التطبيع المجاني وغير المجاني خيانة – عصام شاور
أكثر ما يستفزني في الرد على خيانة الإمارات والبحرين هو استنكار الخيانة بناء على قيمة الفائدة منها، فإن كانت خيانة مقابل مردود سياسي أو مالي معين تكون مقبولة وإن لم يكن المردود مقبولا تكون مستنكرة، ولذلك لا يوجد شيء اسمه ” تطبيع مجاني” و” تطبيع مدفوع الثمن” لأن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي خيانة لله ولرسوله وللمسلمين حتى لو كانت مقابل انسحاب اسرائيلي تام من القدس وجميع الأراضي المحتلة عام 1967 مع إزالة جميع المستوطنات، وفي ذلك تستوي كل عمليات التطبيع مع الاحتلال سواء كانت فلسطينية او عربية او إسلامية.
تزعم دولة الإمارات أن السلام مع الاحتلال الاسرائيلي لن يؤثر على موقفها من القضية الفلسطينية، ونحن نسأل كيف لا يؤثر وهي تعطي الشرعية لدولة الاحتلال على أراضينا المحتلة عام 67، وتوفر له جزءا من الغطاء العربي لكافة جرائمه ومنها حصار قطاع غزة، وتهويد المقدسات، وجرائم القتل والاستيطان في الضفة الغربية، وآخر تلك الجرائم هو قرار الاحتلال الإسرائيلي هدم الآبار الارتوازية في الأغوار من أجل تدمير الزراعة والثروة الحيوانية وترحيل سكان الأغوار إلى مناطق أخرى تمهيدا لضمها إلى ما يسمى السيادة الإسرائيلية.
كفلسطينيين لا بد أن تكون مواقفنا مبدئية ودائمة وليست ردود أفعال حماسية ومؤقتة، ولأن هناك نوايا لجعل منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقرار فلسطيني وليس اعتمادا على قرار سابق لجامعة الدول العربية لا بد من إصلاح المنظمة إصلاحا حقيقيا يبدأ بإصلاح مبادئها وعلى رأس ذلك عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال تحت أي ظرف من الظروف، وإن تحقق هذا الشروط الى جانب شروط أخرى تكون المنظمة هي بوابة الشرعية للتعامل مع القضية الفلسطينية، حيث لأنه لا يجوز ان تكون بوابة الشرعية هي ذاتها بوابة التطبيع مع الاحتلال، فمن مر من خلالها باركناه ومن مر من خارجها لعناه.
ختاما نود التذكير بأن ما نراه من هرولة عربية تجاه المحتل الإسرائيلي إنما هو المرحلة الاخيرة من مؤامرة بدأت بمسرحية الحرب الاولى التي هزمت فيها دولة الاحتلال إسرائيل الجيوش العربية السبعة، حينما كان تعداد جيش الاحتلال 67 ألف جندي وكانت الجيوش العربية مجتمعة لا يزيد عدد جنودها عن 13 ألف جندي، ولذلك علينا أن نتوقع المزيد من التنازلات العربية ولا بد أن يقابلها وحدة وطنية فلسطينية تقوم على التمسك بالثوابت وبالمصالح العليا لشعبنا، ولتذهب الى مزبلة التاريخ اتفاقية أوسلو والمبادرة العربية للسلام ودول التطبيع وجامعة الدول العربية إن قررت الوقوف إلى جانب الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.