“التوحيد والإصلاح” تطالب بتعزيز القيم في المدارس وترفض اختراق التطبيع للمناهج

جددت لجنة التعليم لحركة التوحيد والإصلاح دعوتها وزارةَ التربية الوطنية إلى تعزيز القيم الإسلامية والوطنية في المناهج وفي الوسط المدرسي، رافضة إقحام التطبيع مع الصهيونية وكيانها المحتل في المجال التربوي تحت ذريعة التنوع المغربي.

ونبه بيان لجنة التعليم لحركة التوحيد والإصلاح حول “الدخول المدرسي والجامعي (2023-2024)” إلى تنامي اختراق بعض القضايا الغريبة عن قيم المغاربة لبعض الكتب المدرسية خصوصا في مدارس البعثات أو القطاع الخاص.

وأكدت حركة التوحيد والإصلاح على أن إصلاح التعليم العالي ينبغي أن يتجاوز الإجراءات والتسميات الشكلية وينفذ إلى الجوهر، في احترام تام لخصوصيات وأولويات كل تخصص، في ارتباط بحاجيات المجتمع ومتطلباته.

وفي ما يلي النص الكامل للبيان:

بيان الدخول المدرسي والجامعي (2023-2024)

في إطار متابعة حركة التوحيد والإصلاح لقضايا الهوية والقيم، وجريا على السنّة التي انتهجتها مع كل دخول مدرسي وجامعي؛ تدارس المكتب التنفيذي للحركة موضوع الدخول المدرسي والجامعي للموسم الجاري (2023-2024)، الذي جاء في ظروف خاصة تمثلت أساسا في:

-انصرام أكثر من نصف المدة المخصصة لإصلاح التعليم، التي توافقت عليها مكونات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وتُرجمت في الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، وتَبلورت في القانون الإطار رقم 51.17، دون أن تنعكس الإجراءات المتخذة إلى حدود اليوم على واقع منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بشكل واضح إيجابي، أو تتناسب مع آمال المغاربة وتطلعاتهم للإصلاح التربوي؛

– تأثير موجة الغلاء على غالبية الأسر المغربية، حيث أصبحت تكاليف المعيشة والتعليم بمختلف مراحله تشكل هاجسا ماديا كبيرا أمامها، سواء تعلق الأمر بالتعليم الأولي أو الابتدائي أو الثانوي أو العالي؛

– فاجعة الزلزال الذي ضرب بلادنا (وخاصة في أقاليم: الحوز، تارودانت، ورزازات، شيشاوة، أزيلال، مراكش..). تلك الفاجعة التي أثرت في المجتمع المغربي عامة، وساكنة تلك المناطق بشكل خاص. سواء على المستوى المادي المتمثل في فقدان المساكن والمؤسسات التربوية، أو على المستوى النفسي كذلك، خصوصا بالنسبة للأطفال؛

– صدور المرسوم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، وهو مرسوم لم يستجب كما يبدو لانتظارات الممارسين التربويين، حيث انطلقت بوادر الاحتجاج عليه عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وميدانيا عبر الأشكال الاحتجاجية. وكل ذلك من شأنه أن يوتر الأجواء، ويعرقل السير العادي للعمل التربوي، فضلا عن مشاريع الإصلاح.

– الشروع في تنزيل النظام الأساسي والمشروع البيداغوجي بالتعليم العالي، وما صاحبهما من سجال وانتقاد من طرف الكثير من الفاعلين في الحقل الجامعي.

ومن خلال تدارس الموضوع، واستحضار مواقف حركة التوحيد والإصلاح السابقة الواردة في مذكراتها وبياناتها، استخلص المكتب التنفيذي أن إصلاح منظومة التربية والتكوين لا يزال يراوح مكانه في القضايا الجوهرية، ويتم التعامل مع قضاياه بنوع من الانتقائية والشكلية والاحتفالية، الأمر الذي يفقده معناه، ويضع الوطن على مسار تفويت جديد لفرصة الإصلاح التربوي والتعليمي.

فإذا كان الهدف من القانون الإطار 51.17 هو ضمان استمرارية وإلزامية الإصلاح، رغم ما شابَهُ من تناقض مع الرؤية الاستراتيجية “المتوافق حولها” في قضايا جوهرية كانت مثار اختلاف ونقاش ثم توافُق، وعلى رأسها موضوع لغة التدريس ومسألة التناوب اللغوي، فإن هناك مؤشرات تضع كل هذا موضع تساؤل؛ ومنها محاولات إعادة تشخيص وضع النظام التربوي بدل إعطاء الأولوية لحسن تنزيل مقتضيات الإصلاح (مشاورات وزارة التربية الوطنية ووضع خارطة طريق- تقرير النموذج التنموي بشأن التعليم – السماح لإحدى الجمعيات بإجراء تشخيص ووضع بيانات المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية رهن إشارتها بدعوة المؤسسات لذلك).

إن قِصَر المدة المتبقية للإصلاح تقتضي السير نحو القضايا الجوهرية التي تغير واقع التعليم نحو الأفضل، سواء تعلق الأمر بتحسين ظروف التعلّم والتكوين والبحث، أو تطوير المناهج والمقاربات البيداغوجية، أو تحفيز الموارد البشرية، وكل ذلك في إطار الخيارات الكبرى لبلادنا وثوابتها الدستورية.

وحركة التوحيد والإصلاح، وهي تقف على وضع الإصلاح التربوي ببلانا، تجدد التذكير بمواقفها واقتراحاتها التي تضمنتها مذكراتها وبياناتها السابقة وتؤكد على المواقف الآتية:

أولا: التعامل مع آثار الزلزال على التعليم في المناطق المتضررة:

– تجدد الحركة ترحمها على شهداء المناطق التي ضربها الزلزال، وتثمن مختلف المبادرات الساعية للتخفيف من هذا المصاب الجلل، في مختلف المجالات ومنها المجال التربوي؛

– تدعو الحكومةَ إلى توفير الظروف الملائمة للتعلم في هذه المرحلة الانتقالية، سواء تعلق الأمر بفضاء التعلم ووسائله، أو تحفيز رجال ونساء التعليم بتلك المناطق، أو إيواء المتعلمين والطلبة بما يحقق كرامتهم ويتجاوز التقصير الذي تم رصده في هذا المجال؛

– تدعو الحكومةَ إلى تفعيل خيار “التمييز الإيجابي” للمناطق المتضررة ومختلف المجالات الترابية الهشة في الوسط القروي وشبه الحضري، خصوصا في توفير البنية التحتية والمؤسسات التربوية الآمنة.

ثانيا: الالتزام بثوابت البلاد وقيمها في الشأن التربوي:

– تنبه الحركة إلى تنامي اختراق بعض القضايا الغريبة عن قيم المغاربة لبعض الكتب المدرسية خصوصا في مدارس البعثات أو القطاع الخاص. وتدعو الجهة الوصية إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المتعلمين؛

– تجدد دعوتَها للتقيد بالثوابت الدستورية للبلاد في كل نصوص وإجراءات الإصلاح التربوي، ومطالبتَها الحكومة بتحمل مسؤولياتها بهذا الصدد في كل ما تعتمده أجهزتُها التنفيذية من إجراءات؛

– تجدد دعوتها الوزارةَ الوصية إلى تعزيز القيم الإسلامية والوطنية في المناهج وفي الوسط المدرسي، مع العمل على تأمين محيط المؤسسات التربوية بمحاربة مختلف الانحرافات والمظاهر المخلة بالآداب العامة، وذلك بالتعاون مع كل الجهات المختصة وذات الصلة؛

– تدعو الوزارةَ الوصية لتيسير أداء الصلاة في المؤسسات التعليمية، خصوصا صلاة الجمعة، إذ لاتزال بعضُ مؤسسات التعليم العالي، والتكوين المهني، وبعضُ مؤسسات التعليم الخاص لا تراعي خصوصية هذه العبادة رغم المذكرات الصادرة لتيسير أدائها؛

