دلائل النبوة – الشيخ محفوظ ولد ابراهيم فال
كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم مولد أمة وحضارة تنتظرها البشرية كلها احتياجا واضطرار، وينتظره علماء بني إسرائيل استبطاء واستبشارا فكانوا يعلمون قرب بعثته وقد هاجر اليهود إلى المدينة قبل الميلاد بدهر لعلمهم أنها دار هجرته ودولته صلى الله عليه رجاء أن يكون منهم وكان حالهم ما قال الله تعالى عنهم : “كَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا – الأوس والخزرج – فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ” البقرة 189.
وقوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة 146.
وكان ذلك من أعظم دلائل النبوة ومما احتج الله تعالى به على الناس أجمعين فقال جل وعلا: (أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الشعراء 197.
وقوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) الرعد 43.
وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ) الأعراف 157.
وقوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) الصف6.
وكان سلمان الفارسي رضي الله عنه جاء إلى المدينة بأمر من راهب نصراني أخبره أنها مهاجر نبي آخر الزمان
ومع هذا كله لم يسلم من هؤلاء إلا قلة كسلمان الفارسي وعبد الله بن سلام وكعب الأحبار رضي الله عنهم وقد ذكر الله تعالى حالهم مع القرآن قال تعالى: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ…) الرعد 36.
) إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) الإسراء 107 – 109.
(وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ) المائدة 83 – 84.
وقوله تعالى: (..وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ..) الأحقاف 10.
أما أكثرهم فقد حسد النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ..) البقرة 90.
وقوله تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ …) النساء 54.
وهذا من أعظم دلائل النبوة إذ يمكن أن يجادل النبي في الدلائل التي حدثت في زمنه ويدعى له دور فيها ولكن كيف تنسب إليه آيات سبقت مولده بدهر طويل ثم جاءت كما هي فصدقت نفسها وصدقت من جاءت لتصديقه صلى الله عليه وسلم
اللهم اجعلنا من الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه.