إنه يوم عيد – سعيدة حرمل

الجمعة والتعظيم

وأنا في سفري مع صحيح البخاري بلغت كتاب الجمعة، فاستوقفني مقام هذا اليوم العظيم في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، إنه عيد بكل ما تحمله الكلمة من معاني التعظيم والفرحة والاغتسال، ولبس أحسن الثياب، وأهم ذاك تخصيصه بعبادة خاصة هي صلاة الجمعة، فكل مقومات العيد موجودة فيه. فعلام هذا الإجحاف لهذا اليوم العظيم. ولماذا هُمش في ثقافتنا إلا من رحم الله؟

هو يوم عيد 

بالاستعداد ليوم طويل من اغتسال وسواك وتطيّب ولبس أبهى الحلل، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستن وأن يمس طيبا “.

هو يوم عيد

بالتبكير والحضور في الباكر فعن عبد الله بن عمر” – أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، بيْنَا هو يَخْطُبُ النَّاسَ يَومَ الجُمُعَةِ دَخَلَ رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هذِه؟ فَقالَ: إنِّي شُغِلْتُ اليَومَ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إلى أَهْلِي حتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَلَمْ أَزِدْ علَى أَنْ تَوَضَّأْتُ، قالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَأْمُرُ بالغُسْلِ. !!

فعمر عاب على الرجل تأخره وعدم تبكيره، وزاد عتابه له حدة عندما علم أنه فقط توضأ ولم يغتسل ليوم الجمعة!! وفي حديث اخر للنبي عليه السلام “لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا “!!

هو يوم عيد 

بالإطعام وإدخال السرور : فعن سهل قال :”كَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ تَجْعَلُ علَى أرْبِعَاءَ في مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقًا، فَكَانَتْ إذَا كانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ، فَتَجْعَلُهُ في قِدْرٍ، ثُمَّ تَجْعَلُ عليه قَبْضَةً مِن شَعِيرٍ تَطْحَنُهَا، فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عَرْقَهُ، وكُنَّا نَنْصَرِفُ مِن صَلَاةِ الجُمُعَةِ، فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَرِّبُ ذلكَ الطَّعَامَ إلَيْنَا، فَنَلْعَقُهُ وكُنَّا نَتَمَنَّى يَومَ الجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذلكَ”.

 هو يوم عيد

بالحضور لصلاة الجمعة، ثم الاجتماع لتناول وجبة الغذاء بعد أداء العبادة مع الاهل والاأحباب، فعن سهل قال “ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة!!”

يوم عيد

بالحضور الباكر والاستعداد للصلاة، بكثرة الأذكار والدعاء والصلاة على رسول الله، ثم أخذ قسط من الراحة في القيلولة، بعد انقضاء الصلاة فعن أنس “كنا نبكر إلى الجمعة ثم نقيل “.

يوم عيد

ففيه صلاة ركعتين وخطبتين وحضور دعوات وصدقات، فعن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم :”إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وقَفَتِ المَلَائِكَةُ علَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الذي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، ويَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ”.

ومازال كتاب الجمعة في صحيح البخاري يبهرني بأحاديثه المعظمة لهذا اليوم، وأسئلة كثيرة تتبادر إلى ذهني :

ما الذي جعلنا نمر على يوم الجمعة وكأنه يوم عادي؟

ما الذي جعلنا نتغافل عن عظمته ورفعته بين أيام الله؟

وهل نستطيع إعادة الاعتبار لهذا اليوم العيد وإحيائه من جديد في نفوس شبابنا وأطفالنا ؟ فلا يرفع هذا الدين ولا يصلح أهله إلا بما صلح به الأولون.

أخبار / مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى