الشباب والثقافة البانية (2) – عبد الرحيم مفكير
أهمية الشباب:
- الدينية الروحية
- مرحلة القدرة والاستطاعة
- مرحلة التكليف
- مرحلة الاغتنام
- المادية العقلانية
- ثروة الشعوب
- محرك التنمية
- مقياس إحصائي
- الشباب والتحول المفاهيمي
- النظرة الإيجابية في مقابل النظرة السلبية
- رمز المقاومة في مقابل رمز الميوعة
- زمام المبادرة في مقابل التخلي واللامبالاة
- المسؤولية في مقابل الاستهتار
- الحرية والكرامة في مقابل الاستعباد والذل
- الإرادة في مقابل الطغيان
- المستقبل في مقابل الركون
- التجرد والإخلاص في مقابل التملق والخيانة
- الشباب والاعتراف الشعبي بمكانته
- الشباب والوزن المعرفي
- العلماء والشباب
- المقاومة والشباب والمعرفة
- إعادة الاعتبار للعلم والعلماء
- المعرفة بالحق والواجب
- الشباب موجه المعرفة البشرية
- الشاب المقاوم عالم وعارف وقاصد
- الشباب والمعرفة وسلطة التاريخ
- لوائح العار وتشريف الأبطال
- نظرة على حراك الشباب
- الشباب والبعد القيمي
- الشباب والقيم الإسلامية السمحة
- الشباب والتضامن
- الشباب رمز التحدي
- الشباب عالي الهمة
- الشباب والعفاف
- الشباب والعيش الكريم
- الشباب وقيم الفن والشعر والتعبير الراقي
- الشباب ناصر الأمة
وإذا ما طرحنا سؤال ما سبب تأخر الشعوب العربية عن الشعوب الغربية في القراءة؟
القراءة : وقفة إحصائية:
وإذا ما طرحنا سؤال ما سبب تأخر الشعوب العربية عن الشعوب الغربية في القراءة؟ يكون الجواب سريعا، بسبب قلة اهتمام الشعوب العربية بالقراءة، وتفيد الدراسات التي أوضحت أن الطفل الأمريكي يقرأ 13 كتابا في السنة بينما لا تتجاوز قراءة الطفل العربي15 صفحة في السنة كذلك سرعة القراءة التي يبلغ معدلها في الدول العربية مابين150 _170 كلمة في الدقيقة بينما تبلغ في الدول الغربية حوالى 250كلمة في الدقيقة. أما الاستيعاب تتساوى الدول العربية مع الغربية حيث تتراوح ما بين 45_50%. .
هل تتصورون ان متوسط القراءة في العالم العربي يوازي ستة دقائق في السنة للفرد الواحد ستة دقائق فقط !
– هل تصدقون بان كتابا واحدا يصدر لكل ربع مليون مواطن عربي سنويا بينما في المقابل يصدر كتاب لكل 15 الف مواطن في العالم المتقدم
– هل تتخيلون ان الناشر العربي لا يطبع اكثر من 3000 نسخة من الكتاب الواحد غالبا لأنه يعرف انه ان طبع اكثر من ذلك فسيعجز عن ان يجد من يشتريها
يذكر تقرير لمنظمة اليونسكو انه يصدر في مصر ما يقارب 1650 كتابا سنويا ,, بينما يصدر في بريطانيا ما يناهز 48000 كتاب في ذات الفترة , وفي روسيا ما يناهز 82000 كتاب
وفي الولايات المتحدة الامريكية ما يقارب 85000 لكن الكارثة الاكبر ان ما تطبعه دور النشر العربية مجتمعة من المحيط الى الخليج في كل عام لا يوازي نصف ما تطبعه المطابع الاسرائيلية في نفس الفترة .
احدى الدراسات الحديثة التي جرت في عام 2003 اشارت الى ان 50% من الجمهور الفرنسي بدا يعزف عن شراء الكتب ويتجه الى الانترنت كمصدر للمعلومات والمتعة
وعلى ضوء ذلك فقد اعلن وزير الثقافة الفرنسي حالة الطوارئ القصوى الطوارئ لأنه وجد منسوب القراءة في انخفاض , فنزل هو ومعه كبار الكتاب والمؤلفين في الشوارع والحدائق العامة والمراكز الثقافية والمكتبات العامة يقرؤون ويتحدثون مع الناس من حولهم عن القراءة والكتب في مهرجان اسموه مهرجان (( جنون المطالعة ))
ولنتصور الوضع في العالم العربي ! ما من شك بان الوضع اسوا بكثير عندنا وان الفرق شاسع بين عالمنا العربي والغرب في هذا الصدد.
يشير تقرير التنمية الانسانية العربية ان معدل الامية في العالم العربي هو الاعلى في العالم اجمع ,, حيث يصل الى 43% من اجمالي السكان وان الامية تنتشر بين الاناث في العالم العربي بشكل كبير جدا حيث تصل الى اكثر من 55%
وقد ذكر التقرير ايضا ان مجموع الكتب المترجمة الى العربية منذ عصر المامون وحتى الان نحو مائة ألف كتاب , وهو يوازي تقريبا ما تترجمه اسبانيا في عام واحد.
يقول عباس محمود العقاد :: إن القراءة لم تزل عندنا سخرة يساق إليها الاكثرون طلبا لوظيفة أو منفعة , ولم تزل عند أمم الحضارة حركة نفسية كحركة العضو الذي لا يطيق الجمود ”
تقول الاحصائيات أن 80% من الذين لا يقرؤون كتابا في الشهر يتذرعون بانه ليس لديهم وقت لذلك وهذا أمر غريب لأنه مثلما يجد المرء وقتا للطعام والشراب ومثلما يجد وقتا للتسوق ومشاهدة التلفاز وللجلوس مع الاصدقاء يمكنه لو أراد أن يجد وقتا للقراءة.
وأما أولئك الذين يقضون ساعات طوالا في النوم فهؤلاء لا يقبل منهم أصلا بان يعتذروا بقلة الوقت المتاح للقراءة
مفهوم القراءة واسع يعني القراءة في الواقع هي فك رموز، هذا الرمز قد يكون حرفاً ، قد يكون رقماً ، قد يكون هذه القراءة صورة الرمز صورة أو شكلاً من الأشكال أو ملموساً مثل طريقة برايل ليس جديداً عندما نقول أنه ليس هناك استبيان عالمي يتحدث عن قضية متوسط القراءة لدى الشعوب إلا وكانت أمة العرب في آخر درجات هذا السلم.
فتقارير وإحصائيات مذهلة أحياناً أنه ثمانية آلاف عربي يقرؤون كتاباً واحداً في السنة أحياناً، العرب الشعب المصري يقرؤون عشر دقائق أو تسع دقائق في اليوم، اللبنانيين يقرؤون عشر دقائق، السعوديون يقرؤون ست دقائق فقط .
فيما يتعلّق بالنشر يعني كتاباً واحداً يُنشر في العالم العربي لكل اثنا عشر ألف مواطناً، بينما هو كتاب واحد لكل خمسمائة مواطن في بريطانيا ، فهناك مشكلة كبيرة في النشر، كثير من الكتّاب لا يجدون من ينشر أو يطبع أو يُوزع لهم، هناك تراجع كبير في نسبة الكتاب، في سنغافورة ثلث الشعب السنغافوري مشترك كأعضاء في مكتبات بينما على حسب علمي لا يوجد عندنا عضوية أصلاً في المكتبات في عالمنا العربي ! ان ما سبق كاف جدا ليدرك القارئ حجم وأبعاد المشكلة في عالمنا العربي .
إنّ متوسط توزيع الكتب في المغرب لا يتعدّى ما بين 1000 و 1500 كتاب كمعدّل عام، وهذا عار في بلد يريد أن يجعل الثقافة تلعب دورا رياديا في المجتمع
وصعوبة السوق تأتي [من] أننا نصدِر 000 3نسخة سنويا لنحو 300 مليون عربي. أي اقل مما تصدره وتنشره فنلندا، البلد الصغير وحدها.
نتاج الكتب في العالم العربي هو % 1,1 من الإنتاج العالمي
ينزل بالنسبة للكتب الأدبية والفنية 0’8 % من الإنتاج العالمي فعدد الكتب الأدبية والفنية سنة 1996 مثلا هو: 1945(وهو أقل مما أنتجته تركيا التي لا يتعدى سكانها ربع سكان العالم العربي)والحال أن نسبة العرب من سكان العالـم 5%.
الواقع المغربي والعربي عامة لا يبشر بخير في هذا المجال، فقد أشار التقرير المذكور إلى أن التجهيز مازال دون المعدل العالمي بكثير (18 حاسوبا لكل ألف مواطن في العالم العربي، مقابل معدل عالمي يصل إلى 78.3 حاسوب، ولا يتجاوز عدد مستعملي الأنترنيت 1.6 من كل ألف)، ووتيرة التغيير ضعيفة جدا.
التقرير الثاني لسنة 2003 المخصص لدور المعرفة في التنمية، الصادر تحت عنوان فرعي: “نحو إقامة مجتمع المعرفة”ـ أرقاما صادمة مذهلة سواء.
