متخصصون يسائلون إصلاح منظومة التربية والتكوين بين التنزيل والتعطيل

سلط أكاديميون ومتخصصون أمس الأربعاء الضوء على أعطاب تنزيل إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في ورشة علمية بعنوان “إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب بين طموح التشريع وسؤال التنزيل: تقييم واستشراف” نظمها منتدى المتوسط للتبادل والحوار واستضافها فضاء المكتبة الوطنية بالرباط.

الورشة العلمية ناقشت في جلستها الأولى سياق الإعداد وآليات التنزيل إصلاح المنظومة من الرؤية الاستراتيجية إلى القانون الإطار، أطرها خالد الصمدي وحسن عديلي، فيما ناقشت الجلسة الثانية “القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بين التنزيل والتعطيل” أطرها عبد الناصر الناجي والحسين الزاهيدي.

سياق الإعداد وآليات التنزيل

و  استعرض الخبير التربوي الدكتور خالد الصمدي في مداخلته بالجلسة الأولى، سياق الاشتغال على الرؤية الاستراتيجية وإعداد القانون الإطار والأمال التي كانت معقودة على هذا الإصلاح اعتمادا على الميثاق الوطني للتربية والتكوين كأول وثيقة دقيقة وواضحة تم التوقف عليها في عملية الإعداد وتم التوافق حولها لكي تؤطر عملية الإصلاح.

وعرج الوزير السابق على التكليف الملكي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي سبق الإعداد لتقييم عشرية الإصلاح وإصدار التقرير التحليلي الذي رصد فيه الإشكالات الأساسية التي حالت دون تنزيل الميثاق وأسباب الإخفاق، كما سجل تقرير استمرار الهدر المدرسي وعدم انسجام الأسلاك التعليمية واستمرار إشكالية تدريس اللغات ولغات التدريس.

وعن التكليف الملكي بإعداد الرؤية الاستراتيجية، أشار الصمدي إلى عقد استشارات في كل جهات المملكة وصياغتها فيما بعد على شكل رية استراتيجية من خلال القضايا التي تشغل الرأي العام من قبيل تعميم التعليم وتكافئ الفرص والتمويل والمجانية والتعليم الخاص وأزمة القيم والدعم الاجتماعي للهدر المدرسي خاصة في العالم القروي وربط التعليم بسوق الشغل وغيرها من القضايا.

ولفت العضو السابق في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى أن نقاش الهوية كان قويا جدا بين من يدافعون على الكونية، ومن يدافعون عن الخصوصية والمرجعية الإسلامية ليتم التوافق في الأخير على ما ينص عليه الدستور المغربي، كما أكد الملك على القيام بتعديلات تتعلق بالتنصيص على أهمية الهوية المغربية وأن تكون قضايا الهوية في المنظومة التربوية واضحة جدا.

من جهته، تطرق الدكتور حسن عديلي إلى آليات تنزيل القانون الإطار 51.17 انطلاقا من الرؤية الاستراتجية المنبثقة عن الميثاق الذي اعتبره أول وثيقة يتم إعدادها بمنهج المقاربة التشاركية ومنذ الاستقلال تعاقبت على المغرب عدد من الحكومات وأجرت 14 عملية إصلاح وهذا يعني أن المنظومة التعليمية كانت تعاني من عدم الاستقرار ولا توجد رؤية وديمومة في عملية الإصلاح.مستشهدا لتقرير عشرية الإصلاح تحدث عن أن تراكمات الأعطاب وإشكالية الاستقرار وديمومة الإصلاح سببها أنها لم تكن ملزمة للفاعلين.

واعتبر عضو لجنة التعليم والثقافة والاتصال السابق بمجلس النواب، أن صدور القانون الإطار لعبت فيه عدد من العوامل من أهمها وجود إرادة ملكية كتعاقد وطني ملزم للجميع كما جاء في ديباجة القانون، ووجود رهانات تنموية لتكوين مواطني الغد وضمان الحق في التعليم، ورهان مجتمعي يعبر عن خيارات الأمة نتيجة مشاورات واسعة، وكونه رهان للاستمرارية من خلال وجود مرجعية تشريعية ملزمة تضمن ديمومة معالجة الإشكاليات، ورهان تعبوي لمختلف الفاعلين والمتدخلين وإصلاحي يجيب عن مختلف الإشكالات والأعطاب التي على إثرها وجد المخطط الاستراتيجي.

وركز عديلي على المسار التشريعي لخروج القانون الإطار إلى حيز الوجود، انطلاقا من ما قبل إحالة القانون على البرلمان ونقاشات ساخنة في اللجنة القطاعية خاصة المادة 48 حول المجانية،  التي احتلت مساحة كبيرة للنقاش وحسم في النهاية على الإبقاء على المجانية، أو المادة 31 حول الهندسة اللغوية التناوب اللغوي في علاقتها مع المادة 2 التي تحدد عددا من المفاهيم.

وتابع البرلماني السابق أنه مرحلة ثانية من الإعداد إحالة القانون الإطار إلى المصادقة عليه، حيث تكلفت لجنة برلمانية موحدة خاصة بتدقيق التعديلات والتوافق حولها على 81 تعديل أغلبية ومعارضة، وأخيرا بعد المصادقة وتنزيله حيث حظي بدعم ملكي وسموه على عدد من القوانين الحالية لأنه حظي بمصادقة المجلس الوزاري ، كما أنه تفعيل لرؤية إصلاحية حظيت بتوافق واسع بين مختلف التيارات والمكونات وهو أول نص قانوني يؤطر المنظومة منذ استقلال المغرب.

بين التنزيل والتعطيل

من جانبه، انتقد الدكتور عبد الناصر الناجي المنهجية التي تعاطت معها الحكومة في تنزيل مضامين القانون الإطار، حيث أنها لم تقم بإعداد نصوص تنظيمية لتنزيل عدد من المقتضيات كما أنها لم تفعل في المقابل نصوص تنظيمية قامت بإعدادها، باستثناء نصين تنظيميين قامت بتفعليهم وهي اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج والنص التنظيمي المتعلق بجمعيات آباء وأولياء التلاميذ.

وخلص الناجي إلى غياب نظرة شمولية للإصلاح داخل منظومة التربية والتعليم نموذج مدارس الريادة ويظهر ذلك من خلال غياب التعلمات الأساس والتحكم في الكفايات الدنيا حسب التقارير الدولية، وفي ظل أزمات التعليم نجد ارتفاع نسبة النجاح من سنة لأخرى، مفسرا أسباب الأزمة والانزياح عن تصورات عملية الإصلاح غير المبرر والتنزيل السليم للقانون الإطار وجود فجوة بين التصور والتطبيق.

وأبرز الدكتور الحسين الزاهيدي أستاذ التعليم العالي في مداخلته عددا من الاختلالات في مسار الإصلاح في ظل وجود القانون الإطار عبر أرقام ومؤشرات ومخاطر تهدد عملية الإصلاح.

وأوضح المتخصص في مجال التربية والتكوين أن تطور التعليم الأولي كنموذج يخفي وراءه سؤال المأسسة الذي ضمن له الاستمرارية، منتقدا هدر المال العام وغياب تراكم واستقرار في أطر التعليم الأولي في غياب مراكز لتكوينهم والاقتصار على تكوينات ترقيعية وتأهيل مؤقت يقوم بها المفتشون التربويون.

يشار إلى أن الندوة التي نظمها منتدى المتوسط للتبادل والحوار بالمكتبة الوطنية بالرباط، شهدت حضور ممثل عن وزارة التعليم العالي ووزراء سابقين وبرلمانيين سابقين وحاليين وأساتذة ونقابيين وخبراء تربويين وباحثين ومختصين في المجال.

أخبار / مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المنظومة التربوية تعاني اختلالات بنيوية و إشكالات عميقة من خلال التجربة الميدانية. مما يجب التفكير في تفعيل قانون الإطار 51/17. واستشراف الرؤية الاستراتيجية لما بعد 2026ومابعد 2030.من خلال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا السريعة والفائقة.تحياتي لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى