الحركة بإقليم البرنوصي سيدي مومن تنظم محاضرة بعنوان “الحياة الطيبة بالمقدسات”
نظم إقليم البرنوصي سيدي مومن يوم الخميس 29 ذو القعدة 1445 هـ الموافق 06 يونيو 2024 محاضرة بعنوان “الحياة الطيبة بالمناسك” عبر منصة زووم أطرها الأستاذ عبد الرحيم مفكير، وذلك بمناسبة الأيام العشر الأوائل من شهر ذو الحجة.
وفي كلمته، بيّن مفكير أن الحياة الطيِّبة مطلب عظيم وغاية نبيلة؛ بل هي مطلب كل الناس وغايتهم التي عنها يبحثون، وخلفها يركضون، وفي سبيلها يضحون ويبذلون؛ فما من إنسان في هذه الحياة إلا وتراه يسعى ويكدح ويضني نفسه ويجهدها؛ كل ذلك بحثا عن الحياة الطيِّبة، وطمعا في الحصول عليها، والناس جميعا على ذلك متَّفقون، ولكنَّهم يختلفون في سبل هذه الحياة الطيِّبة وفي نوعها ومسالكها.
وتبعا لذلك فإنهم يختلفون في الوسائل والسبل التي توصلهم إلى هذه الحياة إن وصلوا إليها، مختلفون على كافَّة مستوياتهم؛ كانوا أمما أو شعوبا، أو مجتمعات صغيرة أو كبيرة، بل حتى الأسرة الواحدة تجد فيها ألوانا شتى في فهم معنى الحياة الطيبة، و للناس في كل زمان أفهام حول هذه الحياة الطيبة، وهم تبعا لذلك أصناف؛ فمنهم من يرى الحياة الطيِّبة في كثرة المال وسعة الرزق، ومنهم من يراها في الولد أو في المنصب أو في الجاه، لكن الله تعالى قد حدَّد لنا مفهوم الحياة الطيِّبة وسبيلها في كتابه الكريم، فقال: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]. ولذلك السعادة الحقيقة والحياة الطيِّبة تكون بالقرب من الله، ملك الملوك، وجبَّار السماوات والأرض، الأمر أمرُه، والخلق خلقه، والتدبير تدبيره.
وأضاف المتحدث أن الإنسان المُعرِض تجده دائما في قلق وفي تعَب، وتجد ألذ الناس بالشهوات أكثرهم آلاما نفسية، وأكثرهم ضجرا بالحياة، كما تجد أغنى الناس أتعسهم في الحياة؛ لماذا؟ لأن اللهَ جعل راحةَ الأرواح بالقرب منه، وجعل لذة الحياة بالقرب منه، وجعل أُنس الحياة في الأنس به سبحانه والصلاة الواحدة يفعلها الإنسان من فرائض الله فبمجرَّد ما ينتهي من ركوعه وسجوده وعبوديَّته إلى ربه، بمجرد ما يخرج من مسجده، يحس براحة نفسية، والله لو بذَل لها أموالَ الدنيا ما استطاع إليها سبيلا.
وأوضح المحاضر أن الحياة الطيبة تحرير للنفس من قيود المادة وأغلال الشهوات، ثم تسبيحها في ملكوت الأرض والسموات وسمو الإنسان عن حاجات جسده الفاني دون أن يهملها، والاستجابة لحاجات نفسه الخالدة دون أن ينسى حقوقَ الآخرين والحياة الطيبة لا تتراجع بتراجع صحة الجسد، ولكنها تتزايد بتزايد إقبال النفس على ربها.
وأن الحياة الطيبة لا تضمنها أعراض زائلة كالمال والسلطان، ولكن يَضمنها رب كريم، ومن بيده مقاليد السماوات والأرض والناس أجمعين وفوق ذلك فالحياة الطيبة.. راحة بال وعافية بدن، وتوافر حاجة وسمو مكانة، وطيب زوجة وصلاح ذرِّية؛ ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: 97] بالقناعة؛ والقناعة كنز لا يفنى؛ (ارضَ بما قسَم الله لك، تكن أغنى الناس)، موضحا أن من قنعه الله بما قسم له من رِزق، لم يَكثر للدنيا تعبه، ولم يعظُم فيها نَصَبه، ولم يتكدَّر فيها عيشه باتباعه ما فاته منها، وحرصه على ما لعلَّه لا يدركه فيها، ومن عمل بطاعة الله عز وجل وهو مصدِّق بثواب الله عز وجل وعقابِه جلَّت عظمته، ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: 97].
وأشار أن الحياة الطيبة فيها الاتصال بالله، والثِّقة به، والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه، وفيها الصحَّة والهدوء، والرِّضا والبركة، وسكَن البيوت، وفيها الفرح بالعمل الصَّالح، وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة، وليس المال إلَّا عنصرا واحدا يكفي منه القليل، حين يتَّصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله.
وتتجلى الحياة بالمقدسات، حسب مفكير، بأداء الحجاج مناسك الحج كما أمر الله تعالى وأوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال في حجة الوداع “خذوا عني مناسككم” وزيارة الأماكن المقدسة في المدينة المنورة أيضا كما أشار الى وجوب زيارة المسجد الأقصى والذي نسأل الله تعالى بأن يعجل في تحريره من يد الصهاينة.
توفيق الابراهيمي