فيما يتعلق بضآلة الاعتمادات المخصصة للبحث العلمي (2% من إجمالي الدخل، أغلبها مخصص للرواتب)، أو عدد ما يترجم إلى اللغة العربية من كتب باعتبار الترجمة مؤشرا للانفتاح على العالم (4.4 كتاب لكل مليون نسمة، مقابل 519 في المجر، و 920 في إسبانيا. ص24)، أو نسبة ما يصدر فيه من كتب قياسا إلى نسبة سكانه عالميا كما سيأتي. أو ما يتعلق بنسبة الأمية.
نتائج عزوف الشباب عن القراءة:
فقدان إرادة التغيير
انعدام الفكر النقدي
شيوع الانحرافات الخلقية.
كيف نخطط لمشروع ثقافة بانية ؟
يتحدد مفهوم (الثقافة البانية) في أن الإيمان بالإسلام عقيدةً سمحةً وثقافةً بانيةً وحضارةً إنسانيةً ومنهجاً للحياة، والتأكيد على ما يمثّله الإسلام من قوة روحية وأخلاقية وثقافية وحضارية كان لها، ولا يزال، إسهامٌ بَنَّاءٌ بالغ الأهمية في إثراء الحضارة الإنسانية، والوعي بالعُرَى الوِثاق التي تجمع شعوب الأمة الإسلامية المتمثلة في وحدة العقيدة والقيم الروحية والأخلاقية والثقافية المشتركة
: قوةٌ للبناء الحضاري، وأداةٌ للتعايش والتفاهم بين الشعوب، ووسيلةٌ لإقرار السلم والأمن في العالم. وتلك رسالة ثقافية ذات أبعاد حضارية إنسانية.
ومن خلال هذا المنظور، فإنّ الثقافة في نطاق التجديد، هي :
– الثقافة البانية للإنسان وللحضارة.
– الثقافة الموحِّدة للكيان وللأمة.
– الثقافة الحضارية للبناء وللعمران.
– الثقافة القوية للحفاظ على الذات والهوية.
إذن الثقافة البانية : التعبير عن مدى التقدم والرقيّ في مختلف جوانب الحياة البشرية ومجالاتها، وإبراز ما يبدعه الإنسان من خلال تفاعلاته مع الوجود المحيط به والذي سخّره اللَّه له، ولترشيد عقيدته وقيمه الإنسانية، وإبراز الخصائص الكامنة فيه، من فكر، وسلوك يَتَوَاكَبُ مع الواقع الذي يعيشه الفرد والمجتمع، وفق معايير ومضامين إسلامية تنبع من العقيدة الإسلامية الخالصة.
الثقافة البانية تتسم أساساً بسمتين : سمة الثبوت فيما يتعلق بالمصادر القطعية، وما جاءت به من عقائد وتشريعات وقيم ومناهج، وسمة التغيير فيما يتعلق باجتهادات المسلمين وإبداعاتهم القابلة للصواب والخطأ، وبالتالي الاختلاف، فالجانبُ القطعيُّ في الثقافة العربية الإسلامية، يتسم بما يتسم به الإسلام من خصائص بصفته ديناً ومنهجاً للحياة، وتتجلى هذه الخصائص في : العالمية، والشمولية، والوسطية، والواقعية، والموضوعية، والتنوّع في الوحدة.
لا يتأتّى للثقافة البانية أن تمتلك القوة والمناعة، وتنهض بهذه المسؤولية على الوجه المرغوب فيه، إلاَّ إذا توفّرت لها ثلاثة شروط تعتبر من مصادر القوة في الثقافة العربية الإسلامية، ومن أسس النهضة الثقافية، ومن العناصر الأساس لبنية الثقافة العربية الإسلامية :
أولاً : أن تكون الثقافة ذات مرتكزات تستند إليها ومبادئ تقوم عليها، فلا تكون ثقافة منبتّة الجذور، لا هوية لها تُعرف بها، ولا خصائص لديها تميّزها
ثانياً : أن تكون الثقافة ذات أفق مفتوح ورؤية شاملة، لها قابليةٌ للتفاعل مع الثقافات الأخرى، ولها استعدادٌ كامنٌ في أصولها للتعامل مع الثقافات الإنسانية من هذه المنطلقات.
ثالثاً : أن تكــون الثقافة ذات منحى إنساني تتخطَّى به المجال المحلّي أو الإقليمي، إلى الآفاق العالمية، من دون أن ينال ذلك من خصوصيتها، أو يؤثّر في طبيعتها، فتكون بذلك ثقافة تَوَاصُل بشري، وتَحاوُرٍ إنساني، وثقافة تفاهم يؤدّي إلى التعايش بين الأمم، وثقافة تعاونٍ يحقق التضامن بين الشعوب.
بتوافر هذه الشروط لا تكتسب الثقافة الإسلامية البانية القوةَ والمناعة فحسب، ولكنها تكتسب إلى ذلك القدرةَ على السموّ والرقيّ، لأن الثقافة القوية القادرة على البناء، هي تلك الثقافة التي تسمو بالإنسان إلى المقام الأرفع والمكانة الأسمى. وكما يقول الرئيس علي عزّت بيجوفيتش، فإن حامل الثقافة هو الإنسان، وحامل الحضارة هو المجتمع، ومعنى الثقافة، القوةُ الذاتية البناءة، أما الحضارة فهي قوةٌ على الطبيعة عن طريق العلم. إن الثقافة تميل إلى التقليل من احتياجات الإنسان، أو الحدّ من درجة إشباعها، وبهذه الطريقة تُوسّع في آفاق الحرية الداخلية للإنسان. وتلك هي القوة الروحية والنفسية والعقلية التي تمكّن الإنسان أن يمارس وظائفه في الحياة على النحو الذي يرضي خالقه أولاً، ثم يرضي نفسه بعد ذلك.
ولقد حدّد المفكّر مالك بن نبي أربع دعائم تقوم عليها الثقافة الإسلامية، هي :
أ) الدستور الأخلاقي.
ب) الذوق الجمالي.
ج) المنطق العملي.
د) الصناعة أو التقنية.
أن يكون مثقفاً باتباع وسائل عديدة معيّنة تزيد من معلوماته وتجعله بحراً من المعرفة ومصدراً لها. وسائل لزيادة الثقافة القراءة: المصادر التي يمكن القراءة منها فهناك الكتب، والمجلات وهناك الإنترنت الّذي يحوي كل ما يمكن البحث عنه، وللحصول على أكبر قدرٍ ممكن من المعلومات والمعرفة يفضل قراءة المواضيع البعيدة عن التخصص الدراسي والمهني. متابعة الأخبار: متابعة الأخبار بكافة ألوانها وأنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية هي وسيلة مهمّة لزيادة الثقافة، ولا يتوقف الأمر فقط عند سماع الخبر المهم بل يجب الانطلاق منه ومن أي خبرٍ ملفت وقراءة الكثير من المعلومات عنه. تقبل الرأي الآخر: عند سماع الرأي الآخر المخالف للرأي الشخصي، فإنّ هذا يفتح باباً ومجالاً للنقاش والاستفادة من خبرة الرأي الآخر حول هذا الأمر والاستماع للمعلومات الّتي يحملها، وبهذا تصبح للشخص معرفة ودراية بطريقة تفكير الآخرين، وتعلم كيفية إدارة الحوار وتقبل الرأي المخالف.
تنوع المصادر: الاعتماد على مصدرٍ واحدٍ للقراءة أو للثقافة يبقي تفكير الشخص ضمن حدود فكرية معينة ومحددة، في المقابل الاعتماد على مصادر متنوّعة للقراءة يتيح للشخص التعرّف على طرق وأساليب تفكير جديدة، كما يوسّع المجال الإدراكي والذهني عنده ويطلق العنان لتفكيره وصقل دماغه. استغلال الوقت: يمكن استغلال الوقت الضائع في قراءة ما يمكن الاستفادة منه، أو في الاستماع أو مشاهدة فيلم ما، فمن الجميل عند الذهاب إلى العمل قراءة جزء من رواية أو كتاب ما. المشاركة في الندوات والمحاضرات: هناك العديد من المؤسسات الّتي تعقد ندواتٍ ومحاضراتٍ إرشادية وتثقيفية حول موضوعٍ معيّن فلا بأس من حضورها والمشاركة فيها. الاستمرار: الاستمرار في القراءة والتوسع في البحث عن مصادر الثقافة المختلفة، ومتابعة كل ما هو جديد ومشاركة الآخرين نقاشاتهم كل هذه الأمور تزيد من مجال المعرفة والمعلومة والثقافة كما أنها تحسّن وتطوّر من سلوك الفرد ورقي المجتمع.
إن شرط الانبعاث الحضاري والانطلاقة الشاملة، هو التغيير الثقافي. ولكي تمارس الثقافة البانية دورها المأمول في هذا الإطار، نحن بحاجة إلى التجديد الثقافي والفكري الذي يزيل عن عقولنا ونفوسنا كل رواسب التخلف، التي تمنع تفاعلنا الخلاق.