إفريقيا المنشودة – نورالدين قربال
يلاحظ اليوم حركية على مستوى تطوير القارة الإفريقية، وأخرى نقط سوداء تؤثر على المسار التنموي للقارة. وللإشارة لا يمكن أن نحقق حضورا دوليا لإفريقيا دون تحقيق الوحدة الداخلية. وهذا تحد كبير يتطلب عملا متواصلا ونكرانا للذات وخدمة للمصلحة العامة. ه
ذا المنهج هو الذي سيؤهلها للتعاون مع الأمم المتحدة وأطراف أخرى من أجل التغلب على التحديات العالمية. ولن يتم هذا إلا بالتعاون على الشراكات القارية والدولية الاستراتيجية. بناء على مبدأ رابح-رابح. وقيمتي التعاون والتضامن، لهذا لا بد من فتح حوار جدي بين كل الأطراف إفريقيا وعالميا حتى يصبح هذا الاختيار منطقيا وليس عشوائيا يعطي فرصة لطرف على حساب طرف آخر.
إن توحيد إفريقيا يؤهلها للمساهمة الفعالة في البعد الإنساني، اعتمادا على تنسيق محكم بين كل الأطراف. ومن تم لا بد من تطوير العمل الدبلوماسي حتى يتناغم مع التطورات الحديثة. وللاتحاد الإفريقي دور مهم في تأهيل إفريقيا لهذا المستوى من أجل تدعيم الحضور الإقليمي والدولي للقارة، ولا بد أن يتعاون مع المنظمات الدولية في هذا الباب خاصة الأمم المتحدة مع احترام المقتضيات القانونية للاتحاد الإفريقي والمنتظمات الأخرى، لأن هناك مواثيق ومبادئ وأهداف مسطرة واضحة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار خاصة على المستوى الأممي.
لقد تم التأكيد على هذه المبادئ من قبل السيد فتح الله سجلماسي المدير العام للجنة الاتحاد الإفريقي، بمناسبة تخليد يوم الأمم المتحدة. مؤكدا على القضايا الاستراتيجية المشتركة على المستوى الأممي، وطرق تفعيلها. وتعود بالنفع على القارة الإفريقية، لأن هناك تحديات تنتظر إفريقيا ورهانات كبيرة تتطلب التزامات جماعية، تحتم على الإنسانية جمعاء إعادة البناء والتعاون والتنسيق الجماعي من أجل تحقيق السلم والأمن والازدهار.
ولا شك أن تأثير الجائحة ما زالت تلقي بظلالها على مجموعة من الدول خاصة القارة الإفريقية. إضافة إلى الأزمات المتتالية نتيجة الحرب الواقعة بين روسيا وأوكرانيا. نحو الأزمة الغذائية، والتي استفحلت نتيجة التغيرات المناخية التي تجتاح العالم كله. إضافة إلى الأزمة الطاقية التي تحير العالم اليوم. كل هذا نتجت عنه أزمات كثيرة وصراعات متعددة، وتحديات مهددة. والقارة الإفريقية التي تعتبر صمام الأمل للعالم تعيش مشاكل متعددة، وتضاعفت بالتحديات التي ذكرناها سابقا.
وقد أكد السيد المدير العالم على أن المؤتمر المقبل للاتحاد الإفريقي سيكون فرصة حقيقية لمناقشة الوضع الإفريقي والدولي والحلول الممكنة. من أجل المساهمة جميعا في البناء الإفريقي المستقبلي خاصة على المستوى الاقتصادي المحرك لعجلة التقدم والازدهار. وهذا مرتبط بالإرادة السياسية للقادة الأفارقة. مذكرا بلقاء مهم كذلك متعلق بلقاء كوب 27. وستكون مشاورات بشرم الشيخ يمكن أن تستثمر. للإجابة على الأسئلة العالقة والمتعلقة بتأثيرات التغيرات المناخية عالميا وقاريا. مع التركيز على الأولويات والاستفادة الإفريقية. وفي هذا الإطار تم التذكير بمخرجات مراكش 2016.
أي دور للمجتمع المدني في المساهمة في تنمية إفريقيا؟
إن للمجتمع المدني دورا فعالا في المساهمة في تنمية إفريقيا خاصة إذا استثمرنا الأفارقة المقيمين في العالم. وأول تحد هو البحث عن التمويل لإنجاز المشاريع المتفق عليها. خاصة قطاعات الصحة والتعليم والسكن والتشغيل والفلاحة والطاقة.
وقد انعقد في المغرب مؤخرا النسخة الثالثة لجامعة القادة الشباب للمجتمع المدني الإفريقي بمراكش أكتوبر 2022. وقد خلص إلى عدة مخرجات نوجز بعضها فيما يلي: بناء السيادة الغذائية الإفريقية والطاقية، والصحية باعتبارها أولويات ملحة مع تقديم الدعم للمنظمات المتخصصة في التغذية، والصحة، والطاقة. وهذا يتطلب التعاون جميعا على وضع سياسة طاقية واضحة، مستثمرين الموارد الطاقية التي تحفل بها القارة الإفريقية، مما سيشجع الإنتاج الصناعي والكهربائي، وإحداث التعاون والتوازن بين الجهات الإفريقية في إطار التضامن والتعاون.
وكون إفريقيا تعاني صحيا خاصة في مواجهة الأوبئة، فإن الملتقى تحدث عن منصة معطيات وخريطة طريق لكل بلد في المجال الصحي، ووضع سياسة تعاون وتنسيق بين كل الأطراف اعتمادا على الالتقائية في أفق تشكيل منظمة قارية للصحة، واعتماد اللامركزية للأنظمة الصحية بالنسبة للبلدان الإفريقية، من أجل تدبير جيد للأوبئة وغيرها.
كما أعطى اللقاء أهمية كبرى للفلاحة وذلك من خلال: أخذ تدابير أولية في أفق تشجيع التجديد التكنولوجي والمؤسساتي في المجال الفلاحي، ووضع نمذجة على مستوى أنظمة الإنتاج الفلاحي يراعي البعد المحلي والترابي الذي يلبى حاجة المواطنين أولا وانطلاقا من الموارد الذاتية. مع تنويع الإنتاج الفلاحي، والتقليص من الاعتماد على الخارج، مع مراعاة التغيرات المناخية. ووضع منصة لجمع المعطيات وتقاسمها بين كل الأطراف، والاستفادة من البحث العلمي الجامعي، وتأسيس إطار للاستثمار العام والخاص في المجال الفلاحي.
نخلص من هذا العرض إلى النتائج التالية التي انبثقت من ملتقى مراكش والمتجلية في تعاون الجميع من أجل التنمية الإفريقية، مركزين على تقييم المعرفة في أي مجال والإنتاج التقني، من أجل إنتاج محلي، وترابي دائم. كما تم التركيز على سياسة في مجال التعمير، الآخذة بعين الاعتبار الواقع المعيش، من خلال الوثائق التعميرية، بناء على الحرية والعلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف.
من الواجب أن تتضامن الدول والمجتمعات الإفريقية فيما بينها من حيث تبادل التجارب العلمية والعملية، والرؤى المستقبلية، والتجارب الناجحة. فهل ستصمد الدول الإفريقية من أجل تحقيق السيادة والهوية الفلاحية والصحية والطاقية؟ كيف تحدث تنسيقا محكما وتلقائية تشاركية بين الجامعات والخبراء والفاعلين بإفريقيا من أجل التحضير المحكم لشراكات دولية من أجل الإفادة والاستفادة؟