يقوي مكانته في النظام الدولي وسيعمل على توسيع دائرة الاعترافات الدولية بالسيادة المغربية.
جاء ذلك خلال مداخلة له بمائدة مستديرة نظمتها حركة التوحيد والإصلاح مساء اليوم السبت بمقرها المركزي بالرباط في موضوع: ”قضية الصحراء المغربية في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي: الأبعاد والآفاق المستقبلية”
ونوه الصديقي إلى أن القرار عزز إرث واستقرار ومشروعية النظام والدولة المغربية بحيث حظي القرار بارتياح لمختلف القوى السياسية والمدنية والشعب المغربي، وحتى القوى السياسية المعارضة أشادت به رغم بعض ما أشارت إليه، خاصة وأننا نعرف أن السياسة الخارجية هي مجال خاص بالملك على رأسها قضية الصحراء المغربية وبالتالي أي إنجاز يعتبر إنجازا للمؤسسة الملكية.
دعوة لتحصين المكسب والتمهيد لعودة العلاقات المغربية الجزائرية
ودعا أستاذ القانون العام والعلاقات الدولية بجامعة فاس إلى العمل على تحصين هذا المكسب والحفاظ عليه والبناء عليه لتوسيع قاعدة الاعترافات الدولية بمقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، خصوصا وأن هذا القرار سيعطي للمغرب زخما للبحث عن قنوات تواصل مباشرة وغير مباشرة مع الجزائر وقد تفضي هذه الجهود إلى التوصل لترتيبات أولية لإعادة العلاقات الدبلوماسية.
ونبه إلى أن تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر سيحتاج إلى جهد ووقت طويل، ويحتاج إلى إعادة الثقة بين البلدين وهذا ليس أمرا هينا، موضحا أن موضوع التعديل الدستوري بعد القرار الأممي سيكون أمرا مؤجلا حتى يتم الاتفاق على الصيغة النهائية للحكم الذاتي وقبل الاستفتاء على صيغة الحكم الذاتي سنحتاج إلى تعديل دستوري.
وحول عودة العلاقات المغربية الجزائرية، ذهب الصديقي إلى أنها قد تفضي هذه الجهود إلى ثمار لكنها قد تظل محدودة، ويبقى التطبيع الكامل بين المغرب والجزائر هو أمر مستبعد على الأمد القريب لأن ذلك يتطلب جهودا متواصلة لتهيئة الظروف وإعادة الثقة بين البلدين، خصوصا وأن الجزائر استثمرت سياسيا ودبلوماسيا عشرات الملايير لتمويل الأطروحة الانفصالية.
وفي حالة استمرار الجزائر في تعنتها، أكد أستاذ التعليم العالي أن المغرب سيواصل انتهاج استراتيجية تدريجية وهادئة تقوم على توسيع المكاسب الميدانية والدبلوماسية دون صدام مباشر مع الجزائر خصوصا وأن ما تحقق في مجلس الأمن هو أيضا انعكاس لما حققه المغرب في الميدان وفرضه للأمر، كما أن هذا التعنت سيزيد العزلة السياسية والاقتصادية على الجزائر بمواقفها التقليدية، كما سيقوم المغرب بتحويل دعم الجزائر للبوليساريو من ورقة نفوذ وتفاوض إلى عبئ استراتيجي عليها وهذا ما تحقق الآن ولكن يصعب عليها الخروج من هذا المأزق، وهذا ما يتطلب من المغرب وحلفائه أن يوجدوا صيغة لمساعدة الجزائر للخروج من هذا المأزق.

نموذج الحكم الذاتي في إسبانيا المتوازن الأنسب للمغرب
وذهب أستاذ العلاقات الدولية إلى أن النموذج الإسباني هو الأقرب في صيغة النسخة الأولى من الحكم الذاتي التي ورد فيها أنها تستلهم مقتضياتها من قرارات الأمم المتحدة والأحكام الدستورية لدول قريبة منا جغرافيا وثقافيا، وهناك نماذج قريبة منا مثل ألمانيا وبلجيكا لكنها دول فدرالية.
وعن الاعتبارات التي يرى من خلالها أن النموذج الإسباني هو الأنسب، يقول الصديقي إن إسبانيا تعتمد على أنظمة حكم ذاتي متفاوض عليها ضمن دولة موحدة ويكون فيه تفاوض بين جهة الحكم الذاتي وبين الحكومة المركزية على صيغة الحكم الذاتي، كما أنه ليست هناك صيغة موحدة تطبق على جميع الجهات كما هو في ألمانيا.
وأضاف المتحدث: “النموذج الإسباني يوازن بين الاعتراف بالخصوصية الإقليمية بما فيها الثقافية والحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها مع وجود مؤسسات محلية منتخبة وصلاحيات موسعة في مجالات محددة دون المساس بالاختصاصات السيادية المركزية، كما أن الحكم الذاتي غير المتماثل بمعنى أن بعض الجهات مثل الباسك والأندلس تتمتعان بصلاحيات متفاوتة، وأهم شيء أن النموذج الإسباني يحافظ على الدولة المركزية البسيطة مع السماح بالحكم الذاتي”.




