الرئيسية-تقريرفلسطين

الأمطار والبرد القارس يفاقمان محنة النازحين في خيام غزة

يعاني نازحون في قطاع غزة من أوضاع شديدة القسوة منذ أيام، محاصرين في الخيام المتداعية بين الأمطار الغزيرة والبرد وهبات العواصف، الأمر الذي أدى لانهيار بعض من خيامهم المكتظة والمتهالكة والتي نصبوها على الشاطئ، وغرق الحشايا التي ينامون عليها والبطاطين التي يتدثرون بها طلبا للدفء.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية، ضرب منخفض جوي مصحوب برياح وأمطار قطاع غزة مما تسبب في غرق الآلاف من الخيام التي تؤوي نازحين، الأمر الذي أفقدهم آخر ما يملكونه من مأوى وأمتعة بعدما دمرت إسرائيل منازلهم خلال عامين من حرب الإبادة الجماعية ورفضت إدخال البدائل من خيام وبيوت متنقلة.

وقدرت الخسائر الناجمة عن الأجواء العاصفة بنحو 4.5 ملايين دولار. وشلمت الخسائر أضرارا لحقت بنحو 22 ألف خيمة ومرافق بنية تحتية وتلف أغذية وأدوية، في حين قالت منظمات إغاثة محلية إن هناك حاجة ماسة إلى 300 ألف خيمة جديدة.

ويعيش النازحون، البالغ عددهم وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة 1.5 مليون فلسطيني، واقعا مأساويا بسبب انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى مستلزمات أساسية ونقص تقديم الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي.

غرق الخيام


بالنسبة لأبي محمد القرا، كان للمطر والبرد تأثير مدمر، فقد وصلت مياه الأمواج إلى خيمة أسرته التي نصبها على الشاطئ على بعد 20 مترا فقط من البحر، مما أدى إلى إغراق متعلقاتهم وإجبارهم على قضاء إحدى الليالي في جهد محموم لنقل أغراضهم. وقال إنه لا يوجد دفء ولا أي شيء، ومن الساعة الخامسة صباحا جلست عند جيراني من أجل أن أتسلى وأنسى البرد وما نعانيه.

وكانت أسرة القرا انتهى بها المطاف في منطقة مخيم المواصي بجنوب غزة بعد انهيار هدنة سابقة وصدور أوامر من جيش الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين بالتوجه إلى هناك. لكن الأسرة عانت كثيرا قبل العثور على مساحة متبقية لنصب خيمتهم.

وأخيرا استقرت الأسرة في بقعة قريبة من البحر، لا يحميهم من الأمواج سوى جدار رملي صغير تقيمه الأسر التي تعيش في تلك المنطقة. وأضاف “جلسنا نصف الليل ننزح ونخرج المياه من الخيمة، وملابسنا وبطانياتنا وفرشنا ابتلت بالكامل”.

من جانبه، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة إن “الفيضانات دمرت أكثر من 22 ألف خيمة إلى جانب الأقمشة المشمعة والمراتب ومعدات الطهو، وتسببت في أضرار تتجاوز قيمتها مليوني دولار”، مضيفا أن ملاجئ الطوارئ انهارت أيضا في بعض المناطق، مما حوّل المخيمات إلى برك من المياه والوحل.

ولحقت أضرار أخرى باهظة التكلفة بشبكات المياه والصرف الصحي بما في ذلك خطوط المياه المؤقتة وخزانات الصرف الصحي، بالإضافة إلى منشآت الطاقة الشمسية الصغيرة التي توفر تقريبا كل الكهرباء التي يعتمد عليها سكان غزة.

وقالت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) تيس إنجرام إن مخزون الوكالة من الإمدادات المتعلقة بتوفير المأوى للعائلات سينفد في غضون أيام، وحثت السلطات الإسرائيلية على السماح بدخول المزيد منها في أسرع وقت ممكن.

وعلى مدى نحو عامين من الإبادة تضررت عشرات آلاف الخيام بفعل القصف الإسرائيلي الذي أصابها بشكل مباشر أو استهدف محيطها، في حين اهترأ بعضها بسبب عوامل الطبيعة من حرارة الشمس المرتفعة صيفا والأمطار والرياح شتاء.

ومع غرق هذه الخيام، لم يتبق للنازحين الفلسطينيين أماكن بديلة للإيواء حيث دمرت إسرائيل خلال العامين الماضيين 90% من البنى التحتية المدنية، بخسائر أولية قدرت هيئة أممية بحوالي 70 مليار دولار.

كما ترفض إسرائيل إدخال مواد الإيواء من خيام وبيوت متنقلة، متنصلة بذلك من التزاماتها التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.

أمراض معدية
وقالت إنجرام “من دون هذه الإمدادات، يواجه الأطفال خطر المزيد من المعاناة بسبب هذا المزيج القاتل من البرد والأمطار وسوء الصرف الصحي، الذي يؤدي إلى انتشار الأمراض، وبالطبع سوء التغذية المستمر”.

وحتى في عمق غزة تسبب هطول الأمطار في مشكلات كبيرة، فمعظم الناس الذين يحتمون بالخيام ليست لديهم مراحيض مناسبة أو مرافق صرف صحي، وإنما يعتمدون على الحفر والخزانات الصغيرة قرب خيامهم والتي تفيض عند هطول الأمطار الغزيرة.

ويعيش معظم الناس أيضا قرب أكوام القمامة العشوائية بسبب مكبات القمامة والمرافق الأخرى، وأصبح من المستحيل الوصول إليها أو أنها تعرضت للدمار.

وحذرت المستشفيات المنهكة بالفعل مرارا من ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض المعدة والأمراض الجلدية بسبب الازدحام والظروف غير الصحية التي تفاقمت نتيجة سوء التغذية المتفشي والذي أضعف جهاز المناعة.

وامتلأت برك كبيرة كانت تستخدم لتخزين مياه الأمطار قبل الحرب بمياه الصرف الصحي، ومع تحطم الأنابيب وأنظمة الضخ أو تضررها أصبحت هذه البرك مصدر تهديد لأنها قد تفيض منها المياه إلى مناطق الخيام المكتظة المحيطة بها.

الجزيرة نت

أخبار / مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى