الرسالية عند التوحيد والإصلاح، خاصية فارقة لمشروعها الإصلاحي
اتخذت حركة التوحيد والإصلاح الرسالية منهجا لها، تلخص في : “الإسهام في إقامة الدين وتجديدِ فهمه والعمل به؛ على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة، وبناء نهضة إسلامية، رائدة وحضارة إنسانية راشدة؛ من خلال حركة دعوية تربوية وإصلاحية معتدلة وشورية وديمقراطية، تعمل وفق الكتاب والسنة. وتعتمد الحركة أساسا إعداد الإنسان وتأهيله، ليكون صالحا مصلحا في محيطه وبيئته. كما تلتزم منهج التدرج والحكمة والموعظة الحسنة، والتدافع السلمي، والمشاركة الإيجابية، والتعاون على الخير مع غيرها من الأفراد والهيئات”.
ويمكن القول بأن التأسيس الرسمي لمنطق “الرسالية” بدأ مع الوحدة الاندماجية التي كانت سنة 1996 بين تنظيمين إسلاميين كبيرين هما “رابطة المستقبل الإسلامي” و “حركة الإصلاح و التجديد”ن والتي أسفرت عن تأسيس ” حركة التوحيد والإصلاح”، حيث تم الخروج من منطق التنظيم الجامع كإطار للانتماء والحشد، إلى منطق “التنظيم الرسالي” كإطار للفعل والتعاون والتكامل بين مجموعة من “التخصصات” التي تشترك مع الحركة في مشروعها وأهدافها، والمستقلة عنها تنظيميا، وهكذا لم يعد العمل مرهونا بعدد الأعضاء الجدد الذين ينضافون إلى التنظيم، بقدر ما هو مرهون بالأثر الدعوي والحضاري في المجتمع ومؤسسات الدولة، أما الاستيعاب التنظيمي لمن هو مؤهل للانخراط في هذا المشروع الإصلاحي، فيأتي تبعا لذلك.
فالرسالية هي الخاصية الفارقة والمميزة للمشروع الإصلاحي الجديد، وهي تعني: الحضور الفعال والإيجابي في مختلف الأوساط، والتعاون مع الهيآت الرسمية والشعبية من أجل جبهة تسعى إلى تعميق التدين في حياة الناس، وهو ما نعبر عنه “بإقامة الدين”، كما أن المفاهيم المؤصلة لها تشكل بدورها خصائص مميزة لحركة التوحيد والإصلاح، وقناعات محفزة على تمثل الرسالية وهي:
1 – مفهوم الجماعة
2 – إشكالية إسلامية الدولة
3 – القضية الإسلامية و المجتمع
4 – الشمولية في الإسلام.
وممن كتبوا في مفهوم “الرسالية” الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح الأستاذ المهندس محمد الحمداوي، وكان كتابه “الرسالية في العمل الإسلامي: استيعاب ومدافعة” وثيقة مهمة من وثائق العمل الإسلامي في المغرب، فالرسالية بالنسبة له هي سمة أساسية للمشروع الإصلاحي لحركة التوحيد والإصلاح، ويقصد بها السعي الحثيث والقوي من أجل إقامة الدين وإشاعة قيم التدين في المجتمع بأنحائه المختلفة، بدل الاشتغال بقضايا سياسية أو جزئية لا تعود بالفضل المباشر أو غير المباشر على مشروع التدين، وهي من لوازم فكر المشاركة والمخالطة الإيجابية، وأيضا من لوازم الاختيار الاستراتيجي الكبير الذي اختارته حركة التوحيد والإصلاح وهو إقامة الدين بدل إقامة الدولة.
وهكا نجد أن الرسالية عند الحركة، متضمنة في وسائلها، وفي تنظيمها وفي منهجها.
فقد اعتبر الحمداوي أن وسائل الحركة رسالية لأنها تكلمت عن الإنسان الصالح والمصلح ليضمن الامتداد لهذا الانبعاث.
وتتمثل رساليتها في التنظيم من خلال دور الحركة بالإسهام في إقامة الدين ما يجعل التنظيم أداة وظيفية للتعاون على الدعوة والتربية على تكوين الأعضاء تكوينا رساليا يجعلهم قادرين على المشاركة في إقامة الدين حيثما حلوا وارتحلوا بعيدا عن منطق الطائفية ” وحدة المشروع عوض وحدة التنظيم” .
فيما تلتزم الحركة الرسالية في منهجها ب: 1 – التدرج 2 – الحكمة والموعظة الحسنة 3 – التدافع السلمي4 – المشاركة الإيجابية 5 – التعاون مع الغير على الخير.
إن الرسالية في وثائق الحركة هي كل ما يتم بذله فكريا وعمليا من أجل تمليك فكرتها للمجتمع؛ وهو ما يقتضي مناقَضتها المبدئيةَ والمنهجية لكل منزع طائفي قريب أو بعيد، أو تقوقع على الذات، أو تمركز حولها، وهي المناقض الموضوعي لفكرة تنصيب الجماعة في مقابل المجتمع، بالإضافة إلى أن مفردات مشروعها التنظيمية والإدارية، بل وحتى على مستوى الأفكار والرؤى، تتحول كلها إلى أدوات وظيفية ووسائل للتعاون على الدعوة والإصلاح، من أجل حسن الإسهام في “إقامة الدين”.
إن إضفاء الطابع الرسالي على أعمالها لهو بحق الأساس لاستمرارها، والإطار العام لكل أعمالها، حملا للرسالة وأداء للأمانة، رسالة الدين وأمانة العمل به والدعوة إليه.
س.ز / الإصلاح