من البحر إلى النهر – بلال أكروح
وصلت المعركة البطولية التي أطلقتها كتائب الشهيد عز الدين القسام –معركة طوفان الأقصى، مدة الشهر على انطلاق هاته المعركة المباركة التي تؤذن بانتصار الحق واقتراب تحقيق الوعد وإلى حقيقة أبدية حضارية وهي أن لكل احتلال بداية ونهاية.
هناك شبه كبير بين تاريخ اليوم وتاريخ الأمس، بين أبو عبيدة ومحمد الضيف وأبو حمزة وبين صلاح الدين الأيوبي والشهيد نور الدين محمود زنكي والقائد قوام الدين قربوكا السلجوقي، وهناك تشابه بين احتلال فلسطين من قبل الصهاينة واحتلال الصليبيين للشام وفلسطين. ربما تختلف الوقائع وتختلف الأحداث وتختلف الشخصيات وتختلف المنطلقات والامكانيات لكل احتلال ولكل مقاومة، لكن يبقى هدف الاحتلال واحد وهو القضاء على روح الإسلام ويبقى هدف المقاومة واحد وهو التحرير، لكنهما يشتبهان في أمر واحد وهو ان المحتل يندحر والمقاوم ينتصر.
المتتبع لما يجري في قطاع غزة البقعة الأرضية الصغيرة في مقياسها الكبيرة في معانيها وقيمها، يدرك أن النصر قريب جدا وأن الفوز لا يكون بفوهة المدفع أو بالطائرات ولا الدبابات ولا المسيرات وإنما النصر بإرادة المقاومين وإيمانه بأن الله سبحانه وتعالى ناصرهم، فما تفعله المقاومة في غزة يذهل الأبصار ويحير العقول، كيف لبضع أشخاص في مساحة صغيرة محاصرة بوسائل بسيطة أن يقف أما جيش يقال عنه أنه جيش لا يقهر، فالمنطق لا يستوعب والعقل لا يصدق، لكن الإيمان والثبات على الحق ودعوة المظلومين تجعل مما نراه حقيقة راسخة تؤكد أن قوة الإنسان ليس فيما يحمله في يده وإنما بما يحمله في قلبه، وأهل غزة يحملون في قلوبهم الإيمان بنصر الله واليقين بنصره، ويحملون بين شفاههم دعوات المظلومين وأذكار سيد المرسلين.
صلاح الدين الأيوبي القائد الفذ والسلطان المظفر ومحرر المسجد الأقصى وقاهر الصليبيين، لم ينتصر لأنه قائد محنك ولا لأنه كان على قدر كبير من القرب من الله سبحانه وتعالى –وإن كانت هاته المقاومات أساسية في النصر وساعدت صلاح الدين في انتصاراته- ولكنه انتصر أساس بالجيل الذي رافق نشأته، ليس صلاح الدين من حرر المسجد الأقصى وحده بل الجيل الذي رافق صلاح الدين هو الذي حرر المسجد الأقصى وهو الذي طرد المحتلين الغزاة.
كم نحتاج الآن لبناء جيل محمد الضيف وجيل أبو عبيدة، جيل يؤمن أولا بأن النصر من الله سبحانه وتعالى وثانيا بأن النصر آت لا مالة وأن الله محقق وعده وناصر جنده وهازم للأحزاب وحده، ليس أقصد بناء جيل يكتفي بالخروج في المظاهرات والمؤتمرات والملتقيات كلما ألم بفلسطين خطب أو هجوم أو إرهاب لكن المقصد هو بناء جيل يؤمن بالنصر ويعمل من اجله، جيل يتوق لأن يرى تحرير فلسطين في حياته وإلا يمهد أن يرى عقبه النصر، جيل يؤمن أن القضية الفلسطينية هي قضيته الأولى هي بوصلته وهي شغله وهي همه وهي تفكيره، جيل يعمل من اجل فلسطين فهو مدرس يبني أجيل التحرير وهو في الهندسة يساهم في بناء ما هدم من فلسطين وهو في التجارة ينصر فلسطين وهكذا.
نحتاج لجيل يؤمن بأن فلسطين هي كل فلسطين من البحر إلى النهر، يؤمن بأن نهاية العدوان هي اشتداد العدوان، وأن النصر صبر ساعة، وأن آيات الله لا بد لها أن تتحقق، وأن الله ينصر المظلوم وإن بغى الظالم وطغى، وأن نهاية الطغيان هو الخسارة والبهتان، فالله الله على فلسطين وأهلها، ويا لسعد أهل غزة بصبرهم ونصرهم ويا للعار على من خذل، فاللهم اجعلنا نعيش نصرك ونشهده ولا تجعلنا من المتخاذلين المتخلفين.