أكاديميون وجامعيون يدعون إلى الدفاع عن التمييز البناء بين الرجال والنساء

دعا أكاديميون وجامعيون إلى الدفاع عن التمييز البناء بين الرجال والنساء ليكون أساس بناء الأسرة، والنقيض لفكرة المساواة الآلية التي يدافع عنها الطرح الحداثي دون اعتبار للفطرة الإنسانية ولللأسس العلمية المقررة في هذا الشأن.
جاء ذلك خلال تأطيرهم ندوة علمية حول قراءة في كتاب “التمييز البناء بين الرجال والنساء” لمؤلفه الدكتور أحمد الريسوني، نظمها مركز المقاصد للدراسات والبحوث يوم السبت 5 يوليوز 2025 بمركز التكوين بحي المحيط بمدينة الرباط.
وطالب المشاركون في تأطير الندوة إلى إعمال المنطق العلمي في مقاربة مثل هذه المواضيع الشائكة عوض توسل الإيديولوجية، مشددين على تجنب الطرح الغربي الذي يرى الأسرة حلبة للصراع بين الرجل والمرأة، والنظر إلى العائلة بمنطق التراحم كما يدعو إلى ذلك الإسلام.
وأكد الدكتور محمود النفار أن كتاب “التمييز البناء بين الرجال والنساء” لمؤلفه العلامة أحمد الريسوني يمثل غوثا اجتهاديا يقارب الإشكاليات والقضايا المطروحة في العالم، مشبها إياها بكتاب المقرزي إغاثة الأمة، وكتاب غياث الأمم للجويني، والإحياء للغزالي.
وأوضح النفار في مداخلته بعنوان “مؤسسة الأسرة ومقاصدها” (عن بعد)، أن الدكتور أحمد الريسوني ارتقى بالمقاصد من مقاصد الأحكام إلى مقاصد المؤسسات، مقدما بذلك رؤية كلية تنسجم مع ما يتشوق إليه الشارع من إسهام في المشاريع الإصلاحية.
وأشار المتخصص في السياسة الشرعية إلى أن الريسوني تحدث عن الأسرة الفلسطينية كنموذج للبذل والعطاء، مستعرضا نماذج من الأسر الفلسطينية التي قدمت نماذج في المقاومة والعلم والثقافة والعلوم، ليختم بالتأكيد على أن الأسرة مؤسسة تحتاج إلى مؤسسة في التخطيط والمحاسبة والتقويم.
من جانبها، أكدت الدكتورة عزيزة البقالي أن فكرة التمييز الإيجابي أضحت واقعا في المنظومة الحقوقية المغربية بفعل المصادقة على العديد من الاتفاقيات، غير أن التنزيل الفعلي يكشف عن براغماتية في التطبيق وهو ما يظهر تناقضات على أرض الواقع.
ونبهت عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مداخلتها بعنوان “الرؤية الحداثية العلمانية ما لها وما عليها”، إلى أن الانحراف الذي وقع في الحركات النسوانية والأعمال التصحيحية التي تتم اليوم بعد سنوات من الذهاب في ذلك الانحراف.
واقترحت البقالي الاجتهاد في قضايا الأسرة من طرف العارفين بهذا الحقل من أجل النهوض بالأسرة، والتركيز على مواجهة على مدة تفكيك الأسرة بتشجيع الزواج ببرامج عملية، وحماية قلعة الأسرة بالتواجد في النقاشات التي تهم الأسرة.
من جهته، أوضح عبد الرحيم شيخي أن الفقيه الريسوني يفرق في كتابه “التمييز البناء بين الرجال والنساء” بين العدل الذي يعني إعطاء كل ذي حق حقه، وبين المساواة التي هي وسيلة من وسائل إقامة العدل، مشيرا إلى أن مقصد العدل هو الأولى والأعلى وإن لم تكن به مساواة.
وشدد شيخي في مداخلته بعنوان “الرؤية الإسلامية الفطرية للعلاقة بين الرجل والمرأة” على أن التمييز التشريعي في الإسلام حسب الريسوني مبني على التمييز الفطري، موضحا أن التمييز الفطري هو آية من آيات الله على اعتبار أن الرجل والمرأة يتساويان في أشياء كثيرة ويختلفان في صفات وخصائص محددة.
ونبه شيخي إلى أن الأسرة تقوم على فطرة سوية، لكن هناك رؤية جديدة يحاول البعض فرضها عبر وسائل الإعلام والمدرسة وغيرهما، موضحا أن أن هذا القضايا المتناول في الكتاب وجب الحكم عليها باعتماد المرجعية العليا التي يدخل ضمنها اعتماد الاجتهاد والاسترشاد بالمقاصد الكليات للإسلام.
من جانبه، دعا الدكتور مصطفى قرطاح إلى إبعاد موضوع الأسرة عن ساحة العمل الأيديولوجي، موضحا أن اللجوء إلى العلم لحسم هذا الموضوع سيودي حتما إلى الاعترف بالفطرة والتمايزات التي تفرضها بعيدا عن منطق الجحود.
وأكد قرطاح في مداخلته بعنوان “الأحكام الشرعية: تعادل وتكامل” أن الشريعة الإسلامية شرعت المساواة في الجوانب التي لا تصطدم بالفطرة، ممثلا لذلك بمساواة في التمتع “هن لباس لكم وأنتم لباس لهن”، والمساواة في أحكام الإرث “ولأبويه السدس”، والمساواة في مسؤولية الأسرة “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.
وأضاف أن الإسلام أقر المساواة في الأجر العمل الصالح “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة”، والمساواة في القصاص، والمساواة في الوزر، موضحا أن في هذه المواطن يعد التساوي محققا للعدل.
ورأى الدكتور محماد رفيع أن كتاب “التمييز البناء بين الرجال والنساء” لمؤلفه الدكتور أحمد الريسوني يمثل حالة اشتباك معرفي مع واحدة من القضايا الجدلية الراهنة في الساحة الفكرية والسياسية في المغرب وخارجه والأمر يتعلق بعلاقة الرجال بالنساء.
وقال رفيع في مداخلته بعنوان “المداميك المنهجية في مقاربة مفهوم التمييز عند الأستاذ أحمد الريسوني في كتابه التمييز البناء بين الرجال والنساء” إن “العلاقة بين الرجال والنساء تأسست في شريعتنا على قاعدة التكامل، وتأسست في شريعة الغرب على قاعدة التماثل وشتنان بين التكامل والتماثل”.
وأوضح أن هذا التماثل صيغ في نسق ثقافي وتاريخي غربي، مضيفا أن كشف الأسس الفكرية للمخالف الذي يضمر إظهار مرجعيته في هذا الشأن، مشيرا إلى ان الكتاب فصل وشرح بالتدقيق الفصل 19 من الدستور المغربي، كما انتقد حالة التناقض في تلك المرجعية لدى الوكلاء المحلين الذين يشنعون على زواج القاصر، ويتباكون على الأمهات العازبات، مع السكوت على الجنس خارج مؤسسة الزواج، والابتزاز الجنسي في الملتقيات والمؤسسات، مع التغاضي على اضطهاد المحجبات.
موقع الإصلاح