“صفقة القرن” بين التهويل والتهوين – عبد الله المجالي
كما في كل مسألة أو ملف أو حدث هناك وجهات نظر، تختلف باختلاف زوايا النظر أحيانا، وباختلاف الناظر أحيانا، وباختلاف معيار التقييم أحيانا أخرى.
هناك من يحاول التهوين من صفقة القرن، ويقول إنها عبارة عن خطة أمريكية لحل الصراع العربي الصهيوني تماما كخطط كل الإدارات السابقة، صحيح أنها تطرح طرحا منحازا تماما للكيان الصهيوني، وصحيح أنها لا تتحدث عن حل الدولتين، لكنها تبقى خطة، وهي غير ملزمة، ستعرض على الأطراف المعنية كأساس للمفاوضات، وهذه المفاوضات يمكن أن تنجح ويمكن أن تفشل.
وهناك من يحاول التهويل، ويقول إن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب عازمة على تمرير الصفقة رغماً عن الجميع، وهي صفقة ستنهي حلم الدولة الفلسطينية، وتشطب الحق الفلسطيني والعربي في القدس، وتشطب حق العودة بحيث يبقى اللاجئون الفلسطينيون في الأماكن التي يتواجدون فيها، سواء في الضفة الغربية أم قطاع غزة أم الدول العربية، وتكرس الكيان الصهيوني زعيماً للإقليم، وذلك مقابل منافع اقتصادية للفلسطينيين والأردنيين والمصريين.
أصحاب نظرية التهوين يرون أن تضخيم خطر صفقة القرن يأتي لمآرب خاصة تخص كل طرف يسعى لتهويلها، وتتناسب هذه المآرب مع أجنداتهم سواء محليا أم إقليميا أم دوليا، وهي تستغل لتمرير أمور أخرى لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية.
وأصحاب نظرية التهويل يرون أن التهوين من مخاطر صفقة القرن يستهدف تخدير الناس، وإلهاءهم عن الخطر المحدق بهم، وذلك للمساعدة في تمرير الصفقة بأقل الأضرار الممكنة، وتصفية القضية الفلسطينية دون أن نشعر، كما يستهدفون شق أي موقف موحد جامع لثوابت القضية الفلسطينية.
عبد الله المجالي