الشيخ محمد المكي الناصري
ولد الشيخ محمد المكي الناصري بمدينة رباط الفتح في ضحى يوم الأربعاء 24 شوال سنة 1324 هـ الموافق لـ11 دجنبر1906.
نشأ الشيخ الناصري في بيت دين و فضل، و ظهرت عليه علامات نضج مبكر أبانت عن مؤهلات، و مواهب شخصية بارزة منها الاستعداد التام للتلقي و الذكاء الحاد و حب المعرفة فبدأ بحفظ القرآن و أمهات المتون حتى تخرج على أهم شيوخ العلم في وقته، و قد كان استقباله للمرحلة الجامعية سنة 1932 على يد ثلة من كبار العلماء استفاد منهم و تأثر بهم و اهتدى بهديهم ، منهم من المغرب الأستاذ الحافظ أبو شعيب الدكـــالي، و الشيخ محمد المدني بن الحسني، و الحاج محمد الناصري، و الشيخ محمد بن عبد السلام السائح، و من الشرق العربي الأستاذ مصطفى عبد الرزاق، والأساتذة منصور فهمي، و عبد الحميد العبادي، و عبد الوهاب عزام، و يوسف كرم، وغيرهم.
وتتلمذ أيضا على أساتذة غربيين؛ منهم المستشرقان الايطاليان نللينو، وجويدي، و المستشرقان الألمانيان ليتمان و برجستراسر، والفيلسوف أندري لالاند.
و كما بدأت حياة الشيخ الناصري العلمية مبكرة كذلك بدأت حياته الوطنية و السياسية حيث ساهم في تــــأسيس “الرابطة المغربية” السابقة لكتلة العمل الوطنـــــي و هي أول هيئة سرية لمقاومة الاستعمـار،و كان أول أمين عام لها و كان ذلك سنة 1920 و سنه آنذاك لا يتجاوز الخمسة عشر، وجادت هذه البداية الوطنية المبكرة بثمارها فلم تكد تمر مدة زمنية قصيرة حتى ألف مترجمنا كتابه الأول “إظهار الحقيقة و علاج الخليقة ” سنة 1922، و كان رسالة ضد الخرافات و البدع المنسوبة للدين مدشنا به نشاطه السلفي. وكانت تلك هي البداية لينطلق بنشاطه عضوا مؤسسا و عاملا في ” جمعية أنصار الحقيقة” سنة 1925. و قد ظل متنقلا بين البلدان الأوروبية مدافعا عن استقلال المغرب مطالبا الاستعمار بالرحيل إلى سنة 1934 حيث قفل راجعا إلى المغرب ليكون في وسط المعركة يناضل بجانب زملائه زعماء الوطنية.
و لما قدم شكوى المغرب بفرنسا إلى الأمم المتحدة بإمضائه و إمضاء بقية زملائه سنة 1952 عاقبته الإدارة الدولية بمنعه من العودة و الدخول إلى طنجة و بذلك أقفلت في وجهه جميع المناطق المغربية، وبقي منفيا في الخارج أكثر من أربع سنوات إلى أن عاد محمد الخامس من المنفى .
ومنذ فجر الاستقلال قام مترجمنا بمهام سامية متنوعة، من خلال المناصب التي رشح لها وعين من لدن الملك محمد الخامس ، والملك الحسن الثاني:
- أستاذا بالجامعة المغربية سنة 1960.
- سفيرا بليبيا في 13 يناير 1961.
- أستاذا بدار الحديث الحسنية 21 نوفمبر 1964 .
- وزيرا للأوقاف و الشؤون الإسلامية و الثقافة 1972
- عضوا بأكاديمية المملكة المغربية -1981.
- عين من طرف جلالة الملك رئيسا للمجلس العلمي بولاية الرباط وسلا
- انتخبه علماء المغرب بالإجماع أمينا عاما لرابطتهم في مؤتمرهم الاستثنائي المنعقد بطنجة يوم 28 أكتوبر 1989 خلفا لأمينها العام الأستاذ الراحل سيدي عبد الله كنون .
وقد و سمه جلالة الملك بوسام العرش تقديرا لعمله بليبيا و بعمالة أغادير كما وسمه بوسام الكفاءة الفكرية من الدرجة الممتازة تقديرا لجهوده العلمية و الثقافية .
و للأستاذ الناصري الكثير من الأبحاث و المؤلفات في مرحلة الاحتلال نذكر منها :
- ” إظهار الحقيقة” السالف الذكر طبعة تونس 1925.
- “حرب صليبية في مراكش” طبع بالقدس سنة 1931.
- ” فرنسا و سياستها البربرية في المغرب الأقصى “طبع القاهرة سنة 1932.
- “الأحباس الإسلامية في المملكة المغربية” دراسة دقيقة وافية للأوقاف في المغرب مع مقارنتها بالأوقاف في بقية العالم الإسلامي -طبع بتطوان سنة 1935.
- “موقف الأمة المغربية من الحماية الفرنسية” عرض و تحليل لتاريخ الاحتلال الأجنبي في المغرب وكفاح الشعب المغربي للتخلص منه“طبع بتطوان سنة 1946 و قد ألحقت به بحوث ومقالات أخرى مترجمة.
ومن مؤلفاته بعد الاستقلال:
- التيسير في أحاديث التفسير (6 مجلدات)-طبع لبنان
- نظام الفتوى في الشريعة و الفقه.طبع ندوة ” الشريعة و الفقه و القانون “
- وغيرها
بعد حياة علمية حافلة توفي الشيخ يوم 10 ماي 1994 الموافق ل29 ذي القعدة 1414 هجرية رحمه الله رحمة واسعة.