الرجاء في الله – إدريس أوهنا
كلما تأملت فيما يجري تجاذبني نازعان:
نازع – أقول بصراحة- يغلب عليه التشاؤم، يرى البشرية قد توحشت، وتمادت في غيها وطغيانها وما ارعوت.. وأن أكثر الناس، بعد رفع البلاء إن شاء الله، سيعودون من جديد إلى فجورهم وفسوقهم ومجونهم وجحودهم وظلمهم، من غير اعتبار ولا اذكار.. جامعين ما تفرق من صنوف الفجور في الأمم الغابرة، كما هو حالهم اليوم، بل زادوا عليه ما لم يكن ليخطر على بال، او يرتسم حتى في الخيال مما لا تخطئه العين او الأذن – للأسف- في جميع الأقطار والأمصار من غير حياء ولا إنكار، وواقع الحال يغنيني عن إيراد الصور والمثال.
وفي سياق هذا النازع التأملي يحضرني قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” ما نزل بلاء إلا بمعصية، وما رفع إلا بتوبة “.. فأزداد ألما وحسرة على استمراء القوم للمعاصي لحد المجاهرة والتبجح والإعلان، وإعراضهم عن التوبة النصوح لحد البلادة والتبلد والطغيان.
ونازع ثان يبعث على التفاؤل، ويسلي النفس بالتغافل، مذكرا إياها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك” متفق عليه.
وأن المهم أن نكون من هذه الطائفة، مستمسكين بالحق، داعين إليه، سائلين الله الثبات وحسن الخاتمة، وأن هذه الدنيا ما هي إلا قاعة امتحان كبرى، ينجح فيها الناجحون، ويرسب فيها الراسبون، ومن أجل مرضاة الله في الآخرة الباقية فليعمل العاملون.
وبين هذا وذاك، يتملكني الشعور بالحنق تارة، وبالرجاء تارة، وكلما فزعت إلى القرآن غلب علي داعي الرجاء، واطمأن القلب إلى رحمة وعدالة رب الأرض والسماء.