مواطنون يجيبون عن سؤال: عيد الأضحى هل أصبح عادة عند المغاربة؟
شرع الله لنا من الأعياد ما يفرحنا ويشيع في حياتنا السعادة والاستقرار، حيث جاء الإسلام وفي الناس عادات وتقاليد، فكان شأنه من تلك العادات والتقاليد أن أقر منها الصالح الذي يسمو بالإنسانية ويرقى بها، ويعطيها القوة والصلاح ورفض ما عدا ذلك، أما الأعياد التي شرعها الإسلام فهي عيدان، عيد الفطر وعيد الأضحى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “كان لكم يومانِ تلعبونَ فيهما، وقدْ أبدَلَكم اللهُ بهما خيرًا منهما: يومَ الفطرِ، ويومَ الأضحَى”.
ولعيد الأضحى نكهة خاصة وطعم يكشف عن عمق ارتباط المغاربة بدينهم وقيمهم وعقيدتهم الأصيلة، التي تقوم على فلسفة التكافل والتضامن، والفرح المرتبط بالامتثال لأمر إلهي ومناسبة للتواصل العائلي والاجتماعي وإحياء قيم العطاء والتكافل، على اعتبار أن الأضحية سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، ينبغي الحفاظ عليها بامتثالها وإحيائها كل سنة.
لكن مع توالي السنوات ظهرت بعض السلوكات التي حولت السُنَّة إلى فرض وتحول المقصد عند البعض من الأضحية من ابتغاء وجه الله تعالى والتقرب إلى التباهي والافتخار على الجيران، وتحولت العبادة إلى عادة دفعت كثيرين إلى إيقاع أنفسهم في الحرج والضيق بالاقتراض وغيرها مع ان ذلك غير كطلوب أساسا، ولايجوز دينيا لأن الله يقول “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”، كما أن المذهب المالكي لايجيز الاقتراض من اجل شراء الأضحية.
في هذا السياق استقى موقع الإصلاح ارتسامات مواطنين بخصوص عيد الأضحى وسألهم: هل عيد الأضحى عبادة أم عادة؟؟ فكانت إجاباتهم على الشكل التالي:
س.د. (ربة بيت وأم لطفلين) ترى أن عيد الأضحى أصبح عادة أكثر مما هو عبادة، محبذة أن يتم الاحتفال بنفس الشكل كما عيد الفطر إن لم يتمكن رب الأسرة من شراء الخروف على اعتبار أنها سُنّة وليست فرضا.
وتضيف أن ما هو مهم في العيد هو الفرحة والتواصل العائلي، الذي يجمع الأسر ببعضها البعض في جو من الألفة والمحبة، وأن هاته المناسبات الدينية لها مقصد مهم هو التقوى، وهذا لا يتحقق إلا بإزالة كل ما يعكر صفو نفوس الناس، بحيث تصبح مناسبة للتصالح والتسامح والتعاطف، وهي أكثر ما وصى به القرآن الكريم، مشيرة لقول الله تعالى “ما جعلنا عليكم في الدين من حرج”، وهذا معناه ألا يكون أي عمل ديني فيه حرج للشخص، وبالتالي يتم الاحتفال بكل أريحية وبهجة وليس بالإلزام والتكلُّف.
من جهتها اعتبرت أ.م (مهندسة وأم لطفلين) أنها ضد أي تكلف في اقتناء أضحية العيد، أو اللجوء إلى القروض خاصة، ولاحظت أن ثمن الأكباش كان سابقا في المتناول بخلاف اليوم، حيث ارتفع ا بشكل ملفت قد لا يتمكن حتى من هم من الطبقة المتوسطة من شراء الأضحية، مع ارتفاع أسعار الكثير من المواد الغذائية في السنوات الأخيرة ، وبالتالي فإن أضحية العيد تدخل في خانة “من استطاع إليه سبيلا”.
وأشارت المتحدثة إلى أن في الإسلام الكثير من الرخص حتى فيما يتعلق بالفرائض، وبما أن أضحية العيد سُنة، فإن العيد يظل قائما بالتراحم والتواصل والتعاون والتضامن فيما بين الناس، دون تكلف أو تنطع يخرج هذه الشعيرة من مكانتها المرتبطة بفدية عظيمة لسيدنا إبراهيم عليه السلام.
واعتبر ع.ش (رب أسرة) أن المسلمين لا يحرصون على أداء الفرائض وأركان الدين كما يفعلون عندما يتعلق الأمر بعيد الأضحى، معتبرا أن الشيطان يوسوس لهم بأن الأضحية مفخرة، وحفظ ماء وجهه بين الناس، يتم مداراتها بمقولة “سُنة مؤكدة”، مضيفا أن الحديث عن الغلاء مجرد ذريعة للبعض للتخلص من قهر النفاق الاجتماعي لأن ما يجب أن نقدمه لله هو الأغلى، تقربا إليه واتباعا لنهجه القويم.
بدورها أكدت ح.ز على مكانة عيد الأضحى عند المسلمين وخاصة ارتباطه بقصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، هذا المقصد الذي غاب للأسف مع طول الزمن عن أذهان الناس، وبدأ التركيز فقط على اقتناء خروف كبير لأجل اللحم وهذا ليس عيبا، ولكن أن يتحول من عبادة لعادة هو المشكل.
وأشارت المتحدثة إلى أن فرحة العيد والتلاحم بين أفراد الأسر انخفض عما كان عليه سابقا، وأوضحت أن هناك من يعتبر عيد الأضحى كله إرهاق وتعب بخلاف عيد الفطر، وهناك من يختار أن يحتفل بعيدا عن الأسرة لوجود حساسية بين بعض أفرادها، التي المفروض أن يكون بينها الود والمحبة وهو الأهم، منوهة ّإلى أهمية صلاة العيد والتضامن بين المسلمين فيما بينهم امتثالا للتوجيهات الربانية في كتابه العزيز.
ويرى م.ر (موظف ورب أسرة) أن ما بات يشهده مجتمعنا أيام العيد؛ هي سلوكيات لا تمت للدين الإسلامي بصلة، ومنها اقتناء أضحية العيد بالقروض البنكية، وهذا يعني أن من يقترض لا يستطيع أن يشتري الخروف بكل أريحية ولا يملك ثمنه فيضطر لذلك، مع أن الأمر يتعلق بسُنة حسنة مرتبطة بحادثة تخص النبي إبراهيم وابنه عليهما السلام، وبالتالي فنحن هنا نتكلم عن شعيرة دينية أي عبادة وليس مسألة شخصية أو تجارة.
وأوضح المتحدث أن أكثر السلوكيات، التي تظهر أننا نقيم هذا العيد عادة فقط، هي الإصرار على شراء خروف كبير فهناك من يتفاخر بذلك بين جيرانه، وهذا ما لا يليق بتاتا بنا كمسلمين ونحن نتحدث عن شعيرة دينية، هذا بالإضافة للحوادث التي تحصل قبل العيد ويوم العيد والتي تفجع القلب، وإن كانت تحدث مرة في السنة إلا أنها أصبحت ظاهرة وجب من العلماء والمختصين في الشأن الاجتماعي الانتباه لها ودراستها والعمل على الحد منها.
وقالت ن.س ( مستخدمة وأم) إن عيد الأضحى شعيرة إسلامية ككل الشعائر والمناسبات، التي يحتفل بها المسلمون كل سنة، إلا أنها لاحظت أن عيد الأضحى ارتبط بشراء الأضحية مما جعل الناس تتكلف في هذا الأمر، وروت عن جارتها التي تقترض كل عام 5000 درهم لأجل الخروف ومتعلقات العيد، وهذا ما ترفضه المتحدثة على اعتبار أن أضحية العيد سُنة وأن المهم هو أن نحتفل ونفرح ونصل لمقصد ما أراده الله من هذه المناسبة؛ من التضامن والتآزر الذي حث عليه كتابنا العزيز.
وأشارت المتحدثة أن سكان الأحياء الراقية يحتفلون بالعيد دون تكلف، وأغلبهم يتصدقون بتلك الأضحية للفقراء، في حين يركز سكان الأحياء الشعبية على أضحية العيد بشكل كبير، مبررين اقتناء الخروف دائما بأطفالهم ولو ارتفع ثمنه، حيث يضطرون لشرائه مما يرهق ميزانيتهم ونفسيتهم، وهذا المبرر يخالف المقصد من العيد؛ فهي سُنة علينا أن نقوم بها لهذا السبب وليس لأن أطفالنا يريدون الخروف.
موقع الإصلاح