أهمية المجال العلمي والفكري في مشروع التوحيد والإصلاح
يعد المجال العلمي والفكري من أهم المجالات التي تسدد به حركة التوحيد والإصلاح عملها وتمضي به على بصيرة في مشروعها الإصلاحي والذي يُعتبر في حركة التوحيد والإصلاح قضية مركزية تحظى لديها باهتمام كبير، وتنظر إليها باعتبارها من الروافد الأساسية لمشروعها الإصلاحي. فالجهل والهوى هما منشأ كل باطل قال الله تعالى:«(إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الاَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى)(النجم 23) ». والذي يعدِم الحدّ اللاّزم من العلم بالدين والتّفكّر فيه تكون مداخل الشيطان إليه كثيرة، فقد يدخل عليه الشرك أو الابتداع في العبادة من حيث لا يدري؛ إذ بالعلم والتّفكّر يميز بين الإسلام والجاهلية، وبين الإيمان والكفر، وبين السنة والبدعة، وبين الحلال والحرام.
ويشير ميثاق الحركة في هذا المجال أن العلم بالدين وإن كنا نعتبره أوجب العلوم وأشرفها وألزمها لكل عمل دعوي وإصلاحي، فإننا لا نجعله المجال الأوحد لاهتمامنا، بل نعتبر كافة العلوم النافعة ضرورية وداخلة في عملنا وعنايتنا، بحيث نبذل لها ما في وسعنا من توجيه وتشجيع وخدمة وترقية. فنحن نهتم بهذا العمل ونرصد له ما استطعنا من وسائل، لأننا نعلم أن الجهل عدو من أعداء الدعوة وسلاح من أسلحة الشيطان، ولا يهزمه إلا الرفع من المستوى العلمي والتعليمي لأبناء الأمة.
ولا تعتبر حركة التوحيد والإصلاح إنتاجها الفكري مقصورا على ما يصدر عنها، ولا ما تنفتح عليه من فكر محدودا فيما ينتجه أبناؤها ومؤسساتها، بل نعتبر أن من صميم سعينا أن ننفتح على معين الحكمة الإنسانية بشكل عام، والاجتهادات الإسلامية على اختلافها بشكل خاص؛ إيمانا منا بجسامة مهمة الإصلاح التي انتدبنا أنفسنا للمساهمة فيها، ووعيا بما للرافد الفكري والعلمي من فائدة ودور في هذا الإطار، وأن المسألة الفكرية أكبر من أن يستوعبها الوعاء التنظيمي الخاص.
وتأتي أهمية هذا المجال من أمرين رئيسين : أولا : مما هو متعلق بأسئلة مشروعها العام في مختلف تجلياته، وكذا من الإسناد العلمي والفكري لجهود الدعوة والإصلاح الذي تساهم فيهما حركة التوحيد والإصلاح. وثانيا : من مهمة معالجة مجموعة من الإشكالات المتعلقة بانشغالاتها الداخلية تربويا وتنظيميا. ولذلك فإننا نجمل مقاصد هذا المجال في :
- التسديد الشرعي للمشروع التربوي والدعوي والإصلاحي من خلال الاجتهاد في العلوم الشرعية اجتهادا وتنزيلا، وبحثا وتصنيفا، وتقريبا وتعريفا.
- الإسناد المعرفي للمشروع من خلال الإبداع في العلوم الاجتماعية بمختلف فروعها تجديدا لآليات الاشتغال، وتحديدا لمراحل الانتقال، وتشييدا لأرضيات التواصل الفكري والثقافي والحضاري داخليا وخارجيا.
- الإسهام في إطلاق حركيات فكرية وعلمية وثقافية ضرورية للنهوض الحضاري في الوطن والأمة؛ بما يقتضيه ذلك من إحداث لفضاءات النقاش الفكري والتلقي المعرفي، ومن تشجيع للإنتاج العلمي، ومن انفتاح على الفعاليات المختلفة تنظيميا وإيديولوجيا على أرضية التعاون على الخير، ومن البحث عن الفهم الأفضل للحاضر والتفكير في المستقبل.
الإصلاح