قراءات رمضانية 11| فضائل رمضان

تتعدد الكتب والرسائل التي ألفت عن شهر رمضان المبارك بتعدد المجالات والتخصصات وزوايا النظر. وتحاول كلها البحث في كنه هذا الشهر الكريم، الذي خصه الله بمزايا تفوق خصائص الشهور الأخرى، إذ فيه نزل القرآن، وخلاله تضاعف الحسنات، وفيه ليلة خير من ألف شهر، هي ليلة القدر.

ويعد كتاب “فضائل رمضان” من ضمن تلك الكتب، لصاحبه الحافظ ابن أبي الدنيا،  وهو عبدالله بن محمد بن عُبيد بن سفيان بن قيس، الأموي، أبو بكر بن أبي الدنيا (208 – 281هـ، 823 – 894م)، البغدادي، الحافظ، المحدِّث، صاحب التصانيف المشهورة المفيدة، كان مؤدِّب أولاد الخلفاء، وكان من الوعَّاظ العارفين بأساليب الكلام وما يلائم طبائع النَّاس، وثَّقه أبو حاتم وغيره.

وقد صنَّف الكثيرَ، حتى بلغَت مصنفاته 164 مصنفًا، وقيل: مائتين وسبعة عشر مصنفًا، منها: العظمة، الصمت، اليقين، ذم الدنيا، الشكر، الفرج بعد الشدَّة، العقل وفضله، العيال، المتمنين، قرى الضَّيف، الأولياء… وغيرها، وكان مولده ووفاته ببغداد.

وتعتبر رسالة “فضائل رمضان” من رسائل الحافظ ابن أبي الدنيا العديدة التي أفرَدَها في ذِكر فضائل شهر رمضان ومقاصد الصيام، وذلك في القرن الثالث الهجري، ذكر فيها جملة من الأحاديث الواردة في خصائص شهر رمضان، وفضله، وفضل القيام فيه، واستحباب تأخير سحوره وتعجيل إفطاره، وقد ذاع هذا الجزء الحديثي وتلقَّاه أغلب العلماء بالقَبول، ونقلوا منه في كتبهم ومصنفاتهم الحديثية.

أصل الكتاب:

توجد لهذا الكتاب نسخة موجودة في إسطنبول بتركيا في لالالي برقم (3664)، ضمن مجموع رسائل لابن أبي الدنيا، وهي بنفس العنوان (فضائل شهر رمضان)، تقع في 8 ورقات بالسماعات، وفي الصفحة الواحدة 27 سطرًا تقريبًا، في السطر الواحد ما يقارب 17 كلمة.

والنسخة خطها جيِّد جدًّا، وهذا الكتاب تأكَّدَت نسبته لابن أبي الدنيا؛ وذلك كونه مذكورا في مؤلَّفات ابن أبي الدنيا الكثيرة كما عند الذهبي في سير أعلام النبلاء وغيره، ولكون ابن رجب الحنبلي قام بالنَّقل منه في كتابه “لطائف المعارف” في عدد من المواضع، كما نقل عنه الزبيدي في “إتحاف السادة المتقين”، هذا إلى جانب الإسناد المتصل إلى المصنِّف والمذكور على الصفحة الأولى من المخطوط.

في هذا الكتاب توجد الأحاديثَ والآثار الواردة في خصائص شهر رمضان وفضائله، والتي بلَغ عددها في هذا الجزء الحديثي ثلاثة وستين حديثًا؛ حيث بدأ بالأحاديث الواردة في فَضل شعبان وخصائصه في تِسعة أحاديث، ثم تلاها بالأحاديث الواردة في ذِكر شهر رمضان وفضله، وبيان مَنزلة الصائم فيه، وفضل ليلة القَدر، والتماسها في العشر الأواخر منه، والحث على الجود والنَّفقة في رمضان، والحث على حفظ الجوارح في رمضان، وبيان فضل القيام في شهر رمضان، والآثار الواردة عن الصَّحابة في إحياء شهر رمضان بصلاة القيام فيه.

إلى جانب الأحاديث الواردة في السحور وتأخيره في شهر رمضان. هذا، إلى جانب بيان بالسماعات التي وردَت في حِفظ وإملاء هذا الكتاب عن جملة من المحدِّثين.

وجاء في نهاية الكتاب: “آخره، والحمد لله رب العالمين، علقه لنفسه بعد سماعه أحمد بن عبدالله بن المسلم بن حماد بن ميسرة الأزدي غفر الله له ولأبويه ولِمن استغفر لهم أجمعين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم”.

تحقيقات الكتاب:

حقَّق الكتاب عبدالله بن حمد المنصور ضمن مطبوعات دار السلف للنشر والتوزيع، وذلك بالطبعة الأولى منه عام 1415 هـ – 1995 م.

وقام الكاتب بتَنقيح النَّص، ونسخه، ومقابلته على المخطوط مقابلة دقيقة لاستِدراك ما وقع من خطَأ أثناء النسخ، والتعليق بما تيسَّر مع التخريج لأحاديث الجزء تخريجا وافيًا ببيان صحيحها من ضعيفها، ودراسة أسانيد المصنف مع الترجمة لرِجال السند كل رجل على حِدة موضحا منزلته من حيث الجرح والتعديل، مع إعداد الكتاب من حيث ترقيم نصوصه، ووضع فهارس وافية في نهاية الكتاب لأحاديثه وآثاره وأعلامه… وغيرها.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى