إدريس جامي.. تجارب دعوية متنوعة
رأى إدريس جامي النور بمدينة الدار البيضاء سنة 1949، تربى في كنف أسرة محافظة إلى أن اختار المضي في طريق الدعوة غير آبه بالتحديات والتضحيات التي تنتظره. قضى مدة من الزمن متنقلا بين التنظيمات الإسلامية، فقد قاده تعرفه على جماعة العدل والإحسان التي جالس نشطائها إلى البحث في تصورات الحركات الأخرى، وكان ذلك في أواخر سنة 1978، حيث خرج مع جماعة الدعوة والتبليغ، وانتظم في جلسات تربوية مع السلفيين بالعاصمة الاقتصادية، قبل أن يستقر بمدينة أكادير وينتمي إلى الجماعة الإسلامية التي تشكلت سنة 1982 على أيد منتمين سابقين للشبيبة الإسلامية.
إضافة إلى ذلك قضى جامي فترة قصيرة في الشبيبة الإسلامية أثناء إقامته بالبيضاء من خلال الحضور في إفطارات رمضانية والانتظام في جلسات تربوية. كما كان ضمن عدد من الإسلاميين الذين كانوا يجالسون الشيخ تقي الدين الهيلالي في مسجد عين الشق وفي منزله.
وبعد مرحلة الجماعة الإسلامية، كان جامي ضمن الأعضاء النشيطين في حركة الإصلاح والتجديد، حيث أطلق العنان للعمل الدعوي، وتحول إلى عضو قيادي يخطط لمناشط الحركة في جهة أكادير. وأمام التضييق الذي كان يمارس على الحركة الإسلامية أنذاك بحث جامي عن إطار لتنزيل الأنشطة التي يعدون لها، لذلك جاء اختيار أحد دور القرآن التي تكلف بمهمة نائب رئيسها فضاء لتنظيم أنشطة ثقافية واجتماعية. وبعد ميلاد حركة التوحيد والإصلاح عقب الوحدة بين مكونين إسلاميين، تولى جامي مسؤولية قيادة الحركة بمدينة أكادير لمدة ثماني سنوات متتالية.
تحول منزل جامي إلى “مقر” لا تتوقف فيه الحركة، وفضاء لتنزيل الأنشطة وانعقاد اللقاءات التنظيمية، ووضع جامي كل تجهيزاته المنزلية تحت تصرف أعضاء الحركة الذين ما فتئوا يتعاملون مع المنزل كأنه مقر للعمل وليس محل للسكن، ويؤكد بكل عفوية أن عددا من رفاقه في درب الدعوة كانوا لا يميزون بين ممتلكاته وممتلكات التنظيم لدرجة أنه في أحد المرات حمل التلفاز من منزله إلى وجهة أخرى على أساس أنه ملكا للحركة، وحين سأل عنه أحد الأخوات اكتشف أنها تعتقد أنه يعود للحركة.
ورغم انخراطه الكبير في مناشط الحركة وفعاليته، يقول جامي، إن زوجته ظلت دائما عونا له في مسيرته الدعوية، وقدمت الشيء الكثير من أجل مساعدته على حمل همومه وتحقيق أحلامه وأهدافه. ويضيف أنها كانت في كثير من الأيام تعد عدد الأيام التي يتناول فيها وجبات الطعام خارج المنزل، فتكتشف أنها تجاوزت العشرة أيام في الشهر.
إقدام جامي على العمل الإسلامي بكل ثقة وإيمان وتفرغه للدعوة في وقت كانت تحركات العضو الفاعل في الحركة الإسلامية تحظى بالمراقبة والمتابعة؛ ما يزال يتذكر كيف دعا زوجته إلى تعلم الخياطة خوفا من أن يأتي يوم يجد فيه نفسه خلف القضبان، ومن أجل أن تجد مدخولا ولو يسيرا لأداء تكاليف الحياة المادية.
ووجه جامي نصائح إلى الشباب المقبلين على العمل الدعوي في الحركات الإسلامية، بالقول “أنصح كل أخ وأخت ممن يلتزم بفرائض وسنن الدين أن ينخرطوا في أقرب وقت في درب الدعوة، وأن يفتحوا بيوتهم في سبيل الله”.