الشوباني يقارب مفهوم ومهام المجتمع المدني بالمغرب في محاضرة بجهة الوسط

نظم قسم الهوية والعمل المدني بجهة الوسط لحركة التوحيد والإصلاح مساء الثلاثاء 09 دجنبر الجاري محاضرة تحت عنوان: “مفهوم ومهام المجتمع المدني بالمغرب ملف الصحراء وقضية فلسطين نموذجا”، استعرض فيها مفهوم المجتمع المدني ومقاربة اللحظة الفارقة، قراءة في تجارب الانتقال السلس نحو أنظمة سيادة القانون عبر أحداث سياسية نوعية ومهام المجتمع المدني.
وأبرز الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني سابقا، في كلمته أهمية مفهوم المجتمع المدني، وأوضح أن المجتمع المدني يستمد وظائفه من خمس محددات معيارية:
- إشباع الحاجات السياسية المرتبطة بصناعة القرار؛
- تنظيم أو تنشيط طوعي؛
- الوعي بالغاية؛
- اعتماد الحوار العقلاني بالاحتكام لسيادة القانون؛
- الانعتاق من العبوديات.
ورأى الشوباني أن غياب المحددات المعيارية بالجملة أو بعضها تصبح معها هذه الوظائف مختلة، ويصبح مفهوم العمل المدني مشوها، منبها إلى أن كل عمل لا يساهم في إشباع الحاجات السياسية لا يمكن أن ينطوي تحت مفهوم العمل المدني .
فالمجتمع المدني حسب، الشوباني، ليس مجرد جمعيات متخصصة في المبادرات الاجتماعية والاقتصادية، بل هو “مجتمع المبادرات السياسية” الذي يشكل قوة فعل سياسي مجتمعي متخصص في ترشيد أخلاق الدولة، محددا مهامه في تعزيز سيادة القانون، التنشئة على المواطنة، المساهمة في ترشيد أخلاق الدولة، تحقيق التوازن بين سلطة المجتمع وسلطة الدولة، تحفيز المواطنين على المشاركة في صناعة القرار العمومي، وتنظيم المقاومة المدنية لدفع الهيمنة والإقصاء والاستبداد.
وحول مفهوم الحكم الرشيد ومجالاته: أوضح الشوباني أن الحكم الرشيد هو عملية تقوم بموجبها المؤسسات العامة بتسير الشؤون العامة، وإدارة الموارد العامة، وضمان إعمال حقوق الإنسان وهذا يقتضي الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، سيادة القانون، المشاركة الفعالة، الشراكات المتعددة للجهات الفاعلة، التعددية السياسية، العمليات والمؤسسات الشفافة الخاضعة للمساءلة، وقطاع يتصف بالكفاءة والفعالية والشرعية.
مفهوم المواطنة: رأى أن المواطنة تكتسي أبعادا دينية، سياسية، حقوقية، قانونية، وثقافية.
مقاربة اللحظة الفارقة:
تعريف: مقاربة تحليلية تفسر كيفية تشكيل مسارات السلطة والشرعية عبر أحداث مفصلية تؤثر في الخيارات السياسية طويلة المدى.
وقد تعددت المدارس في تفسيرها، حيث يربط المفكرون الفرنسيون التحولات البنيوية بلحظات الانعطاف السياسي، وتبرز المدرسة الأنجلوكانية كيف تؤدي القرارات التأسيسية المتخذة في ظروف فارقة إلى مسارات يصعب تغييرها لاحقًا.
أما المدرسة العربية فتستعمل كمدخل تفسيري لفهم نشوء مسارات مؤسسية تستمر عقودا بفعل قرارات تأسيسية تعاد صياغة الحقل السياسي على ضوئها.
وقدم أمثلة على اللحظات الفارقة:
– إسبانيا: وفاة الديكتاتور فرانكو شكلت نقطة تحول دفعت النخب الإسبانية للبحث عن ترتيب جديد يجنب البلاد صراعًا داخليًا.
– جنوب إفريقيا: إطلاق سراح نيلسون مانديلا غير ميزان القوى في البلاد وفتح الطريق أمام المفاوضات لإنهاء الفصل العنصري.
– الصحراء المغربية: حيث رأى الشوباني في القرار الأممي 2797 نقطة انعطاف نحو تغيير منطق المعالجة في الإطار القانوني والسياسي الدولي للملف، حيث يُعتبر مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الإطار الوحيد الجاد والواقعي للتفاوض، ويرى فيه تحولًا استراتيجيًا في الخطاب الدولي وتعزيزًا للشرعية الدولية للمقترح المغربي.
وتشمل الآليات التي يتيحها القرار مغربيا :
– إقامة حكم ذاتي في الأقاليم الصحراوية ضمن السيادة الوطنية.
– القرار سيدفع الجهات الرافضة للتفاوض بدلاً من الجمود على خطاب المطالبة بالاستفتاء.
– القرار سيحفز على التنمية والاستثمار الدولي والوطني داخل الأقاليم الصحراوية.
– تقييد خطاب التشرذم من خلال التمهيد لمسار حكم ذاتي، ضمن أفق مغربي ومغاربي وحدوي.
ووقف على المآلات الاستراتيجية الكبرى وطنيا في :
– إقامة لا مركزية فعلية، وتعميم تعزيز مشاركة المواطنين في الحكم المحلي والمركزي.
– دولة قوية بحكم مركزي قوي وحكم ذاتي، وجهوية ذات مصداقية.
– ترسيخ الجهوية كأساس للنظام السياسي.
– تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي والإشعاع الإقليمي والدولي
وبالنسبة للمآلات الاستراتيجية الكبرى مغاربيا فبينها في :
– تحول نوعي في بيئة الثقة الإقليمية: استئناف مسار الحوار المغاربي.
– إعادة هندسة مفهوم الأمن الإقليمي المغاربي: إعادة تعريف وتطوير مفهوم الأمن الإقليمي المغاربي ليشمل جوانب متعددة.
– إرساء منظومة الأمن التنموي المغاربي: إقامة نظام أمني تنموي يركز على التنمية والاستقرار في المنطقة المغاربية.
– إطلاق مسارات الاندماج الاقتصادي الهادئ: تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول المغاربية من خلال مسارات هادئة ومستدامة.
– انتقال تأثير النموذج المغاربي: انتشار وتأثير النموذج المغاربي في المنطقة، مما يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية.
وأبرز المآلات الاستراتيجية الكبرى فلسطينيا:
– طوفان الأقصى ك “لحظة فارقة”: أعاد طوفان الأقصى تعريف الصراع بوصفه حرب تحرير وطنية وجودية لا مجرد مواجهة عسكرية ظرفية، وذلك في ظل حرب الإبادة الصهيونية والصمود الأسطوري في غزة.
– تحولات سياسية وأخلاقية وقانونية عالمية جديدة: تحمل أقصى ظروف حرب الإبادة الجماعية عن تثبيت معادلات سياسية وأخلاقية وقانونية جديدة في صراعه الوجودي من أجل دولته وحريته وكرامته، رغم الكلفة الباهظة.
– المجتمع الصهيوني كعبء على العالم: أثبتت حرب الإبادة الجماعية في غزة أن المجتمع الاستيطاني الصهيوني بسرديته اليهودية الصهيونية المشيخانية التلمودية بات عبئًا على الضمير الإنساني وعلى الغرب والملة اليهودية تحديدًا.
الأثار المباشرة:
– إعادة تعريف موازين القوة حيث أظهر الفلسطينيون قدرة قتالية وصمودا مجتمعيا أربك المنظومة العسكرية الإسرائيلية، وولد الحدث قناعة بأن الاحتلال لم يعد قادرا على حسم الصراع بالقوة وحدها.
– استعادة مركزية القضية الفلسطينية عالميا واعتبار الملف الفلسطيني صراعا ضد نظلم استعماري استيطاني وتزايد الاعتراف الشعبي والحقوقي العالمي بشرعية نضال التحرر.
– اهتزاز سردية الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وتراجع مكانته لذا حلفائه.
– تعززت مكانة المقاومة كفاعل مركزي قادر على البقاء والعمل رغم الظروف القصوى، كما أتبث المجتمع الفلسطيني قدرته على التماسك، مما عزز أسس الشرعية الدولية في التعامل مع القضية الفلسطينية
– تعبئة الرأي العام الإقليمي والعالمي لصالح القضية.
المآلات الاستراتيجية الكبرى وطنيا:
– إقامة لا مركزية فعلية، وتعميم تعزيز مشاركة المواطنين في الحكم المحلي والمركزي.
– دولة قوية بحكم مركزي قوي وحكم ذاتي، وجهوية ذات مصداقية.
– ترسيخ الجهوية كأساس للنظام السياسي.
– تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي والإشعاع الإقليمي والدولي.
المآلات الاستراتيجية الكبرى مغاربيا:
تحول نوعي في بيئة الثقة الإقليمية: استئناف مسار الحوار المغاربي.
– إعادة تعريف وتطوير مفهوم الأمن الإقليمي المغاربي ليشمل جوانب متعددة.
– إقامة نظام أمني تنموي يركز على التنمية والاستقرار في المنطقة المغاربية.
– تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول المغاربية من خلال مسارات هادئة ومستدامة.
– انتشار وتأثير النموذج المغاربي في المنطقة، مما يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية.
المآلات الاستراتيجية الكبرى فلسطينيا:
– أعاد طوفان الأقصى ك “لحظة فارقة تعريف الصراع بوصفه حرب تحرير وطنية وجودية لا مجرد مواجهة عسكرية ظرفية، وذلك في ظل حرب الإبادة الصهيونية والصمود الأسطوري في غزة.
– تحمل أقصى ظروف حرب الإبادة الجماعية عن تثبيت معادلات سياسية وأخلاقية وقانونية جديدة في صراعه الوجودي من أجل دولته وحريته وكرامته، رغم الكلفة الباهظة.
– أثبتت حرب الإبادة الجماعية في غزة أن المجتمع الاستيطاني الصهيوني بسرديته اليهودية الصهيونية المشيخانية التلمودية بات عبئًا على الضمير الإنساني وعلى الغرب والملة اليهودية تحديدًا.
كما بين دور المجتمع المدني المغربي في اللحظتين الفارقتين وطنيا وفلسطينيا:
بخصوص الدور الوطني في قضية الصحراء:
– تعميم الوعي: تعميم الوعي بالمنظور السيادي التنموي وتبسيط القرار الأممي رقم 2797 للمواطنين.
– تعزيز الثقة: المساهمة في تعزيز ثقة الشباب في مؤسسات المستقبل.
– تأهيل المجتمع: تأهيل المجتمع ثقافيًا لإنجاح خيار الحكم الذاتي.
وحدد الدور المغاربي في قضية الصحراء في :
– تطوير جسور التواصل مع المجتمع المدني المغاربي.
– هندسة مبادرات مغاربية عابرة للحدود..
– إنتاج سردية مغاربية تكاملية جديدة.
ووقف على دور المجتمع المدني المغربي في اللحظة الفارقة فلسطينيا:
مغربيا:
– تأهيل منظومة الأمن المعرفي الوطني.
– تعزيز قوة ترافع المجتمع المدني.
– تطوير مبادرات دعم إنساني تنموي مستدام.
مغاربيا:
– بناء جبهة مجتمع مدني مغاربية موحدة للدفاع عن فلسطين.
– صياغة خطاب مغاربي جديد حول العدالة ورفض الإبادة.
– إطلاق برامج بحثية ومبادرات قانونية مغاربية لدعم فلسطين.
وقد شكل هذا العرض خارطة طريق للفاعلين المدنيين ليكونوا بأدوارهم التفاعلية والمدنية والترافعية من أجل الدفاع عن القضيتين الوطنية والفلسطينية، والمساهمة في تفكيك السرديتين الصهيونية والانفصالية، إنه ما لم يتم تحديد عناصر هوية “مفهوم المجتمع المدني” لن نتمكن من ضبط وظائفه التاريخية والمعيارية، كما تشكلت في سياق تراكمي لحضارات بشرية متنوعة، أهمها الحضارتين الإسلامية والغربية، وكذا تحديد مهامه التي منها استمد تاريخيا تسميته ومبرر وجوده للانعتاق من العبودية والاستعباد.
ولابد أن يتوفر المجتمع المدني المغربي على الإمكان التاريخي المتجسد في جاهزيته الفكرية والتنظيمية والتواصلية، من جهة؛ وفي وجود البيئة الدستورية والقانونية والتنظيمية والإدارية الرسمية الداعمة لأدواره ووظائفه، من جهة أخرى؛ بما يجعله فاعلا رئيسيا في صناعة القرار العمومي، وشريكا أساسيا للدولة في بناء صرح الديمقراطية التشاركية والجهوية المتقدمة، كدعامات أساسية للمواطنة ودولة الحكم الرشيد، وفاعلا مؤثرا من أجل الوقوف أمام كل دعاوى الانفصال وتجزيء المجزأ وتفكيك المفكك، والكشف عن ضعف السرديتين الصهيونية والانفصالية، بما يضمن للشعبين المغربي والفلسطيني أحقيتهما في وحدتهما الترابية وإنهاء الاستعمار الإسباني من باقي الأراضي المغربية، والإحلال الصهيوني من أرض فلسطين كي ينعم الشعبان بالحرية والانعتاق.
إبراهيم حليم