– تجدد رفضها إقحام التطبيع مع الصهيونية وكيانها المحتل في المجال التربوي تحت ذريعة التنوع المغربي، وتميز بين حقوق اليهود المغاربة المواطنين التي يكفلها الدستور، وبين الاختراق الصهيوني الذي يمُجُّه كل مواطن أصيل كيفما كانت ديانته؛

– تجدد رفضها فرنسة التعليم بفرض تدريس المواد العلمية في مختلف مراحل التعليم بهذه اللغة، وترفض سد باب اختيار اللغة العربية حتى أمام الراغبين فيها ضدا على القانون؛

– تستغرب عدم تفعيل إدراج وحدات تدرس باللغة العربية في مؤسسات التعليم العالي التي تعتمد لغات أجنبية لحد الآن، رغم نص القانون الإطار على ذلك.

ثالثا: تسريع وتيرة إصلاح المدرسة المغربية

– تؤكد الحركة على أن إصلاح التعليم ورش مجتمعي يهم الجميع، وتجدد الحركة دعوتها إلى اعتماد المقاربة التشاركية وتجاوز الأحادية الضيقة التي أخذت تشوبه، سواء في تشكيل الهيئات الدستورية كالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إذ لوحظ أن تشكيلته الأخيرة لم تعكس تنوع أطياف المجتمع المغربي، أو في تنزيل مشاريع الإصلاح التربوي؛

– تدعو الحركة إلى تسريع إصدار النصوص المتبقية المتعلقة بتنزيل القانون الإطار، وذلك بتشاور مع الأطراف المعنية بكل موضوع، حتى لا يعرقل هذا التأخير عملية الإصلاح، أو تعتمد الوزارة إجراءات خارج المشروعية القانونية كما لوحظ في كثير من المشاريع والمذكرات التنظيمية.

رابعا: التعليم العالي والبحث العلمي:

– تدعو الحركةُ إلى العمل الجاد والنوعي لتطوير منظومة التعليم العالي بعيدا عن التسرع والارتجالية والعشوائية التي لاحظها المتتبعون مؤخرا بمناسبة تنزيل المشروع البيداغوجي الجديد، وذلك في إطار من التشاور التام مع المعنيين بالموضوع، حتى تكون جامعاتنا ومعاهدنا ومراكزنا البحثية في مستوى آمال الطلبة. فالأجيال الجديدة أصبحت أكثر انفتاحا على التجارب العالمية التي تستقطب كل من وجد الظروف المناسبة منهم. وهذا قد يحرم الوطن استقبالا من كفاءاتهم؛

– تؤكد على أن إصلاح التعليم العالي ينبغي أن يتجاوز الإجراءات والتسميات الشكلية وينفذ إلى الجوهر، في احترام تام لخصوصيات وأولويات كل تخصص، في ارتباط بحاجيات المجتمع ومتطلباته.

وختاما فإن حركة التوحيد والإصلاح تؤمن بأن أي إصلاح تربوي لا يمكن أن ينجح ما لم يوفر البيئة التربوية المطمئنة المناسبة، ويضمن انخراط رجال ونساء التعليم ، ويثمن مجهوداتهم ، ويعزز انتماءهم الوطني والتزامهم المهني؛ وكل ذلك يتطلب مشاورتهم وإشراكهم، والاستماع إلى نبضهم، والاستجابة إلى العادل من مطالبهم، بما يجعل مهنة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي مهنة جاذبة مقدرة في المجتمع حافظة لكرامة أهلها كما كان عليه الشأن في تقاليدنا وتراثنا، وكما هو معمول به في كل المجتمعات الحديثة المتقدمة في هذا الميدان.

والحمد لله رب العالمين.

وحرر بالرباط، 9 ربيع الآخر 1445هـ الموافق لـ 25 أكتوبر 2023م
حركة التوحيد والإصلاح
لجنة التعليم

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى