الأمم المتحدة تواجه صعوبات في تدفق المساعدات لغزة في ظل التهرب “الإسرائيلي”

قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المساعدات الإنسانية إلى غزة تواجه صعوبات في التدفق عبر المعابر الحدودية رغم وقف إطلاق النار.
وأوضح دوجاريك، في تصريح صحفي أمس الأربعاء 15 أكتوبر 2025، أن الأمم المتحدة واجهت صعوبات في تدفق المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية، يوم الثلاثاء، بسبب قرار “إسرائيل” خفض تدفقات المساعدات إلى غزة.
وأكد أن الأمم المتحدة تكثف اتصالاتها مع “إسرائيل” من أجل إيجاد نظام يسمح بتدفق المزيد من المساعدات عبر المزيد من المعابر الحدودية، معربا عن أمله في إيجاد نظام يسمح بتدفق المزيد من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وتواصل قوات الاحتلال “الإسرائيلي” عرقلة تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب اتفاق وقف الحرب على غزة، عبر ربطها فتح معبر رفح وتوسيع إدخال المساعدات الإنسانية باستعادة جميع جثامين جنودها المحتجزين في القطاع.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر رسمي قوله إن الحكومة قررت عدم الشروع في المرحلة الثانية من الاتفاق قبل “استعادة جميع جثامين المختطفين”، مضيفة أن معبر رفح سيبقى مغلقًا حتى “تكثف حماس جهودها لإعادة الجثامين”.
وجاء هذا الموقف رغم إعلان كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس” أنها سلّمت جميع الجثامين التي تمكنت من انتشالها، وأكدت حاجتها لمعدات ثقيلة لرفع الأنقاض وانتشال باقي الجثامين من تحت الركام.
ويأتي التهرب “الإسرائيلي” من تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها، في وقت تواصل فيه اعتداءاتها وقصفها، فقد قتلت حتى الآن ما لا يقل عن 11 مواطنا وأصابت العشرات بجروح جراء إطلاق نار وقصف مواطنين خلال محاولتهم تفقد منازلهم شرقي القطاع.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تستخدم ملف الجثامين ذريعة للتهرب من التزاماتها الإنسانية، ولإبقاء الضغط على حركة حماس بعد فشلها في تحقيق أهدافها العسكرية.
ويؤكد هؤلاء أن رفض إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض يتناقض مع ادعاءات الحكومة الإسرائيلية بشأن اهتمامها باستعادة جثامين جنودها.
ويشير مسؤولون في وكالات الإغاثة إلى أن استمرار إغلاق معبر رفح وتقييد حركة المساعدات يفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من نقص حاد في الغذاء والمياه والدواء، بينما تظل آلاف جثامين الشهداء الفلسطينيين تحت الركام منذ أسابيع دون إمكانية لانتشالها.
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) عدنان أبو حسنة، اليوم الخميس، أن الوكالة هي العمود الفقري للعمل الإنساني داخل قطاع غزة ويجب أن تقود عملية الاستجابة هناك.
وأشار إلى أنها لم تتمكن من إدخال أي من الإمدادات الإنسانية المخصصة لغزة رغم مرور عدة أيام على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قال أبو حسنة، إنه حتى الآن لم تسمح “إسرائيل” للأونروا بإدخال المساعدات الغذائية وغير الغذائية التي تحتويها ستة آلاف شاحنة تنتظر على أبواب قطاع غزة، مبيناً أن هذه الشاحنات تحتوي مواد غذائية تكفي سكان قطاع غزة لمدة ثلاثة شهور.
وأضاف، لدينا مئات الآلاف من الأغطية والخيام والملابس وأيضا كميات كبيرة من الدواء وهذه يجب أن تدخل حتى نتمكن فعلا من مواجهة الأوضاع القاسية والخطيرة في القطاع التي لا تزال متدهورة حتى الآن، مبينا أن الحرب توقفت ولكن المعاناة مستمرة.
وأكد أبو حسنة، أن لدى الوكالة 12 ألف موظف حتى الآن يعملون داخل قطاع غزة، و8 آلاف مدرس يعملون على خطة وضعتها الأونروا بالتعاون مع الشركاء في كيفية استعادة وإشراك 640 ألف طالب مبعدين تماما عن العملية التعليمية لمدة عامين.
