بعد ” طوفان الأقصى”.. التطبيع في المغرب بين مد وجزر
تصاعدت وتيرة التطبيع بين المغرب والكيان “الإسرائيلي” منذ الاتفاق الثلاثي في 10 دجنبر 2020 بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها تباطأت بعد عملية “طوفان الأقصى” في بتاريخ 7 أكتوبر 2023، لتأخذ حاليا أبعادا جديدة تتسم بالمد في قطاعات والجزر في قطاعات أخرى.
وقد سرَّع توقيع اتفاق التطبيع التعاون في ميادين الاقتصاد والفلاحة، والسياحة والثقافة والتعليم، والتعاون في مجالات الدفاعية والأمنية والتكنولوجيات الحديثة. غير أن تقارير تحليلية تشير إلى تراجع مؤشرات التطبيع، وتعطل خطواته بين المغرب والكيان المذكور، ممثلين لذلك بمغادرة موظفي مكتب الاتصالات “الإسرائيلي” بالرباط، عقب تدشين الاحتلال لحرب الإبادة في قطاع غزة.
ومن المؤشرات الأخرى ما تنقله جريدة “القدس العربي” عن المستثمر الفرنسي “الإسرائيلي” ميشال كوهين الذي قال “بين عيشة وضحاها لم يبق أحد”، مضيفة أن كوهين أغلق مطعمه المتخصص في الطبخ اليهودي المعد بحسب المعايير الدينية في مراكش، عاصمة السياحة المغربية، على غرار 11 مطعما أخر من أصل 14 فتحت أبوابها غداة تطبيع علاقات البلدين.
ويعزز هذا المؤشر ما كشفته إحصائيات صادرة عن “هيئة المطارات الإسرائيلية”، التي تشير إلى انخفاظ عدد المسافرين من تل أبيب إلى المغرب، حيث سافر 4780 “إسرائيليا” إلى المغرب في أكتوبر 2023، وهو ما يمثل وفق إحصائياتها انخفاضا بنسبة 75.4 في المائة عن أكتوبر 2022.
ويتوقع المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا، أن تضع الحرب الحالية على قطاع غزة وما يشهده من مجازر رهيبة نهاية لاتفاقات أبراهام التطبيعية، مقدما عدة مؤشرات منها قرار السعودية بإيقاف مشاورات التطبيع مع الاحتلال “الإسرائيلي”، وخروج مسيرات ومظاهرات في دول عربية، تطالب بإيقاف التطبيع مع الاحتلال كما حصل في المغرب مثلا.
ويضيف بورغا في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر يوم الأحد 22 أكتوبر 2023، أن خطاب الدعم الغربي للاحتلال “الإسرائيلي” مرتبط بتنامي مظاهر الإسلاموفوبيا وكراهية الإسلام والمسلمين في الغرب بصفة عامة خلال السنوات الأخيرة.
لكن مؤشرات معاكسة مقلقة تداولتها تقارير إعلامية مغربية؛ من قبيل السماح للشركة الاسرائيلية “بلو بيرد” المتخصصة في صناعة الطائرات بدون طيار، باختبار طائراتها المسيرة الجديدة “SpyX” في المغرب.
ومن المؤشرات الأخرى، ما قيل عن اقتناء أقمار اصطناعية “إسرائيلية” من طراز “أوفيك” متخصصة في مجال الرصد والتجسس، ذكرتها السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع في بلاغ لها معلنة إدانتها لهذه الخطوة.
ويرى أستاذا للعلاقات الدولية سعيد الصديقي، أن المغرب يجد نفسه اليوم في موقف دقيق تجاه الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة الموقاومة الإسلامية (حماس)، التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، لذلك يحاول المغرب اتخاذ مواقف حذرة، مستخدما لهجة معتدلة في بياناته الرسمية بشأن تطورات هذه الحرب، مركزا على إدانة استهداف المدنيين، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية.
وقال في ورقة بحثية نشرها المعهد المغربي لتحلل السياسات “هناك ثلاثة عناصر أساسية تحدد موقف المغرب في هذه المرحلة: الالتزام المبدئي بدعم الحقوق الفلسطينية، ومصالح المغرب المترتبة عن الإعلان الثلاثي الذي وقع بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل في 22 ديسمبر 2020، والتعاطف الواسع مع القضية الفلسطينية في أوساط الشعب المغربي الذي يعارض الكثير منه تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.