اغتنام عطلة الصيف – عبد الحق لمهى
بدأت أيام العطلة الصيفية، وهي فرصة ثمينة لتحقيق كثير من الغايات والمقاصد، التي لم تسمح بتحقيقيها باقي أيام السنة، نظرا لعدد من الالتزامات التي تشغل الإنسان.
إن فترة عطلة الصيف، زمن مهم ومفيد في حياتنا، شريطة حسن الاستثمار لها، باختيار ما ينفع من الأعمال التي من شأنها أن تعود بمزيد نفع على كل إنسان.
حتى يحصل الاغتنام الأمثل لعطلة الصيف، لهذه السنة ولغيرها من السنوات المقبلة، فإنه من المفيد جدا، الحرص على القيام ببعض الأعمال النافعة بدون شك.
من المقترحات الممكنة التحقق والتنزيل في عطلة الصيف، ما يلي:
أولا: تخصيص حصة أسبوعية داخل الأسرة، بهدف “عقد مجلس قرآني” [1] لقراءة وتدارس كتاب الله تعالى وتدبر معانيه واستخلاص الهدايات منه قصد العمل بها في الحياة، والأصل في هذا الكلام ما ورد في الحديث النبوي الشريف، “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده” رواه أبو هريرة، في سنن أبي داود. هذه الفكرة نبه إليها أحد أهل العلم في سياق حديث عن أهمية القراءة الجماعية للقرآن الكريم، يقول : “… ولو دعي أرباب البيوت ورباتها، إلى عقد حلقات أسرية يومية للقراءة الجماعية للقرآن الكريم، لكان لذلك شأن أي شأن…” [2].
هنا يطرح سؤال كيف لنا تفعيل هذا المقترح الذي يتطلب ويتطلب ويتطلب … الجواب: إن التدرج في التنزيل أفضل طريق لبلوغ هدف الاجتماع على كتاب الله تعالى، فكما يبذل الإنسان المسلم جهده في الظفر بما يريد بطريق التدرج اليومي والأسبوعي والشهري والسنوي إلى نهاية المبتغى، فمن باب الأولى أن يكون هذا المنهج هو السبيل إلى بلوغ غاية الاجتماع على مائدة القرآن الكريم.
ثانيا: وهو مقترح مرتبط بالأول، وأعني هنا في هذا الصدد، الاجتهاد في البحث عن كل فرصة متاحة تسعى إلى العناية بحفظ كتاب الله تعالى، والواقع ـ بحمد الله ـ يشهد على غنى المبادرات سواء منها ما تقوم به المؤسسات الرسمية مثل المجالس العلمية المحلية مشكورة في ذلك، أو ما تعلق منها بمختلف الجهود الحميدة التي تجتهد في تحقيقها مؤسسات المجتمع المدني، وغيرها من الأعمال التي تروم تمكين الناشئة من حفظ القرآن الكريم، ولا أظنه يخفى على أحد من المسلمين ما للقرآن الكريم من الأهمية والفائدة في بناء وتكوين الأطفال من كل الجوانب النفسية، والعقلية،…[3]
ثالثا: من المشاريع الهامة التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية بالمملكة المغربية مع شركاء آخرين، ما سمي ب ” المشروع الوطني للقراءة” [4]وهو مشروع واعد يهدف بشكل عام إلى تشجيع الناشئة على القراءة، وهو مشروع ينضاف إلى جهود مختلف المؤسسات الرسمية والشعبية والفاعلين بغية ترسيخ ثقافة القراءة لدى أجيال المستقبل، المهم في هذا السياق هو الحاجة إلى هذا المشروع والانتباه إليه وجعل فترة العطلة الصيفية فرصة للانخراط الجاد والإيجابي من قبل الأسرة خاصة، في أفق المشاركة في التنافس بين الفئات المستهدفة على مستوى المؤسسات التعليمية بالمغرب.
قد يتعلل أحدنا في عدم الاهتمام بهذا المقترح، بعلل كثيرة منها أن الصيف لا يعرف استقرارا للأسرة بحيث كثرة الأسفار. فهل كثرة الأسفار تقف عائقا أمام تحقيق طموح القراءة؟ أليس من الممكن المزاوجة بين الاستراحة والقراءة، خاصة إذا تم اقتطاع حوالي نصف ساعة في كل يوم من وقت الطفل يستفيد من متعة القراءة من أجل تحقيق غايات وأبعاد عديدة.
رابعا: هناك العديد من الوسائل التي تركز عليها الأسرة في العطلة الصيفية من ذلك: الرحلات، المخيمات،… وغيره كثير مما يدخل ضمن البرنامج الصيفي للأسر، وفي الغالب الأعم هذه أمور مألوفة لدى غالبية الناس. ولكن وحتى يكون الاستثمار الجيد للعطلة، يستحسن التركيز على المقترحات الثلاث السالفة الذكر، فهي أساسية وما دونها على أهميته يمكن اعتبارها من الأمور الثانوية التي هي في الغالب الأعم لا ينفك عنها كل فرد من أفراد المجتمع.
ختاما، هذه مقترحات عملية لجعل الفتترة الصيفية فترة استجماع والمزاوجة بين الراحة والتعلم والتربية عبر مختلف تلك المقترحات السالفة الذكر، وليس هذا قولا فصلا في موضوع اغتنام عطلة الصيف، ولكنه رأي يدخل ضمن دائرة الخطأ والصواب. فما منه مفيد أخذ به ومن لم يكن ترك جانبا لعله يكون مفيدا في وقت آخر.
—–
[1] ـhttps://www.youtube.com/watch?v=q3FE_ARD0MQ
[2] ـ مراجعات فقهية وأصولية، احمد الريسوني، ص 15
[3] ـ https://ampei.ma/?p=22425
[4] ـ https://nationalreadingprogramme.com/ma/