أكاديميون يدعون إلى وضع مقاربات متداخلة لحماية الأسرة

دعا أكاديميون إلى وضع مقاربات متداخلة لحماية الأسرة المغربية وتعزيز حضورها المجتمعي، علاوة على سن سياسة عمومية شاملة تهدف إلى تفعيل النصوص الدستورية، على اعتبار أن الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع.

جاء ذلك خلال تأطيرهم، اليوم السبت، ندوة علمية وطنية في موضوع “الحماية الجنائية للأسرة: مقاربات متعددة في آفاق تعديل القانون الجنائي”، نظمها كل من مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط، ومركز إشعاع للدراسات الأسرية في حفظ الأسرة، بمركب التكوين بالرباط.

وشدد الأستاذ الجامعي عبد المنعم أبقال على ضرورة الاهتمام بنشر تربية إعلامية جادة، والحاجة إلى سن تشريع يحارب كل مظاهر إستهداف والأفراد والأسر في العالم الرقمي، موضحا أن الإعلام بما هو سلطة رابعة في المجتمع يذهب إلى تشكيل أديولوجات الشعوب، عبر وسائله المطبوعة والمسموعة والمشاهدة.

ورأى الأكاديمي أن تأثير الإعلام تضاعف مع دخول شبكات التواصل الاجتماعي على الخط، موضحا أن التأثير الرقمي للأسرة تأثير بالغ، حيث أصبح الإعلام الإلكتروني يحيط بالإنسان، وأدى إلى ظواهر سلبية مستحدثة.

وتحدث عن الإدمان الرقمي، وجرد مجموعة من الجرائم الرقمي التي انتقلت من الواقع إلى العالم الافتراضي مثل العنف الرقمي والتمر الإلكتروني والتحرش الإلكتروني والخيانة الزوجية الإلكترونية والتشهير الإلكتروني.

وأوضح الدكتور أن المشرع وفر التأطير الجنائي للإعلام حماية للأسرة، عبر قوانين منها قانون الاتصال السمعي البصري، وقانون الصحافة والنشر، وقانون حماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. 

وأكد مصطفى قرطاح عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط أن المجتمعات تضع القوانين من أجل حفظ المصالح حتى لا تنتهك، وضبط علاقتها حتى لا تختل، وتجرم الأفعال التي تعرض مصالح المواطنين وحقوقهم للضياع وترتب العقوبات التي تراها زاجرة عن ارتكابها.

وأوضح الدكتور أن من شأن كل قانون أن يتعرض للتعديل والمراجعة كلما تغيرت مصالح المجتمع، موضحا أن الفقه الإسلامي تقعيد وتإأصيل وتطبيق القاعدة الفقهية تتغير الأحكام بتغير موجباتها، موضحا أنه في سياق كل تعديل مقترح يفرض المنهج المقارن ذاته على المعنيين بالتعديل والمهتمين به.

وأضاف أن المصالح العظيمة رتب عنها الشارع الحكيم زواجر كبيرة، موضحا أن الأسرة تقع في أعلى رتب المصالح الشرعية، ففيها يتم حفظ النسل والنسب، وما يتفرع عنهما من المصالح العظيمة للمجتمع والأمة، لذلك جعل الإسلام زواجر لمنع ما يتوقع من المفاسد.

 

وأشار المحامي عبد العزيز وحشي إلى أن المنظومة الإسلامية تعبر عن مفارقة كبيرة بالمقارنة مع المنظومة الغربية في ما يتعلق بحق الحياة، حيث ترى المنظومة الأولى أن الحياة تبدأ من فترة الجنينية وتمنحه حقوقا بناء على ذلك، بينما ترى المنظومة الثانية أن الإنسان لا يصير إنسانا حتى يولد.

وأورد القاضي السابق بمحكمة النقض مجموعة من القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية ولجنة سيداو وغيرهما، والتي ترى أن الحقوق تقرر بعد الولادة، وأن منع الإجهاض شكل من أشكال التمييز ضد المرأة، موضحا أن الحق في الحياة مقدس وأن الاجهاض هو استهداف لتلك الحياة.

واستغرب من الذين يدافعون عن الحق في الإجهاض رغم أنه هو إعدام شخص لا ذنب له في الفعل، وبينما يدافعون عن إلغاء الإعدام الذي يمثل رفض إعدام شخص له فعل مجرم ضد الآخرين، موضحا أن حقوق الجنين لا تبدأ حتى الميلاد في المرجعية الحقوقية الكونية.

 وأكد وحشي أن المادة 400 من مدونة الأسرة هي مادة مهمة وهي الحصانة للأسرة المغربية، داعيا إلى فهم النصوص القانونية المتعلقة بمدونة الأسرة والعمل على حسن تنزيلها، ممثلا بحالات من النصوص التي لا تفعل في المدونة المعمول بها بسبب عدم الفهم أو حتى المعرفة بها.

واستعرض الباحث في القانون الخاص حسن المرابط (5) خمسة تجليات للحماية الجنائية للقيم الأسرية، أولها الحماية عبر التجريم المباشر، وثانيها الحماية عبر الإعفاء من العقاب، وثالثها الحماية عبر تشديد العقاب، ورابعها الحماية عبر تنفيذ العقوبات، وخامسها الحماية عبر تخفيض العقوبات.

ونبه رئيس رابطة الأمل للطفولة المغربية إلى عدم التغافل عن القيم القانونية التي تتضمنها مدونة الأسرة مثل المادة الرابعة التي تتحدث عن الإحصان والعفاف والمساكنة علاوة على المقتضيات المتعلقة بالتوجيه الديني والشرف والوفاء والعفة والعرض والقدوة والكرامة والتربية والنسب والرحمة..

ودعا إلى الابتعاد عن التجاذبات السياسية في مناقشة قضية الأسرة التي تهم المجتمع المغربي ككل، والاعتماد على البحث العلمي في هذا الموضوع.

وأكد الباحث في علم الاجتماع كريم أزماني أن المنظومة الغربية تعيش إشكالات على مستوى الأسر بسبب عدم تحصين الأسرة وتغليب منطق اللذة والحريات الفردية والفردانية، موردا كل من تحدثوا عن هذا الأمر داخل الحضارة الغربية نفسها مثل إمانويل كانط وماكس فييفر..

وأضاف الدكتور أن المنطق الشرعي لم يتزر في مجال السلطة السياسية والمنطق القانوني مستلهم من الغرب، متمنيا لو كان مستلهما بطريقة سليمة تفتح مجالا لحرية التعبير والإبداع، المشرع يذهب نحو الهروب من كل القلاع المرتبطة بالشريعة وعلى رأسها مدونة الأسرة.

ورأى أزماني أن هذا تطور طبيعي لمغادرة قلاع تطوير الأدوات السياسية والتشريعية للحضارة الإسلامية والاتجاه نحو حضارة لا علاقة لنا بها، داعيا إلى إعادة تطوير التدبير السياسي، منبها إلى القوانين الصاعدة التي تصعد كحاجات مجتمعية، والقوانين النازلة التي تنزل من السلطة لاستهداف الضبط الاجتماعي. 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى