استياء واستنكار واسع لرفض مديرية تعليمية بالبيضاء إدراج نص عن فلسطين في الامتحان

شكل رفض المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بالفداء مرس السلطان بجهة الدار البيضاء سطات، إدراج واعتماد نصين للغة العربية في الامتحان الموحد للمستوى السادس ابتدائي دورة يونيو 2025، يتحدثان عن القضية الفلسطينية، فضيحة قوبلت استياء كبيرا في أوساط واسعة، خاصة أن المغرب بقيادة  الملك محمد السادس أكد في مناسبان عديدة أن القضية الفلسطينية في مرتبة القضية الوطنية.

ويتحدث النص الأول عن مواطن فلسطيني يحلم بالعودة لوطنه فلسطين، ويتحدث الثاني عن أحد الأطباء الفلسطينيين الذي تحدى كل الصعاب من أجل الاستمرار في تقديم المساعدة الطبية لأهله المحاصرين في غزة.

وكانت المديرية الإقليمية، أصدرت قرارا بسحب الامتحان وتعويضه بنص بديل تم إعداده على عجل، قبل ساعات فقط من موعد اجتياز الاختبار، مما خلق ارتباكًا في عدد من المؤسسات التعليمية، وأثار استياء عدد من الفاعلين التربويين.

وعبرت أطر تعليمية عن امتعاضها من القرار، معتبرة أن النص لم يخرج عن الإطار التربوي والأخلاقي الذي تنص عليه المناهج المغربية، وأن القضية الفلسطينية ليست قضية سياسية بقدر ما هي قضية إنسانية بامتياز.

المفتشة التربوية المكلفة تحكي التفاصيل

ورفضت المفتشة التربوية المكلفة بإعداد الامتحان تعديل الموضوع، مشددة على أنه ينسجم مع الإطار المرجعي والمعايير التربوية، ما دفع المديرية إلى تكليف المفتش صاحب المراسلة بوضع امتحان بديل.

وقالت بهيجة الزوهري المفتشة التربوية بالمديرية الإقليمية بالفداء درب السلطان أنها قامت بوضع الامتحان بناء على تكليف رسمي من المديرية الإقليمية في 16 أبريل 2025، وأعددته وسلمته للمصالح المختصة، وأكدت لهم أن الموضوع يساهم في تعزيز ثوابت المغرب ومطابق للإطار المرجعي للامتحانات وللمواد التي درسها التلاميذ هذا العام من بينها المواطنة والسلوك المدني وتحديات العالم المعاصر، أي أنه يراعي كل شروط امتحانات المستوى السادس ابتدائي وتم عبر المساطر المعمول بها.

وأضافت الزوهري في تصريح لها على إذاعة “كاب راديو”: فوجئت الإثنين الماضي أن الامتحان تم تغييره وحل محله امتحان آخر، رغم أن النص يتحدث عن لاجئ يحكي معاناته الإنسانية وحلمه للعودة إلى وطنه وحب الوطن، وهذه قيم إيجابية نعلمها للتلاميذ حتى يتعلموا من جانبهم حب الوطن أيضا، إضافة إلى أن اللاجئين هناك قانون دولي يحميهم. كما يتطرق الامتحان لما هو إنساني”.

واعتبرت المفتشة التربوية أن سبب تغيير الموضوع، هو وجود تطبيع تربوي وهناك أمور تمر في القطاع التربوي يجب أن يكون قطاع التعليم في منأى عنها، والذي هو قطاع مستقل فيه التنوير وقيم إيجابية تعطى للناشئة، وتابعت: “لم نعطهم من خلال الامتحان أشياء فيها كراهية أو تحريض أو عنف أو غير ذلك، بل بالعكس الامتحان فيه قيم إيجابية لحب الوطن والمواطنة والسلوك المدني”.

واعتبر مفتش تربوي رفض ذكر اسمه أن ما حدث “سابقة قد تفتح الباب أمام سحب مضامين تعليمية بحجج غير واضحة”، مؤكدًا أن “المدرسة المغربية لطالما كانت فضاء لغرس قيم التضامن والعدالة، وفلسطين جزء من هذا الوعي الجمعي”.

الفضيحة تصل قبة البرلمان

ووصلت الفضيحة إلى قبة البرلمان عبر سؤال كتابي وجهه البرلماني عبد الصمد حيكر، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة.

ووصف حيكر هذا الرفض بالقرار الصادم والغريب، خاصة أن المديرية الإقليمية استندت في قرارها المذكور إلى تقرير داخلي اعتبر أن موضوع النصين يندرجان ضمن ما سمي “المجال السياسي ذي الحساسية الوطنية”.

وأوضح البرلماني أن صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وكذا حقهم في العودة لوطنهم، من الحقوق المشروعة التي تكفلها القوانين الدولية ومختلف القرارات الدولية ذات الصلة، كما أنها لم تكن في يوم من الأيام موضوع جدل أو خلاف بين المغاربة بمختلف مواقعهم ومشاربهم.

وأبرز حيكر أن المغاربة ظلوا على مر التاريخ سباقين لنصرة الشعب الفلسطيني، والدفاع عن حقوقه التاريخية والمشروعة، ومنها حق العودة للوطن الأم فلسطين، ولم يُبدوا في أية لحظة أي حساسية في التعاطي مع هذه القضية التي تسكن وجدانهم باستمرار.

واعتبر عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أن ما أقدمت عليه المديرية المذكورة، يعد استفزازا واضحا لمشاعر المغاربة، ومسا صريحا بقيمهم الوطنية الجامعة، ومنها قضية فلسطين التي جعلها جلالة الملك في نفس درجة أهمية قضية الوحدة الترابية للمملكة، مطالبا وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي بالكشف عن حيثيات القرار المذكور، وعن الإجراءات التي ستتخذها وزارته لمعالجة هذه النازلة المسيئة وضمان عدم تكرارها.

هيئة حقوقية تستنكر

واستنكرت الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان بشدة ما تم تداوله من  السحب المفاجئ لموضوع امتحان يخص مادة اللغة العربية للسنة السادسة ابتدائي، كان من المزمع اجتيازه قبيل ساعات من صبيحة يوم الاثنين 23/6/2025 ، وذلك بسبب تطرقه لموضوع القضية الفلسطينية ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين و استبداله بآخر دون مبرر واضح أو عبر المساطر الرسمية.

واعتبرت الهيئة الحقوقية فب بلاغ لها أن هذا الفعل النشاز يعد خرقا للمساطر المعمول بها في إعداد وتتبع الامتحانات الإشهادية، وسابقة خطيرة تمس باستقلالية المدرسة العمومية وبالرسالة التربوية في بعدها الإنساني والحقوقي.

ولم تصدر وزارة التربية الوطنية أي بلاغ رسمي يوضح خلفيات القرار أو يحدد موقفها من الموضوع، ما زاد من حالة الغموض، وفتح المجال أمام تأويلات كثيرة تتعلق بحرية العمل البيداغوجي ومكانة القضايا الإنسانية في المنظومة التعليمية.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى