الحركة بإقليم البرنوصي سيدي مومن تنظم الإفطار السنوي
نظم المكتب الإقليمي البرنوصي سيدي مومن في إطار أنشطته التربوية الرمضانية الإفطار التربوي السنوي يوم الخميس 17رمضان 1445 الموافق 28 مارس 2024 بالمقر الجهوي عين السبع.
وقد تميز الإفطار بعد الافتتاح بالقرآن الكريم من طرف الأخ عبد الرحمن أشبنات بكلمة لمسؤول الإقليم الأستاذ مصطفى لعنبيري رحب فيه بالحضور، وذكّر بسياق تنظيم هذا الإفطار كما أشار الى ما يعانيه إخواننا في غزة من تجويع وتقتيل وحصار من طرف العدو الصهيوني ومن يدعمه، كما ذكر مجموعة من المستجدات الوطنية والإقليمية.
بعد ذلك أعطيت الكلمة للدكتور إسماعيل حفيان الذي تطرق للدرس المركزي في موضوع : “فقه النصر والتمكين في القرآن الكريم”، حيث بيّن بأن فقه التمكين يعني دراسة أنواعه وشروطه وأسبابه ومراحله وأهدافه ومعوقاته ومقوماته، من أجل رجوع الأمة إلى ما كانت عليه من السلطة والنفوذ والمكانة في دنيا الناس، وتطبيق شرع الله عز وجل، وان النصر والتمكين للمؤمنين له وجوه عدَّة، وصور متنوعة من أهمها تبليغ الرسالة، وهزيمة الأعداء، وإقامة الدولة.
ومن أنواعه تمكين الله تعالى للدعاة بتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، واستجابة الخلق لهم، ومن أمثلة ذلك: أصحاب القرية، وأصحاب الأخدود، وتمكين الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتبليغ الرسالة في مكة، وهلاك الكفار ونجاة المؤمنين ونصرهم في المعارك، كالذي حدث في قصة نوح عليه السلام مع قومه، وموسى عليه السلام مع قوم فرعون، وطالوت مع جالوت، ونبينا صلى الله عليه وسلم في مغازيه كبدر وغيرها..
وأشار الدكتور الى أن من سنن الله الماضية في المجتمعات والشعوب والأمم سُنَّة إنجاء المؤمنين المصدقين من أوليائه، المعترفين برسالة رسله وأنبيائه، وإهلاك الكافرين المكذبين لهم من أعدائه، وأن هذه السنن الربانية ثابتة في الكون وتقع على الإنسان في كل زمان ومكان، وسنة التدافع من السنن التي تتعلق بالتمكين تعلقًا وثيقًا، وهي من أهم سنن الله في الشعوب والأمم.
وقال بأن تولي أهل التوحيد والإيمان أعباء الحكم لدولة غير مؤمنة نوع من أنواع التمكين، وقد أشار القرآن الكريم لهذا النوع من التمكين في قصة يوسف عليه السلام، ولقد شاركت بعض الحركات الإسلامية حكوماتها في الحكم، وحققت إنجازات مهمة للإسلام، من أهمها: (تجربة اليمن، والأردن، وتركيا).
ومن أنواع التمكين التي ذكرت في القرآن الكريم وصول أهل التوحيد والإيمان الصحيح إلى سدة الحكم، وتوليهم لمقاليد الدولة، كما حدث لداود وسليمان عليهما السلام وذي القرنين، وإن الاستخلاف في الأرض والتمكين لدين الله، وإبدال الخوف أمنًا وعد من الله تعالى متى حقق المسلمون شروطه. إن من شروط التمكين تحقيق الإيمان بكل معانيه وجميع أركانه، وممارسة العمل الصالح بكل أنواعه، والحرص على كل أنواع الخير وصنوف البر.
وإن من شروط التمكين لدين الله تحقيق العبادة في دنيا الناس، وعلى المسلمين أن يفهموا حقيقة العبادة في القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم، وأن يعملوا على نشر مفهوم العبادة الصحيح في شرايين الأمة، حتى تخرج من الأوهام والمغالطات والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن شروط التمكين المهمة، محاربة الشرك بجميع أشكاله وأنواعه، ولذلك على الجماعة المسلمة والتي تسعى لتحكيم شرع الله تعالى أن تعرف حقيقة الشرك وخطره وأسبابه وأدلة بطلانه وأنواعه، وأن تنقِّي صفها منه بكل الأساليب الشرعية، ولا يمكن للإنسان أن يحذر من الشرك وأن يحذِّر غيره إلا إذا عرفه وعرف خطره، و تقوى الله عز وجل، لأن تقوى الله تعالى لها ثمرات عظيمة في الدنيا والآخرة، وهذه الثمرات تظهر على الأفراد والمجتمع الذي يسعى لتحكيم شرع الله والتمكين لدينه.
وقال أيضا بأن الأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى التمكين أمر أرشدنا إليه القرآن الكريم، وحثنا على الأخذ بها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وقد أمر الله تعالى بالإعداد الشامل فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:60]. والإعداد في حقيقته أخذ بالأسباب، ومن أهم السنن الربانية التي ترتبط بعلاقة مباشرة مع سنن التمكين سنة الأخذ بالأسباب، ولذلك يجب على الأفراد والجماعات العاملة للتمكين لدين الله من فهمها واستيعابها وإنزالها على أرض الواقع.
إن العمل بسنة الأخذ بالأسباب من صميم تحقيق العبودية لله تعالى، وهو الأمر الذي خلق له العبيد، وأرسلت به الرسل، وأنزلت لأجله الكتب، وبه قامت السماوات والأرض، وله وجدت الجنة والنار، فالقيام بالأسباب المأمور بها محض العبودية، وإن أسباب التمكين تنقسم إلى نوعين: (أسباب معنوية، ومادية).
ومن أهم الأسباب المعنوية: إعداد الأفراد الربانيين، والقيادة الربانية، ومحاربة أسباب الفرقة، التي من أهمها: الابتداع، والجهل، واتباع الهوى، وتحكيم العقل وتقديمه على النصوص، ومخالفة منهج أهل السنة في النظر والاستدلال، ومن أسباب التمكين المعنوية الأخذ بأصول الوحدة والاتحاد والاجتماع المتمثلة في وحدة العقيدة، وتحكيم الكتاب والسنة، وصدق الانتماء إلى الإسلام، وطلب الحق والتحري في ذلك، وتحقيق الأخوة بين أفراد المسلمين.
ومن أسباب التمكين المادية يضيف المتحدث، الاهتمام بمبدأ التفرع والتخصص، ومراكز البحوث، والتخطيط والإدارة، والاهتمام بالقوة الاقتصادية، والإعداد الإعلامي. – إن التمكين لدين الله في الأرض يمر بمراحل لا بد منها وهذه المراحل هي: مرحلة التعريف، ومرحلة الإعداد والتربية، ومرحلة المغالبة، ومرحلة الظهور.
وذكر أن رسل الله الكرام عليهم أفضل الصلوات والسلام عندما بلغوا رسالات الله إلى أقوامهم اختاروا من الناس من استجاب لدعوتهم، وغرسوا في نفوسهم المعاني الإيمانية والأخلاق الربانية، حتى استطاعوا أن يحملوا معهم دعوة الله إلى الناس وإن عدة القائمين على مرحلة الإعداد والتربية أمور كثيرة من أهمها: الخبرات والتجارب، وأن يكون القائمون أصحاب سياسة حكيمة.
وأكد المتحدث أنه في مرحلة الإعداد والتربية يهتم المشرفون عليها بغرس صفات جيل التمكين في نفوس العناصر التي اختيرت لهذه المرحلة. إن سنة الابتلاء مرتبطة بالتمكين ارتباطًا وثيقًا، فلقد جرت سنة الله تعالى ألا يُمكن لها إلا بعد أن تمر بمراحل الاختبار المختلفة، وبعد أن ينصهر معدنها في بوتقة الأحداث، فيميز الله الخبيث من الطيب، وإن مرحلة المغالبة هي مرحلة التركيز والتخصيص، لسد ثغرات العمل الإسلامي كله، من حيث الكم ومن حيث النوع، ومن حيث الاستجابة لكل متطلبات الدعوة وأعبائها.
وختم الدكتور حفيان بأن بناء القاعدة الصلبة على أسس من منهج أهل السنة والجماعة يدخل ضمن الطائفة المنصورة، التي تتحرك بهذا الدين على جميع الثغرات ومن صفاتها من خلال الأحاديث الصحيحة هي: أنها على الحق، وأنها قائمة بأمر الله، وأنها تقوم بواجب الجهاد والقتال في سبيل الله، وأنها المجددة للأمة أمر دينها، وأنها ظاهرة إلى قيام الساعة، وأنها صابرة.
وشدد على أن مرحلة التمكين، هي ذروة العمل الإسلامي المنظم، وهي تمثل الثمرة الناضجة من الجهود التي بذلت في المراحل التي سبقتها وإن بشائر العودة إلى التمكين ومظاهره بدأت مع الحركات الإسلامية منذ قرنين ماضيين، وتوارثت الأجيال الحاضرة تلك التجارب التي تركت لنا معالم في فقه التمكين، ومن أهم هذه الحركات حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة العربية، وحركة الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي في الهند، ومن أهم أهداف التمكين: إقامة المجتمع المسلم، ونشر الدعوة إلى الله.
بعد ذلك تمت المناقشة وتعقيب الدكتور وتم الختم بأداء صلاة المغرب وتناول وجبة الإفطار في جو أخوي والختم بالدعاء الصالح.
وقد كان الإفطار السنوي فرصة لتجديد العهد الدعوي مع الله تعالى، وتعميق الروابط الأسرية، وصلة رحم الأخوة الدعوية.
توفيق الابراهيمي