أمريكا والصحراء المغربية : الدور المطلوب – عبد الواحد رزاقي

من المواقف التي يرددها المغرب الأقصى بشرف وافتخار مسألة اعترافه بالولايات المتحدة الأمريكية دولة مستقلة سنة 1789 عن الاستعمار البريطاني وليس اعترافا فحسب بل كان من أوائل الدول التي قامت بذلك.  تعود العلاقة الطويلة الأمد بين المغرب والولايات المتحدة إلى معاهدة السلام والصداقة في سنة 1787 عندما أصبح المغرب أول دولة تعترف بالولايات المتحدة. وإن الشراكة الثنائية والاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمغرب راسخة في المصالح المشتركة في السلام والأمن وكذلك الازدهار الإقليمي(1)، هذا الاعتراف لم يقابله من جانب الولايات المتحدة السعي للاعتراف بالجميل ومقابلة الإحسان بمثله.

اتفاق التطبيع الذي جرى بين المملكة المغربية و”إسرائيل” في 10 ديسمبر 2020 كان توقيع مخرجاته تحت إشراف أمريكا التي عملت على إقناع المغرب بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني مقابل اعترافها بسيادته على صحرائه فهل كان اعتراف المغرب باستقلال أمريكا مقابل التغاضي عن إبادة الهنود الحمر السكان الأصليين للبلد القارة؟

من المعلوم أن أمريكا عضو دائم في مجلس الأمن بل ولها ثقل كبير داخله فلم يسبق أن سمعنا أو شاهدناها ترافع من أجل سيادة المغرب على صحرائه بل حق الاعتراض الذي تملكه (الفيتو) تستعمله في غير محله نصرة للكيان الصهيوني الذي لم يسبق له أن نفذ قرارا من قراراته بل تصير حبرا على ورق ليس إلا.

والأكثر من ذلك أن أمريكا ورغم فتح قنصلية لها بالصحراء المغربية بمدينة الداخلة أوائل سنة 2021 لم تعمل على إقناع أعضاء مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة بالاعتراف بمقترح المغرب في الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية حتى هذه اللحظة. علاوة على أن رئيس حكومة الكيان النتن ياهو يطلع علينا عبر وسائل الإعلام بوجهه الكالح بخريطة المغرب منزوعة من صحرائها، في سلوك اقل ما يقال عنه انه لؤم وخسة ونذالة.

بل الواقع يشي بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على إطالة أمد النزاع لضمان سوق لبيع الأسلحة من قبلها مباشرة(2) او عبر مدللتها الكيان اللقيط بعد التطبيع(3).

إن الخبراء في السياسة والاقتصاد يؤكدون أن مصلحة أمريكا الفضلى تتمثل  في حل نزاع الصحراء المغربية ووقف تداعياته على كافة المنطقة.

“كشف تقرير حديث نشره موقع “فورتي فايف” (Forty Five) المتخصص في السياسة الخارجية والأمن القومي، أن الإدارة الأمريكية المقبلة أمام فرصة تاريخية لحل نزاع الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن هذه الفرصة ليست فقط لإنهاء النزاع، بل لتعزيز مكانة الولايات المتحدة في مواجهة التحديات العالمية.”(4)

“وأوضح التقرير، الذي أعده الباحث في الجغرافيا السياسية والأمنية أمين الغلولي من جامعة كينغز كوليدج البريطانية، أن حل نزاع الصحراء يحقق ثلاثة مصالح حيوية للولايات المتحدة، وهي إيقاف تمدد النفوذ الصيني في المنطقة، وإثبات قدرة الولايات المتحدة على قيادة الحلول في المناطق المتنازع عليها، وتعزيز العلاقات مع شركاء موثوقين مثل المغرب وفرنسا وإسبانيا.”(5)

إذن وحسب الموقع المتخصص في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية باستطاعتها أن تقوم بكل ما يلزم لإيجاد حل لهذا النزاع الذي عمر طويلا لمصلحة البلدين، واعترافا بالجميل للملكة المغربية يوم كانت في حاجة ماسة للشرعية الدولية بصفتها دولة مستقلة عن التاج البريطاني.

***

الهوامش:

1 https://ma.usembassy.gov/ar/

2 موقع لكم بتاريخ 23 شتنبر 2024 تحت عنوان:

المغرب يشتري أسلحة جديدة من أمريكا بقيمة 250 مليون دولار.

3 موقع جريدة الصحيفة بتاريخ 18 يونيو 2024 أمريكا في الصدارة وتأتي إسرائيل في الرتبة الثالثة.

4 و5 موقع جريدة صوت المغرب بتاريخ 29دجنبر 2024. https://thevoice.ma

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى