البيان الختامي للجمع العام الخامس لحركة التوحيد والإصلاح

البيان الختامي للجمع العام الخامس للحركة في 10 غشت 2014م.

انعقد بحمد الله وتوفيقه أيام الجمعة والسبت والأحد 11و12 و13 شوال 1435 هـ موافق 8 و9و10 غشت 2014 م الجمع العام الخامس لحركة التوحيد والإصلاح بالرباط تحت شعار “الإصلاح تعاون ومسؤولية” بمشاركة  559 مندوبا من مختلف مناطق وجهات الوطن.

وتميزت أشغال المؤتمر، التي مرت في أجواء عالية من الصراحة والمسؤولية والأخوة، بعقد أربع جلسات خصصت  أولاها مساء الجمعة 8 غشت بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة لتقييم أداء الحركة وبرامجها في المرحلة السابقة من خلال عرض التقريرين الأدبي والمالي ومناقشتهما والتصويت عليهما.

أما الجلسة الثانية فانعقدت يوم السبت 9 غشت 2014 بمسرح محمد الخامس، وكانت عامة وتميزت بعرض للمهندس محمد الحمداوي رئيس الحركة توقف فيه عند مضامين ودلالات شعار الجمع العام، واستعرض مختلف التحولات على المستوى الديني والسياسي وما تواجهه الأمة من تحديات، مؤكدا على أهمية مواصلة الحركة لدورها في التجديد العلمي والفكري والمنهجي والتنظيمي، ومواصلتها لتطوير النموذج الوسطي وتعزيز مكانته في مواجهة مختلف التحديات.

وتميزت الجلسة العامة للجمع العام بحضور عدد من قيادات الحركات الإسلامية ـأبرزها القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أسامة حمدان- ومسؤولو جمعيات ومنظمات دعوية ومدنية وشخصيات علمية وفكرية وفنية من داخل المغرب ومن العالم العربي وإفريقيا وأوروبا وآسيا كما حضر الجلسة سفير دولة فلسطين وكان أول المتحدثين من الضيوف وسفير دولة السودان بالمغرب. وقد أثنى ضيوف الجمع العام على تجربة حركة التوحيد والإصلاح وتميزها وأدائها.

وفي الجلسة الثالثة التي انعقدت مساء نفس اليوم جرت في جو ديموقراطي شفاف وراقعملية انتخاب رئيس جديد للحركة حسب مقتضيات نظامها الداخلي، وانتهت العملية التي تمت على مرحلتين بانتخاب المهندس عبد الرحيم شيخي رئيسا للحركة. كما تم انتخاب الدكتور مولاي عمر بن حماد نائبا ، والأستاذة فاطمة النجار نائبا ثانيا والمهندس محمد الحمداوي منسقا عاما لمجلس الشورى.

كما انتخب الجمع العام 11 عضوا من أعضاء المكتب التنفيذي وهم : الدكتور أحمد الريسوني، والأستاذة عزيزة البقالي، الدكتور أوس الرمال، الدكتور محمد البراهمي، الأستاذ عبد الله باها ، الدكتور صالح النشاط، الأستاذ عبد الجليل الجاسني، الأستاذ خالد الحرشي، الأستاذ محمد يتيم، الأستاذ محمد الهلالي، الأستاذ محمد سالم بايشا.

وتواصلت أشغال الجمع العام يوم الأحد 10 غشت 2014  بجلسة رابعة خصصت لمناقشة والمصادقة على تعديلات القانون الأساسي والنظام الداخلي  والتوجه الاستراتيجي للمرحلة المقبلة.

إن الجمع العام لحركة التوحيد والإصلاح إذ يستحضر مجمل التحولات النوعية التي عرفها المحيط الخارجي والداخلي والسياق العام الذي اشتغلت فيه الحركة خلال السنوات الأربع، والتي لا يزال تأثيرها متواصلا إلى اليوم يؤكد على ما يلي :

أولا: على المستوى الداخلي والوطني  

1- تجديد تمسك الحركة بالعمل في إطار الثوابت والمقومات التي تقوم عليها البلاد وعلى رأسها الإسلام والملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية القائمة على إمارة المؤمنين والوحدة الوطنية للمملكة.

2- تثمينها للتدبير الحكيم  لملك البلاد لمسار الإصلاحات والتجاوب مع تطلعات المغاربة عامة ومع الحراك الشبابي الذي عرفه المغرب خاصة، تفاعلا مع الربيع الديمقراطي في المنطقة العربية من خلال الإعلان في الخطاب التاريخي ليوم 9 مارس 2011 عن دورة جديدة من الإصلاحات الدستورية والسياسية كرست مكانة الثوابت الدينية للمملكة في إطار إمارة المؤمنين وقوت دور العلماء، وضمنت حماية الأسرة على مستوى السياسات العمومية والمبادرات التشريعية والتنظيمية، وكرست الإجماع الوطني على القيم والثوابت الوطنية وعززت مكانة اللغة العربية ودسترة الأمازيغية، فضلا عن تعزيز المكاسب الحقوقية والمسار الإصلاحي والانفتاح السياسي الذي دخله المغرب خلال العقود الثلاثة الماضية، والذي فتح آفاقا جديدة لترسيخ دولة الحق والقانون وتوسيع دائرة الحريات ومشاركة المواطنين وتوفير أرضية صلبة من الاستقرار السياسي  في وقت عصفت أحداث الربيع العربي بعدد من الدول.

ويدعو الجمع العام إلى تعزيز هذه الإصلاحات ويؤكد دعمه للجهود الرامية إلى تفعيلها على أرض الواقع وإلى التصدي لبعض المحاولات الساعية للالتفاف عليها وإفراغها من محتواها.

 3 – يعتز بالتدبير الموفق لقيادة الحركة للمرحلة السابقة التي عرف المغرب خلالها مبادرة حراكا سياسيا واجتماعيا سنة 2011، حيث انخرطت فيه الحركة بفعالية وأعلنت مع هيئات شريكة “نداء الإصلاح الديمقراطي” انطلاقا من معادلة الإصلاح في ظل الاستقرار، وقدمت مذكرة للإصلاحات الدستورية، ودعت إلى التصويت بنعم على الدستور.

كما يعتز بصواب قراءة الحركة للتغيرات التي عرفتها المنطقة خلال السنة الأخيرة مما جعلها تلائم توجهاتها وأولوياتها وبرامجها مع مختلف التحولات والتحديات والفرص والإكراهات المستجدة.

3-  يؤكد مواصلة الحركة لنهجها الإصلاحي الوسطي المعتدل المتمثل في  الإسهام في إقامة الدين في جميع مجالات الحياة ضمن توجه استراتيجي ناظم يعتمد التعاون على ترشيد التدين والتشارك في ترسيخ قيم الإصلاح، ويعتز بالدور الرائد للحركة في ترسيخ توجهات الوسطية والاعتدال من خلال الإسهام في تأسيس منتدى الوسطية بإفريقيا. ويدعو إلى مواصلة جهود الحركة في تعزيز الإشعاع الثقافي والقيمي للنموذج الوسطي المعتدل في المنطقة والتصدي لمخاطر بعض توجهات الغلو والتطرف التي تستهوي بعض الشباب وتستثمر في بعض المظالم السياسية والأوضاع الاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات والشعوب الإسلامية، وتخلق لديه النقمة والإحباط وتستدرجه إلى مخططات تستهدف تغذية عوامل التنازع والفشل.

ويؤكد تمسك الحركة بنهجها السلمي المبني على الحوار والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن  للمخالفين. وفي هذا الإطار يعبر عن إدانته لمحاولات سعت إلى استدراج طلبة الجامعة إلى العنف الذي ذهب ضحيته شهيد الحركة الطلابية عضو منظمة التجديد الطلابي عبد الرحيم الحسناوي رحمه الله ويطالب بالكشف عن الجهات التي  تقف وراء اغتياله.

4 –  مواصلة الحركة لسيرها في إطار توجهها المتميز في تجربة الحركة الإسلامية المعاصرة القائم على إعطاء الأولوية في أعمالها للوظائف الأساسية المتمثلة في الدعوة والتربية والتكوين وتكريس خيار التمايز بين الدعوى والسياسي مع تعزيز دورها كفاعل مدني أساسي في التدافع حول الهوية ومواصلة الإسهام في تقوية جهود التجديد الفكري والاجتهاد الشرعي المواكب للعصر خدمة للإصلاح وتعميقا لأبعاده العلمية والفكرية والثقافية وعمقه الثقافي والاجتماعي.

ثانيا :على المستوى الإقليمي والدولي 

1 – بالنسبة لقضية الوحدة الترابية للمملكة وتثبيت سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية المسترجعة

إن الجمع العام وهو يوجه تحية إكبار للقوات المسلحة الملكية وقوات الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية على ما تبذله من جهود وتضحيات في سبيل صيانة الوحدة الترابية للمملكة وصيانة الأمن والاستقرار بأقاليمنا الجنوبية، يؤكد انخراط حركتنا القوي في الإجماع الوطني حول قضية وحدتنا الترابية ويدعو إلى مواصلة تعبئة جميع الجهود والطاقات من أجل تأكيد سيادتنا غير القابلة للمساومة على الصحراء، وإنهاء الوجود الاستعماري في كل من سبتة ومليلية والتصدي لمخططات خصوم وحدتنا الترابية، ويأسف لانخراط دولة جارة شقيقة في مسلسل لا يكاد ينتهي من المعاكسة للمغرب مما يفوت فرص اندماج وتكامل بين شعوب المنطقة وبناء الاتحاد المغاربي.

ويدعو هيئات ومؤسسات الحركة وأعضاءها إلى مضاعفة جهودهم في التعريف بقضية الصحراء المغربية ومعطياتها وحقائقها التاريخية وفق مقاربة تتناسب مع اهتمامات الحركة ووظائفها الأساسية وتستحضر في ذلك الأبعاد العقدية والشرعية والدعوية والتربوية.

2– بالنسبة لتطورات الوضع في العالم العربي والإسلامي

– يسجل الجمع ويتابع بأسى التطورات الخطيرة التي تعرفها عدد من بلدان العالم العربي والإسلامي وما تواجهه مخططات ظاهرة وخفية تروم مزيدا من السيطرة على مقدراته والإمعان في مزيد من تفتيته وإذكاء النعرات الانفصالية والنزعات العرقية والحروب الأهلية داخله مما ينتج عنه حتما الانشغال عن مقتضيات النهضة واسترجاع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني ووضع حد للاحتلال والعبث الصهيوني بالمقدسات الدينية ومخططات تهويد القدس.

– ويسجل أن انتعاش بعض مظاهر الغلو والتطرف والتكفير للمسلمين وممارسات شنيعة منسوبة إلى الإسلام وهو منها براء، ليس إلا نتيجة لتواصل العدوان الخارجي على الأمة والاستبداد الداخلي، المسؤولان عن توفير الأرضية المناسبة لنشوء توجهات متطرفة وزرع تنظيمات مشبوهة بين صفوفها تسهم في خلط الأوراق في المنطقة والتشويش على انتفاضات شعبية استلهمت الربيع الديمقراطي للمطالبة السلمية بإسقاط الفساد والاستبداد وتحريف مسارها وإعطاء المبرر لأنظمة استبدادية لارتكاب جرائم إبادة ضد شعوبها، وحروب ذات طبيعة طائفية كما يجري مع المسيحيين العراقيين وغيرهم من الطوائف.

– يسجل التلازم الواضح بين المحاولات المستميتة للانقلاب على الربيع الديمقراطي وتلك التي تستهدف تصفية المقاومة في أرض فلسطين والتآمر عليها حيث برز ائتلاف واضح بين الاستبداد والاحتلال، وهو ما تجسد بوضوح خلال الحرب العدوانية الأخيرة على غزة.

 – يعبر عن تقديره واعتزازه بالصمود البطولي للمقاومة الفلسطينية بكل مكوناتها، ويحيي بالخصوص وحدة الصف الفلسطيني التي تشكل شرطا مركزيا في تحقيق الشعب الفلسطيني لمطالبه الوطنية ويعتبر دحرها للعدوان وتصديها له حدثا تاريخيا فارقا في استرجاع الأمة لثقتها في قدرتها على التصدي للاحتلال والاستبداد.

– يسجل باستهجان بالغ الصمت الرهيب  للمنتظم الدولي وردود أفعاله الباهتة إزاء جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الصهيوني ويعبر عن استغرابه وإدانته للمواقف المتخاذلة بل المتآمرة لبعض الجهات المسؤولة في عدد من الدول العربية، كما يحيي المواقف الشجاعة والمسؤولة لعدد من دول أمريكا اللاتينية والحراك الواسع وغير المسبوق في عدد من العواصم الغربية وبعض منابرها الإعلامية وبين قادة الرأي العام والشخصيات الدينية والفنية والمنظمات الحقوقية رغم سطوة اللوبيات الصهيونية واستمرار تحكمها في عدد من مفاصل بلورة القرار وصياغة توجهات الرأي العام.

-يسجل بإيجابية ما ورد في الخطاب الملكي من إدانة واضحة وصريحة للعدوان الصهيوني على غزة وإقامة جسر جوي لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة والمستعجلة لضحايا العدوان الصهيوني، وهي المبادرة التي تضاف إلى مبادرات سابقة من قبيل إقامة مستشفى ميداني للقوات المسلحة، كما يعبر عن اعتزازه بالموقف المغربي الشعبي التلقائي المعهود الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني والمتضامن مع غزة وأهلها في محنتهم ومعاناتهم، ويدعو إلى توسيع نطاق هذا الدعم كما وكيفا والتصدي لكل مظاهر وأشكال التطبيع المباشر وغير المباشر مع الكيان الصهيوني.

– يسجل بقلق بالغ ما يعيشه المسلمون من آلام ومآسي ويجدد إدانة الحركة لما يتعرضون له من حملات إبادة وتقتيل وتهجير ممنهج في عدد من بؤر التوتر، خاصة في إفريقيا الوسطى وبورما وبانغلاديش ونيجيريا، في ظل صمت وتواطؤ المنتظم الدولي ومؤسساته الحقوقية على وجه الخصوص، ويدعو منظمة التعاون الإسلامي والدول العربية والإسلامية والمنتظم الدولي، كل في نطاقه إلى تحمل مسؤولياته في إيقاف حروب الإبادة التي تستهدف المسلمين واتخاذ الإجراءات القانونية من اجل متابعة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية المختصة.

– يتوجه بالتحية إلى كل الشعوب والتنظيمات والشخصيات الملتزمة بنصرة المظلومين والدفاع عن قيم العدل والتحرر وحقوق الإنسان والبيئة في مواجهة منطق الظلم والاستعمار والاستغلال وامتهان كرامة الإنسان والاعتداء على فطرته.

وحرر بالرباط في 13 شوال 1435 هـ موافق 10 غشت 2014 م

عن الجمع العام الوطني

رئيس الحركة

عبد الرحيم شيخي

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى