غزة مسؤولية إسلامية وإنسانية – شيروان الشميراني

هو عنوان مؤتمر تشرفت بالمشاركة فيه، انطلق في إسطنبول بحضور أكثر من مئة مختص في مجالات متنوعة، أريد له أن يكون مختلفاً ويتناول لثمانية أيام مستمرة من 21-8 لغاية 29-8-2025 بعيدا عن المدينة مسألة الحرب الصفرية التي يشنها الاحتلال الدولي على غزة، في برنامج عمل كامل، قابل للتنفيذ شبيه بالبروتوكولات العملية التي تنقل بالأمر من حال إلى حال، على أن يخرج هذا المؤتمر في برنامجه وطريقة التعاطي مع الحدث الجلل ما تعودنا على رؤيته من مؤتمرات خلال الشهور الفارطة، والجدية كانت بادية على الأعضاء أن لا يبخلوا قدر ما مكنهم الله من طرح أفكار عملية وتقديم إقتراحات قابلة للتحقيق على أرض الواقع.
المؤتمر عقده الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقف علماء الإسلام في تركيا، بمشاركة المنتدى العالمي للوسطية، لو لخصنا المحاور التي تناوله المؤتمرون لقلنا إنه محور الجانب الخدمي وتقديم العون للغزاويين ودور العلماء في تعبئة الشارع وتحريك الجماهير لممارسة الضغط على الحكومات، والجانب السياسي: دور الدول والأحزاب السياسية في وقف الحرب وتقديم الدعم للمقاومة والتعاون مع المؤسسات الغربية من أجل ذلك، وتفصيلاً في مجالات ( دور الدول والأحزاب، دور العلماء وما يمكنهم القيام به من أداء الواجب، كيف يمكن تجاوز الضعف والهوان في العالم الإسلامي، دور المؤسسات الإعلامية، طريق وحدة الامة ومعالجة حالة التمزق، كيفية التعاون مع غير المسلمين) عبر 18 ورشة عمل.
لست هنا بصدد كتابة تقرير عن المؤتمر، لكني أحاول تسجيل مسائل تساعد على عرض الأفكار العملية والتي هي من مسؤوليات الجميع، عبر الحديث عن العنوانين اللَّذَين يلخصان العناوين الأخرى كلها، وليس شرطاً مطابقة ما يرد هنا مع البيان الختامي، نظراً لإختلاف المواقع: –
في الجانب الخدمي التعبوي العاجل: –
- الحث بلا كلل ولا ملل على التبرع لأهل غزة، وإنهاء حالة الحصار والمجاعة التي تفتك بالأطفال والشيوخ والنساء، وأنهكت الشباب في مشهد لم تره الإنسانية عبر التاريخ، حتى ما يسمى بالهولوكوست لم يكن بهذا المستوى ولا بهذا القدر، فربيبة الغرب استنسخت النازية الهتلرية وتجاوزتها في قباحتها.
- إيثار “غزة” على النفس، وإرسال مصاريف العمرة وحج التطوع إلى غزة بناء على فتوى شرعية بالوجوب أو الأولوية، وتخصيصوتعجيل ما لا يقل عن 50% من زكاة العام القادم لدعم غزة، و ما لا يقل عن 2% من الأرباح السنوية لدعم جهود الإغاثة والتنمية.
- التذكير المستمر بالعدوان على غزة عبر خطب الجمعة وكتابة المقالات والندوات.
- التعاون بين المنظمات الخيرية وتوحيد الجهود، والتعاون مع دول الطوق وتجنب الاستفزاز من أجل تسهيل المساعدات الى الداخل.
- معالجة هذا العجز المخزي، ومع التفهم الكامل لحساسية الدول تجاه التحركات الجماهيرية لكن ينبغي التحرك الضاغط لدفع الحكومات للحركة نحو الدول الغربية والإستناد الى غضب الشعوب، وهنا من الضروري تخفيف حالات التوتر بين التيار الإسلامي وبين السلطات من أجل غزة، وتجاوز الخلافات السياسية بين الطرفين لتوحيد الجهود وقطعاً لدابر التنازع الذي تستغله دولٌ سيئة النيات للتأثير السلبي على مجريات الحرب، ونكايةً بالمقاومة الفلسطينية، وكرهاً لإنتماءها الفكري.
في الجانب السياسي: –
- الرفض القاطع لكل دعوة لنزع سلاح المقاومة، والتأكيد الجازم على حق الشعب الفلسطيني المشروع في جميع أشكال المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني، واستنفار الأمة للجهاد في سبيل الله بكافة أشكاله.
- إن وقف الحرب الظالمة التي تجاوزت كل التاريخ القديم والحديث في وحشيتها وقباحة القائمين عليها، هي أولى الأولويات التي ينبغي للدول الإسلامية العمل المضني من أجله، وبما أن كل الرّهانات على المجتمع الدولي ومؤسساته القانونية ومحاكمه قد فشلت بسبب ليس تعنت نتنياهو وإنما نتيجة الدعم المطلق من واشنطن له وحمايته من كل إجراء قانوني بحقه، فإن الإتكال على المجتمع الدولي العاجز هو تضييع للوقت وإرتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين، لذا تأتي المسؤولية المباشرة الى الدول الإسلامية ومنها العربية لأخذ خطوة متقدمة التي تأخروا جدا لخطوها، وهي تكوين حلف سياسي وعسكري ضاغط من الدول الكبرى والمؤثرة -تحالف القدس-، أي الحديث مع واشنطن بأن الأمر تجاوز الطاقة فإما أن تقف الحرب أو فإننا نتخد الإجراءات من جانبنا ومعنا دعم الشعوب المسلمة كلها لوقف هذا الإعتداء الوحشي على الشعب الفسطيني. وفي مقدمة هذه الدول ” تركيا، ماليزيا، باكستان، السعودية، مصر، أندنوسيا، قطر، الأردن”.
وبما أن علاقة الدول التي لديها اعتراف متبادل مع الكيان الإسرائيلي لم تنعكس إيجابا لصالح أهل غزة، ولم تكن مؤثرة، فالواجب هو قطع هذه العلاقات أو تعليقها كحد أدنى. وفي المقدمة العلاقات التجارية والتعاون الاقتصادي بالاستيراد أو التصدير، وتجريم التعاون الأمني.
- التعاون بين الأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية، حيث الكثير من غير الإسلاميين وقفوا موقفاً انسانياً واضحاً ضد المجازر ولم يمنعهم خلافهم مع حماس من الجهر بالحق، وكذلك الأحزاب الغربية اليسارية على وجه التحديد التي تحرك الشارع الغربي ضدّ جرائم الاحتلال.
- التعاون مع المؤسسات الدينية المسيحية وعلى رأسها بابا الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي، واليهودية غير المتصيهنة، إلى اتخاذ موقف انساني واضح ضدّ الإبادة الجماعية في غزة، من باب التعاون على المعروف، وردع الظلم، وتشكيل حلف فضول انساني عالمي.
- الوصول الى الجيل الجديد في الغرب وأمريكا من أنصار الحزب الدمقراطي المعروفين بجيل الزد، المحركين لإعتصام الجامعات الغربية.
- تجريم أي شكل من أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال، لكونه يقوّض أسس العدالة ويعيق المسار الطبيعي لحماية الشعب الفلسطيني من الانتهاكات المتواصلة.
- التعاون الاعلامي عبر اعداد بيانات دقيقة للكتاب والإعلاميين في العالم الإسلامي لخلق وحدة عمل مشتركة واحدة لدفع الشبهات التي يضعها المرجفون في الطريق، ونشر الوعي الضروري للقضية الفسطينية.
- التأكيد على ضرورة تفعيل قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومباشرة القضاء الدولي بمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية في غزة، ومطالبة الحكومات والمؤسسات الحقوقية بدعم هذه الجهود، تحقيقاً للعدالة وضمانا لإنصاف الضحايا وردعاً لتكرار الانتهاكات. كما مطالبة الدول الإسلامية والحرة بإقامة محاكم جنائية في دولها ضد مجرمي الحرب.
يبقى إبقاء قضية القدس وتحريرها من الاحتلال حيّة في ضمير الأمة المسلمة من أهم الواجبات التي ينبغي العمل الدؤوب غير المنقطع من أجلها، وتكون للأسرة الدور الأساسي وللأم الصدارة على أن ترضع اطفالها حب المسجد الأقصى كما ترضعهم الحليب. فهي ليست كأرض أخرى، مبارك وما حولها، العلاقة معها روحي معنوي لا تخضع للمعايير المادية.