إعدام الأسرى عمل جبان – أيمن أبو ناهية
القانون العنصري الجديد، الذي أقره “الكنيست” الإسرائيلي بشرعنة إعدام الأسرى الفلسطينيين (منفذي عمليات المقاومة الفلسطينيين) بالقراءة الأولى (55 ضد 9)، هو مشروع عنصري بامتياز قدمته ما تسمى باللجنة الوزارية الأمنية في حكومة الاحتلال العنصرية، لصرف الأنظار عن جرائمها التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني مستغلة الأحداث الأمنية في بلدة حوارة والتغطية على جريمة إحراقها وإزالتها عن الوجود، كما يطالب أعضاؤها الفاشيون.
فقانون إعدام الأسرى الإجرامي طُرح من حكومات الاحتلال المتعاقبة عدة مرات منذ 2018، بدعوة من المتطرف بن غفير القادم من أشرس الأحزاب الصهيونية (عوتسماة يهوديت – قوة يهودية) حين كان في المعارضة، وقد أُسقط عدة مرات كان آخرها العام الماضي، واليوم يتقدم بهذا القانون من جديد وهو وزير ما يسمى الأمن القومي للاحتلال، هذه دلالة على دموية حكومة الاحتلال المتربصة بالأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية، الذين قتلوا من يقتل الفلسطينيين المدنيين العزل من الجنود والمستوطنين، فهؤلاء ومن يعطيهم الأوامر هم المجرمون الذين يستحقون العقوبة.
سلطات الاحتلال تحاول غسل أيديها من كل جرائم الإعدامات والقتل العمد وارتكابها المجازر بحق الفلسطينيين على مدار العقود السابقة، وتريد اليوم إقرار قانون إعدام الأسرى كأمر جديد، خارج عن حسابات الديمقراطية التي تتقلد بها، التي تتعارض مع ماضيها وحاضرها الدموي، وهنا لا أريد الذهاب بعيدًا بالسؤال عن المجازر الصهيونية التي ارتكبت في كل من دير ياسين، والطنطورة، وحيفا، ويافا، والجليل، وصبرا وشاتيلا، وتل الزعتر، ونهر البارد، وقانا، وغزة، وخانيونس….الخ، فكل هذه المجازر لا يمكن أن تمحو من تاريخ إجرام الصهاينة وستبقى وصمة عار على جبين المجتمع الدولي المتخاذل، لكنّي أسأل عن جرائم الإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال جهارًا نهارًا بحق الفلسطينيين في جنين، ونابلس، وحوارة، وأريحا، ولم ترحم أطفالًا أو نساءً أو شبابًا أو شيابًا، والكل تحت طائلة المجازر والقتل وهدم ونسف البيوت، فهذه الإعدامات ضمن السياسة التي يتبعها الاحتلال لا تحتاج إلى تشريع ولا تصويت من “الكنيست”، لأنها -كما ذكرت في مقالي السابق- هي عقيدة راسخة لدى زعماء الصهاينة وعلى رأسهم بن جيريون بقوله: “لولا دير ياسين لما كانت (إسرائيل)”.
فبالرغم من عنصرية هذا القانون الإسرائيلي لإعدام الأسرى، إلا أن ما يقلق الاحتلال هو أن يؤدي إلى ازدياد وتيرة العمليات بأشد وأصعب حدة، ما يعني عدم استسلام الفدائي مهما كلفه الأمر، لفقدان الأمل في الحياة وأن مصيره الإعدام فعندها سيفضل المقاومة حتى رمقه الأخير، وهذا الأمر قد أجمع عليه قادة الاحتلال سابقا، بأن القبض على المقاومين أحياء أفضل طريقة، كي يسهل عليهم الوصول إلى معلومات كانوا يجهلونها، وأخذ الحيطة والحذر.
لا فرق بين إعدام الفلسطيني ميدانيًّا أو داخل السجون والمعتقلات سواء كان أسيرا أو مقاوما أو حتى مسالما، فالكل مستهدف، وتتعمد سلطات الاحتلال القتل البطيء للأسرى عن طريق الإهمال الطبي، فكم أسير استشهد في الزنازين؟ إذًا النتيجة هي واحدة للفلسطيني الذي سيصبح أكثر شراسة في القتال في حال أقرَّ الاحتلال قانون الإعدام.
إنَّ فرض الاحتلال عقوبة إعدام الأسير الفلسطيني، هو عمل جبان بكل المقاييس ومخالف للقانون الدولي الإنساني، وإذا ما طبق فسوف يمثل جريمة انتهاك صارخة للاتفاقيات الدولية على رأسها اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بصون حياة الأسرى.