البيان الختامي للجمع العام السادس لحركة التوحيد والإصلاح
– بسم الله الرحمن الرحيم –
البيان الختامي
للجمع العام السادس لحركة التوحيد والإصلاح
انعقد بحمد الله وتوفيقه أيام الجمعة والسبت والأحد 20 و21 و22 ذي القعدة 1439 هـ موافق 3 و4 و5 غشت 2018 م الجمع العام الوطني السادس لحركة التوحيد والإصلاح بالرباط تحت شعار “الإصلاح أصالة وتجديد”، بمشاركة مندوبين من مختلف أقاليم وجهات المملكة المغربية.
وتميزت أشغال المؤتمر، التي مرت في أجواء عالية من الصراحة والمسؤولية والأخوة، بعقد خمس جلسات، أُولاها مساء الجمعة 3 غشت 2018 بمسرح محمد الخامس بالرباط. وقد كانت جلسة عامة تميزت بكلمة للأستاذ عبد الرحيم شيخي رئيس الحركة، توقف فيها عند مضامين ودلالات شعار الجمع العام، كما استعرض مختلف التحولات التي تعرفها الساحة المغربية على المستوى الديني والسياسي وما تواجهه الأمة من تحديات خارجية وداخلية، مؤكدا على أهمية مواصلة الحركة لإسهامها في ترشيد التدين وفي جهود التجديد العلمي والفكري والمنهجي والتنظيمي، ومواصلة إبراز اختيارات المغاربة في التدين والتمذهب، وتعزيز مكانة الوسطية في مواجهة مختلف التحديات،إضافة لتذكيره بمواقف الحركة من عدة قضايا في سياقاتها المحلية والإقليمية والدولية.
وتميزت الجلسة الافتتاحية العامة للجمع العام بحضور عدد من قيادات الحركات الإسلامية ومسؤولي جمعيات ومنظمات دعوية ومدنية وشخصيات علمية وفكرية وفنية من داخل المغرب ومن إفريقيا والعالم العربي وأوروبا. وقد ثمن ضيوف الجمع العام ما يعرفه بلدنا من استقرار وأثنوا على عدد من معالم المنهج وثمار الخبرة التي تميز أداء تجربة حركة التوحيد والإصلاح.
أما الجلسة الثانية، والتي احتضنها معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، مساء نفس اليوم فخصصت لمناقشة بعض تعديلات القانون الأساسي والنظام الداخلي، ثم المصادقة عليهما.
الجلسة الثالثة، والتي انعقدت صباح يوم السبت 4 غشت 2018، فخصصت لتقييم أداء الحركة وبرامجها في المرحلة السابقة من خلال عرض التقريرين الأدبي والمالي ومناقشتهما والتصويت عليهما.
وفي الجلسة الرابعة التي انعقدت مساء نفس اليوم، جرت عملية انتخاب رئيس الحركة في جو شوري حر ومسؤول وديموقراطي شفاف،والتي أسفرت عن انتخاب الأستاذ عبد الرحيم شيخي لترؤس الحركة خلال مرحلة 2018-2022،حسب مقتضيات النظام الداخلي. كما تم انتخاب الدكتور أوس الرمال نائبا أولا، والدكتورة حنان الإدريسي نائبا ثانيا، والأستاذ محمد اعليلو منسقا عاما لمجلس الشورى، والإخوة : محمد عز الدين توفيق، ومحمد ابراهمي، وخالد الحرشي، وفيصل البقالي، ورشيد العدوني، وإيمان نعاينيعة، وعبد الرحيم شلفوات، والحسين الموس، ورشيد الفلولي، وخالد التواج، وعبد العزيز البطيوي، أعضاء بالمكتب التنفيذي.
وتواصلت أشغال الجمع العام يوم الأحد 5 غشت 2018 بجلسة خامسة خصصت لمناقشة النسخة الجديدة من “ميثاق حركة التوحيد والإصلاح” والتوجه العام والأولويات الاستراتيجية للمرحلة المقبلة، ثم المصادقة عليهما.
إن الجمع العام لحركة التوحيد والإصلاح إذ يستحضر مجمل التحولات النوعية التي عرفها المحيط الداخلي والخارجي والسياق العام الذي اشتغلت فيه الحركة خلال السنوات الأربع، والتي لا يزال تأثيرها متواصلا إلى اليوم، يؤكد على النقط الآتية:
أولا: على مستوى أداء حركة التوحيد والإصلاح
- يعتز بالتدبير الموفق لقيادة الحركة للمرحلة السابقة إزاء التحديات الداخلية والخارجية التي مرت بها .
- يجدد تمسك الحركة بالعمل في إطار الثوابت الجامعة للأمة المغربية وعلى رأسها الإسلام والملكية القائمة على إمارة المؤمنين والوحدة الوطنية المتعددة الروافد والخيار الديموقراطي. كما يعتز بإسهام الحركة من خلال أعضائها في المبادرات الإصلاحية لمختلف مؤسسات البلد.
- يؤكد مواصلة الحركة لنهجها الإصلاحي الذي يجمع بين الأصالة والتجديد في إطار توجهها المتميز في تجربة الحركة الإسلامية المعاصرة القائم على إعطاء الأولوية في أعمالها للوظائف الأساسية (الدعوة والتربية والتكوين)، وتكريس خيار التمايز بين الدعوى والسياسي، والتعاون والتشارك مع مختلف الفاعلين الإصلاحيين في التدافع والترافع المدني حول قضايا الهوية والقيم والمرجعية الإسلامية، والإسهام في تقوية جهود التجديد الفكري والاجتهاد الشرعي المواكب للعصر.
- يعتز الجمع العام بصواب قراءة الحركة لتحولات المشهد الديني بالمغرب والتحديات التي عرفتها المنطقة خلال المرحلة، ونجاحها في ملاءمة توجهاتها وأولوياتها وبرامجها مع مختلف التحولات والتحديات والفرص والإكراهات المستجدة، ويؤكد تمسك الحركة بنهجها الإصلاحي المبني على الحوار والتركيز على التعاون والتشارك ومد جسور التواصل مع مختلف الفاعلين.
ثانيا: على المستوى الوطني
- يقدر الجمع العام جهود الإصلاح في بلادنا وينوه بالمبادرات الرامية إلى حفظ كرامة المواطن باعتبارها مدخلا أساسيا لاستقرار الوطن؛ ويؤكد على ضرورة اعتماد مقاربة اجتماعية بناءة في التعامل مع الطلب المجتمعي ويدعو إلى احترام الحقوق والحريات في إطار القانون؛ وينبه إلى مخاطر النكوص عن هذا المسار. كما يدعو كل الفاعلين إلى بذل كل الجهود لحفظ كرامة المواطنين والمواطنات لما لذلك من أثر على استقرار بلادنا وحفظ السلم الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية .
- يثمن الجمع العام دعم الحركة لتوجه المغرب نحو تعزيز العلاقات مع إفريقيا، لما لبلدنا من علاقات تاريخية وطموحات وتحديات مشتركة مع القارة.
- يسجل الجمع اعتزازه بالتفاف الشعب المغربي حول ثوابته الوطنية واختياراته في التدين والتمذهب؛ كما ينبه إلى مخاطر التهديدات التي تحدق بمقوماته الدينية والحضارية ويرفض محاولات الانتقاص منها والمس بها. كما يؤكد الجمع العام على الحاجة إلى النهوض بأدوار الأسرة والمسجد والمدرسة والإعلام وكافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية لتتحمل مسؤوليتها في بناء الشخصية المغربية وحفظ الثوابت الدينية والوطنية لبلادنا. ويدعو العلماء الفضلاء والفاعلين المصلحين للتعاون من أجل تعزيز قيم التدين الوسطي المعتدل وإشاعة أخلاق الاستقامة.
- يؤكد على أهمية مبادرات إصلاح الحقل الديني وجهود مختلف الفاعلين في إشاعة الوسطية وتجنيب الشباب المغربي مخاطر التطرف الديني واللاديني. ويدعو الجمع العام إلى تعزيز هذه الإصلاحات ويؤكد دعمه للجهود الرامية إلى تفعيلها على أرض الواقع.
- بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، يثمن الجمع العام جهود التنمية في أقاليمنا الجنوبية لما لها من دور في العناية بالإنسان وفي صيانة الاستقرار. كما يعتبر مقترح الحكم الذاتي وتنزيل الجهوية المتقدمة حلا جديا وواقعيا للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ويؤكد انخراط الحركة القوي في الإجماع الوطني حول قضية وحدتنا الترابية ويدعو إلى مواصلة تعبئة جميع الجهود والطاقات من أجل تأكيد سيادتنا غير القابلة للمساومة على الصحراء.
- يدعو الجمع العام مؤسسات الحركة وأعضاءها إلى مضاعفة جهودهم في التعريف بالقضية الوطنية ومعطياتها وحقائقها التاريخية، وفق مقاربة تتناسب مع اهتمامات الحركة ووظائفها الأساسية وتستحضر في ذلك الأبعاد العقدية والشرعية والدعوية والتربوية.
ثانيا :على المستوى الإقليمي والدولي
- يتابع الجمع بأسى التطورات الخطيرة التي تعرفها عدد من بلدان العالم العربي والإسلامي وما تواجهه من مخططات ظاهرة وخفية تروم مزيدا من السيطرة على مقدراتها والإمعان في تفتيتها وإذكاء النعرات الانفصالية والنزعات العرقية والحروب الأهلية داخلها (خاصة في سوريا واليمن وليبيا والعراق)، مما ينتج عنه حتما الانشغال عن مقتضيات النهضة واسترجاع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني ووضع حد للاحتلال والعبث الصهيوني بالمقدسات الدينية ومخططات تهويد القدس.
- يعبر عن تقديره واعتزازه بالصمود البطولي للمقاومة الفلسطينية بكل مكوناتها، ويحيي بالخصوص جهود وحدة الصف الفلسطيني التي تشكل شرطا مركزيا في تحقيق الشعب الفلسطيني لمطالبه الوطنية، ويعتبر تصدي المقاومة لمختلف أشكال العدوان مفصليا في استرجاع الأمة لثقتها في قدرتها على التصدي للاحتلال والاستبداد.
- يسجل باستهجان بالغ الصمت الرهيب للمنتظم الدولي وردود أفعاله الباهتة إزاء جرائم الكيان الصهيوني، ويستغرب المواقف المتخاذلة من صفقات تصفية القضية الفلسطينية، بدعم وتآمر من أنظمة عربية، بهدف الإجهاز على حق الشعب الفلسطيني في أرضه وحل القضية عبر التحلل من كل الالتزامات تجاه الشعب الفلسطيني.
- يعبر عن إدانته واستنكاره لمختلف أشكال العنف والحيف والتقتيل والتهجير التي تُرتَكَب في حق الأقليات المسلمة في عدد من الدول، ويدعو المسؤولين في هذه الدول وهيئات المنتظم الدولي المختصة إلى رفع هذه المظالم وحماية هذه الأقليات وتمكينها من حقوقها المشروعة وحفظ كرامتها .
- يتوجه بالتحية إلى كل الشعوب والتنظيمات والشخصيات الملتزمة بنصرة المظلومين والدفاع عن قيم العدل والتحرر وحقوق الإنسان في مواجهة منطق الظلم والاستعمار والاستغلال وامتهان كرامة الإنسان والاعتداء على فطرته.
- يدين التضييق على الهيئات الدعوية والعلماء والدعاة المعروفين بوسطيتهم واعتدالهم، ويدعو إلى رفع الحيف عنهم.
- يدين كل الاعتداءات على الأبرياء في كل المجتمعات الإنسانية، وكل سلوك متطرف يهدف لترويع الآمنين وإزهاق أرواحهم.
وفي الأخير، يتوجه الجمع العام بالشكر لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تيسير ظروف انعقاد هذا الجمع وإنجاح أشغاله، ويحيي ضيوف الحركة من خارج المغرب وداخله الذين شرفوا الجمع بحضورهم ومشاركاتهم، ويعتز بأواصر الأخوة وعلاقات التعاون معهم.
(وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) هود-88
وحرر بالرباط في 22 ذي القعدة 1439 هـ موافق 5 غشت 2018.
عن الجمع العام الوطني السادس
رئيس الحركة
عبد الرحيم شيخي