الاحتلال الإسرائيلي.. اقتصاد الإبادة الجماعية والتواطؤ التاريخي

تعرف الساحة الفلسطينية تطورات خطيرة بفعل الاحتلال الإسرائيلي والدول الداعمة له وأخرى توحي بأمل يصنعه الضمير العالمي الذي تقوده شعوب وهيئات متعددة.

وفي هذا الشأن أصدرت منظمة الأمم المتحدة، اليوم، تقريرا يتهم شركات وكيانات غربية بالمساهمة في اقتصاد الإبادة الجماعية الذي يقوده الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. وهو وثيقة من 200 مذكرة تصدر لأول مرة عن منظمة أممية تتهم مباشرة شركات تعمل مع إسرائيل من أجل سحق الشعب الفلسطيني.

ويكشف التقرير الذي أعدته المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، عن واحدة من أكثر عمليات الإبادة وحشية في التاريخ الحديث، وعن أسماء أكثر من 60 شركة عالمية كبرى متورطة في دعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والحرب على غزة.

وقد استبق الاحتلال الإسرائيلي وداعمته الولايات المتحدة الأمريكية صدوره باقتراح إقالة المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي بمبرر معاداة السامية، وهو الأمر الذي ردت عليه العديد من الدول خلال انعقاد مجلس حقوق الإنسان.

ومن بين الشركات الواردة في التقرير وأبرزها أميركية: غوغل، مايكروسوفت، آي بي إم، كاتربيلر، لوكهيد مارتن، هيونداي الكورية الجنوبية… واتهمها التقرير بالمشاركة في نظم المراقبة التي تساهم في القمع وتصنيع الأسلحة والتسبب في تدمير الممتلكات في الأراضي الفلسطينية.

قتل بالجملة وأرطال من المتفجرات

وفي خضم الإدانات الموجهة للاحتلال، استشهد 118 فلسطينيا -اليوم الخميس- بنيران جيش الاحتلال في مناطق متفرقة من قطاع غزة، بينهم 33 من منتظري المساعدات، وارتكب الاحتلال 26 مجزرة خلال يومين راح ضحيتها أكثر من 300 شهيد ومئات الجرحى.

كما استشهد فجر اليوم الخميس المحرر المقدسي المبعد إلى غزة بسام إبراهيم أبو اسنينة (52 عاما) إثر غارة جوية إسرائيلية على القطاع، رفقة الأسيرين المحررين المبعدين إلى غزة، أيمن أبو داود ومهدي شاور، وهما من مدينة الخليل.

ويكشف تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية عن استخدم الجيش “الإسرائيلي” قنبلة وزنها 500 رطل عندما هاجم مقهى على شاطئ البحر بغزة يوم الاثنين الماضي، وقال التحقيق إن القنبلة المستخدمة تعد سلاحا عشوائيا يتسبب في موجة انفجار هائلة وينشر شظايا على مساحة واسعة.

ووثقت وكالة أسوشييتد برس فيديوهات وشهادات كشفت فيها عن قيام متعاقدين عسكريين أمنيين أميركيين يحرسون موقع توزيع المساعدات في غزة التابع لمؤسسة غزة الإنسانية بإطلاق الذخيرة الحية والقنابل الصوتية على الفلسطينيين “الجائعين المتدافعين للحصول على الطعام”.

اغتيال للطواقم الطبية والصحفية

وفي أبشع جريمة من جرائمه اغتال الاحتلال مدير المستشفى الإندونيسي، الدكتور مروان السلطان، مع زوجته وأطفاله الخمسة، لينضاف إلى سجله الدموي في جريمة جديدة تطال النخبة الطبية والإنسانية، بينما  لا يزال الكيان المحتل يعتقل مدير مستشفى كمال عدوان.

وتسبب الاحتلال الإسرائيلي في مقتل 228 صحفيا فلسطينيا في الإبادة الإسرائيلية بغزة منذ أكتوبر 2023، وهي الحصيلة التي لم يشهد العالم مثيلا لها في تاريخه، وفي تاريخ صحافته منذ إصدار الجريدة الأولى في العالم الغربي.
أما وزراء الاحتلال فلازال ديدنهم أن يتم احتلال قطاع غزة مع الدفع باتجاه التهجير وضم الضفة الغربية والسلطة، وفي ردود الأفعال، سارعت الرئاسة الفلسطينية ودول عربية بإدانة تصريحات وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، كما أدانت تركية فكرة ضم الضفة الغربية. 

ولم يعد انتهاك المستوطنين الإسرائيليين للمسجدين الأقصى والإبراهيمي طقسا ثانويا، ولكنه أصبح حدثا يوميا منذ بدء الحرب على قطاع غزة قبل 20 شهرا، ووصل الأمر إلى الاستيلاء الضمني على المسجد الإبراهيمي.

فضيحة الغرب المتوالية

يلقي ما يحدث بظلاله على العالم، ويفضح وسائل إعلام كانت تعد واحة الحرية والشفافية بالغرب، فقد عرضت القناة الرابعة فيلم “غزة: أطباء/مسعفون تحت النار” كانت قناة “بي بي سي” البريطانية رفضت عرضه، يكشف عن استهداف واحتجاز وتعذيب الأطباء والمسعفين في غزة.

أما فيما يتعلق بحرية التظاهر، فقد انكشف زيفه، إذ نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا أعدته إليثا أدو، قالت فيه إن مجلس العموم البريطاني صادق بأغلبية على تصنيف منظمة “بالستاين أكشن”، أو “العمل الفلسطيني” كمنظمة إرهابية. 

كما كشرت العنصرية عن أنيابها في الولايات المتحدة الأمريكية من الرئيس نفسه ضد نجاح السياسي الشاب زهران ممداني في كسب أصوات المجتمع الأميركي، حتى بات مؤهلا لتولّي منصب عمدة بلدية نيويورك، وسحق كبار المنافسين، بسبب دعمه للقضية الفلسطينية.

مفاوضات ويد على الزناد

فهذا المشهد القاتم، تستمر المقاومة في الضغط على الزناد، حيث تنفذ الفصائل المسلحة الفلسطينية عمليات استنزاف دقيقة ضد قوات الاحتلال في مواقع تمركزها داخل قطاع غزة، مما يسهم في تفتيت القدرة القتالية للاحتلال، وإبقائه في حالة استنزاف دائم دون خط تماس واضح، حسب خبراء.

ومن جهة أخرى، تتحرك المقاومة في جبهة أخرى تخص ملف العملاء، وذلك بعد رصد عناصر فوضوية بشمالي وجنوبي قطاع غزة، إضافة إلى عصابة ياسر أبو شباب التي تعمل برفح جنوبي القطاع، وقد أمهت محكمة بغزة هذا الأخير 10 أيام لتسليم نفسه للجهات المختصة لمحاكمته أمام الجهات القضائية.

وفي مجال المفاوضات، توالت التصريحات من واشنطن بشأن ضرورة التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأكد البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب يعمل جاهدا لإنهاء الحرب، رغم شكوك في مدى جدية تصريحات الرئيس الأمريكي والتزاماته.

وفي هذا الشأن، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تدرس مقترحات جديدة تلقتها من الوسطاء لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. في المقابل، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إننا “سنطلق سراح جميع مختطفينا وسنستأصل حماس من جذورها”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى