إدخال القرابين.. مقدمة لتحقيق إقامة الهيكل المزعوم – عدنان أبو عامر
في الوقت الذي تخطط فيها جماعات الهيكل المزعوم للاقتحام بأعداد كبيرة، وإدخال القرابين، والاقتحام بشكل مكثف، فإنها ترى في الحشد والتجمهر على بوابات المسجد الأقصى بأعداد مكثفة وسيلة لفرض الدخول بالقرابين في رحابه، بالتزامن مع مواصلة مؤسسات الاحتلال إجراءاتها الاستفزازية بحقّ المسجد الأقصى، من خلال الاقتحامات التي يقوم بها المستوطنون والوزراء، مما يسلط الضوء على الخطوات التي تقوم بها الحكومة اليمينية في الآونة الأخيرة.
تعيد هذه المخططات التهويدية إلى الأذهان ما تم الكشف عنه في سنوات سابقة من قيام سلطات الاحتلال بحفريات جديدة تحت المسجد الأقصى تستهدف البحث عن طرق يُزعم أنها كانت تشكل قبل نحو ألفي عام مدخلًا رئيسًا للهيكل الثاني، تلت ذلك احتفالات بمولد بقرة حمراء كمؤشر على بناء الهيكل المزعوم، بجانب السماح لليهود بالصلاة في المسجد، ومنع إعماره، حيث ما زالت الحكومة حتى اليوم تمنع إدخال أية مواد إعمار وإصلاح للمسجد الأقصى برغم حاجته الضرورية لذلك.
تواصل دولة الاحتلال تنظيم المؤتمرات بمشاركة شخصيات حكومية، بجانب القيام بنشاطات يهودية لبناء الهيكل، وقدّمت جمعيات استيطانية يهودية طلبًا للحكومة لتحويل المدرسة العمرية الواقعة في الزاوية الشمالية الغربية للمسجد الأقصى التابعة لبلدية القدس لكنيس يهودي، أو السماح لليهود بأداء صلاتهم فيها، وإعلان محافل يمينية يهودية عن بدئها إطلاق حملة دعائية واسعة تستهدف حشد وتأييد المتطرفين لإعادة بناء الهيكل المزعوم، فيما بدأت هذه الحملة بمشاركة جماعات يمينية متطرفة تسعى لفرض السيطرة اليهودية على المسجد الأقصى، تمهيدًا لإعادة إقامة وإحياء الهيكل.
مع أن التقارير التي تقدمها أجهزة أمن الاحتلال للحكومة تؤكد أن هناك مجموعات يهودية وضعت مخططات عملية لتدمير المسجد الأقصى، وبعض السيناريوهات تشير لإمكانية التسلل إليه، وتفجيره عبر استخدام تقنيات متقدمة، كما تجري عناصر المنظمات اليهودية اتصالات مع أنصارها داخل الولايات المتحدة للحصول على معدّات تسمح بالحفر تحت جدرانه، وينوون الانطلاق في عمليات الحفر من عقارات فلسطينية متاخمة تمامًا للمسجد، استطاعت المنظمات اليهودية شراءها خلال الأعوام الماضية.
كما تحذر التقارير الأمنية من مخطط أكثر خطورة تعكف عليه عناصر المنظمات اليهودية المتطرفة، من أن يقوم عناصرها ممّن يعملون ضباطًا في سلاح الطيران بقصف المسجد من الجو، وما يزيد إمكانية حدوث السيناريو حقيقة أن العديد منهم ضباط يخدمون بوحدات مختارة في الجيش، وبإمكانهم أن يحصلوا على المواد المتفجرة من مخازنه، بجانب تخطيط عناصر المنظمات اليهودية المتطرفة لقذف مواد مشعة ذات فاعلية كبيرة جدًا تؤدي لقتل المصلين.
كما اتفقت محافل يمينية يهودية على تكثيف جهودها وتحضيراتها الرامية لإعادة بناء “الهيكل المقدس” لليهود في القدس المحتلة، ونشطت حركات يمينية في نطاق المحاولات والمساعي الهادفة لفرض السيطرة اليهودية على الأقصى بتأسيس صندوق خاص بـ”خزينة الهيكل المقدس”، وتم تسجيله رسميًّا كجمعية وقفية يهودية لدى مسجل الأملاك الوقفية بوزارة القضاء.
بات من الواضح أن تعيين موقع الهيكل المزعوم ينطوي على أهمية حاسمة من وجهة نظر محافل اليهود، إذ إنه في حالة التأكد وتقرير شيء بشأن موقعه، فإنه سيتيح لكبار الحاخامات إعطاء إذن وسماح بدخول اليهود لمناطق داخل الأقصى، وبحثت لجنة منبثقة من مجلس الحاخامات عددًا من الاقتراحات لإقامة كنيس فيه بمواقع مختلفة هي: باب الرحمة، مبنى المحكمة، المدرسة العمرية في الزاوية الجنوبية الشرقية، ومنطقة المصلى المرواني.
وتحدث الإعلام العبري بكل صراحة عن مجموعة يهودية تقدّمت للجنة التنظيم في القدس لأخذ مصادقتها على خريطة بناء كنيس يهودي داخل المسجد، وبعلم تام من مكتب رئيس الحكومة، وقامت بعض شركات التطوير بمشاركة دائرة الآثار ببناء مدرجات ضخمة جنوب الحرم من الخارج، وأصبحت ملاصقة لبواباته التي كانت مفتوحة قبل مئات السنوات، وتم إغلاقها على عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي.
ومن الخطوات الميدانية للتسريع بهذا الإجراء توزيع ملصقات انطباعية على طلاب المدارس والجامعات تجسد الهيكل المزعوم، والقيام بالبث الإذاعي من إذاعات ليهود يعملون لهدم الأقصى، كإذاعة «عزة صهيون» التابعة لحركة «كاخ»، وتدعو علنًا الشباب اليهودي للعمل على إقامة الهيكل، وتذيع فتاوى لعدد من كبار الحاخامات تدعو لذلك، وقيام مجموعة هندسية يهودية بتشييد هيكل جديد بمنطقة وادي عربة مشابه للهيكل القديم، صممه مهندسون من الولايات المتحدة على يد مستشارين من يهود أمريكا، ووضعه تحت تصرف الحكومة.
وتم إعداد فريق متكامل من عمال البناء بانتظار ساعة الصفر للبدء في العمل، ونقله، وتثبيت أركانه على أنقاض المسجد الأقصى، وأصبحت مواد البناء جاهزة وموجودة بمكان سري، وتتكون من الأحجار الكريمة ورقائق الذهب والفضة والتحف الفنية، وبات جمع الأحجار المقدسة عملًا تعبديًّا للكثير من المستعجلين ببناء الهيكل، لاستخدامها في بنائه، وسيحتاج المشروع لما لا يقل عن ستة ملايين حجر، تم استقدامها من مدينة بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة.
بالتزامن مع الخطوات الميدانية اليهودية في القدس المحتلة، نشطت الرحلات الدينية من فلسطين ودول العالم لربطهم بها، وزيارة المجسمات المعدّة لتكون نموذجًا للهيكل المزمع إقامته على أنقاض الأقصى، واتفاق الجماعات الساعية لهدمه، وبناء الهيكل، على توحيد جهودها، بحيث تجعل منه قضية تهمّ كل بيت يهودي على أرض فلسطين المحتلة.
وزاد اليهود المحتلّون من توزيع منشورات تدعو لطرد المسلمين من المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم، والتجوّل في ساحاته، وقراءة الكتب اليهودية، والقيام بأعمال شاذة تسيء لقدسيته، والإرشاد والترجمة للزائرين والسائحين في ساحاته على أنه مكان لليهود فقط، ويجب هدمه، وبناء الهيكل المزعوم مكانه، بجانب التجمع في باحاته في الفترات التي تكون أعيادًا دينية لهم، مثل ذكرى خراب الهيكل المزعوم، وبداية السنة العبرية، وغيرها من المناسبات.
لقد دأب اليهود على حمل السلاح داخل ساحات المسجد الأقصى في بعض الأحيان من المستوطنين والشباب اليهودي، ودخولهم بملابس الصلاة الخاصة بهم، والجلوس على المصاطب والمرافق داخل أسواره.
كما وجدت آثار سيارات أمن إسرائيلية تدخل ساحاته ليلًا، وتتجول فيها، بجانب التفوّه بالكلمات البذيئة بحق المصلين، والعاملين فيه، ومحاولات التخفي المتكررة لاقتحامه، ومحاولات تنفيذ هجمات مسلحة فيه، وإدخال الخمور والمسكرات لساحاته أكثر من مرة في محاولة لتدنيسه، وتوزيع ملصقات ورسومات على طلاب المدارس والجامعات اليهودية لتجسيد قضية الهيكل المزعوم في وجدانهم، ووزّعت منظمة يهودية ملصقاً لمشهد طائرات عسكرية تقصف المسجد، وتدميره، وكتب عليه «سيأتي هذا اليوم قريبًا».