وأشار المتحدث إلى أن العمليات في القطاع الصحي لا تزال متواصلة، حيث بلغ عدد الزيارات الطبية في عيادات الأونروا منذ السابع من تشرين الأول 2023 أكثر من عشرة ملايين زيارة، مؤكدا استمرار عمليات جمع النفايات الصلبة إلى جانب تزويد مراكز الإيواء بالمستلزمات الضرورية وحفر الآبار داخل المخيمات.
وقال، إن خدمات الدعم النفسي ما زالت تقدم دون انقطاع، إذ تم تقديم نحو 800 ألف استشارة نفسية عبر الأونروا، مؤكدا أن جميع العمليات مستمرة، باستثناء توزيع المواد الغذائية الذي توقّف نتيجة منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ هذه المهمة.
ودعا إلى تعزيز الدعم العربي للوكالة لضمان استمرار خدماتها في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، لافتا الى أن المفوض العام للوكالة يجري اتصالات مكثفة مع أطراف عدة لضمان إدخال المساعدات وتمكين موظفيها الدوليين من دخول القطاع.
من جانبه، حذر المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان، من أن خطر المجاعة لا يزال يهدد قطاع غزة، في ظل استمرار “إسرائيل” في تقليص حجم المساعدات الإنسانية، معتبرا ذلك “استخداما للتجويع كأداة إبادة جماعية”.
وأوضح المرصد في بيان له، أن الكميات المحدودة من المساعدات التي سُمح بدخولها لا تمثل سوى جزء ضئيل من الاحتياجات الفعلية للسكان، مضيفا أنه يشعر بقلق بالغ إزاء تأخير إدخال المساعدات ورفض فتح معبر رفح بذريعة عدم تسليم جثث قتلى “إسرائيليين”.
وأشار البيان إلى أن “إسرائيل” سمحت بإدخال 173 شاحنة مساعدات فقط خلال يومين بعد وقف إطلاق النار يوم الجمعة الماضي، بينما لم يُسمح بدخول أي شاحنات الإثنين بحجة الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، ولم تُسمح اليوم بحجة الأعياد اليهودية.
بدورها، أكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة يتطلب خطة استجابة شاملة وفورية، تُنفّذ بالتوازي مع تثبيت وقف العدوان والإبادة، وتنفيذ صفقة التبادل.
وشددت الشبكة في بيان لها أمس الأربعاء، على أن استمرار تنفيذ الصفقة ضرورة وطنية وإنسانية لحقن الدم الفلسطيني، رغم المعيقات والتلاعبات التي تمارسها سلطات الاحتلال.
ودعت إلى الحفاظ على مقومات الحياة، وحماية الفئات الهشة، ومعالجة القضايا اليومية الملحّة في ظل استمرار انتشال الجثامين من تحت الركام، والوضع المأساوي الناجم عن الدمار الهائل الذي خلّفته حرب الإبادة.
كما دعت إلى توسيع حملات الإغاثة الإنسانية لتزويد المنكوبين بمتطلبات الحياة الأساسية ضمن جهود وطنية موحدة، خاصة في ظل التقديرات التي تشير إلى وجود نحو 60 مليون طن من الركام جراء التدمير الممنهج ومسح المربعات السكانية، وتهجير نحو 80% من سكان القطاع.
وأكدت أن دخول نحو 400 شاحنة مساعدات إلى القطاع يمثل خطوة إيجابية لكنها غير كافية، مطالبة بزيادة عددها بشكل عاجل لتلبية الاحتياجات الأساسية، وضمان إيصال المساعدات لمستحقيها، وتعزيز صمود المواطنين وحماية الوجود الفلسطيني في القطاع رغم حجم الدمار الهائل الذي طال جميع مناحي الحياة، ويتطلب سنوات طويلة لإعادة الإعمار والبناء.
يُشار إلى أن الإعلام “الإسرائيلي” تحدث أمس الأربعاء عن وجود “استعدادات ميدانية متواصلة” لفتح معبر رفح بين غزة ومصر، مؤكدا أنه لن يتم فتحه اليوم ولا موعد محددا لفتحه، بعد أن راجت أنباء في وقت سابق تفيد إعادة فتحه خلال الساعات القليلة المقبلة.
وبحسب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام ووقف إطلاق النار في غزة، كان مقررا إعادة فتح المعبر اليوم، بعد اكتمال تسليم رفات الأسرى الإسرائيليين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وكالات