دراسة تكشف استهداف الأمم المتحدة للأسرة: “المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة”

كشفت دراسة علمية لنصوص أهم المواثيق الدولية التي تشكل “منظومة القانون الدولي لحقوق الإنسان”، أن تطبيق ما تحتويه تلك المواثيق من مضامين واستراتيجيات وآليات؛ يؤدي إلى تدمير مؤسسة الأسرة واستئصالها من جذورها بصورةٍ كاملة، وهو ما يمثل تهديدا ليس للمجتمعات الإسلامية فحسب، بل وللوجود البشري بأسره.

وأوضحت الدراسة؛ التي هي نسخة مختصرة من أطروحة قدمتها الباحثة كاميليا حلمي طولون( رئيس لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) للحصول على درجة الدكتوراة سنة 2019، أن مواثيق الأمم المتحدة تتخذ مسارين رئيسييِّن في هدم مؤسسة الأسرة:

المسار الأول: صرف الشباب عن الزواج لمنع تأسيس أسر جديدة

من خلال عدد من الإجراءات، منها:

1- التضييق على الزواج بشكل عام، والزواج المبكر بشكل خاص، وتشجيع الممارسات الجنسية خارج نطاق الأسرة.

2- إدماج المراهقات الحوامل في التعليم النظامي: وذلك بغض النظر إن كانت المراهقة الحامل متزوجة أم زانية، وذلك في جميع مستويات التعليم والتدريب النظاميين وغير النظاميين. 

3- إباحة الدعارة وحمايتها قانونيا ومجتمعيا: من خلال اعتبار الدعارة نوعا من أنواع (العمل)، وهو (العمل بالجنس)، والمطالبة بضمان حصول أولئك (العاملات في مجال الجنس) على الرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، وإلغاء تجريم (العمل في مجال شراء الجنس)! وتغيير السياسات الوطنية، بحيث يتمتعن بالحماية والاحترام داخل المجتمع.

4- إباحة الشذوذ الجنسي: وذلك من خلال السبل التالية:

أ. فرض وتعميم (منظور الجندر) بعد إدماجه في المواثيق الدولية، واعتبار الـ(الهوية الجندرية) -وهي هوية الإنسان ذكرا أو أنثى، والتي يظهر بها في المجتمع- أمرا متغيرا وليس ثابتا.

ب. صكّ وترويج عدد من المصطلحات المطاطة؛ مثل: (العنف المبني على الجندر)، واعتبار أي فوارق في المعاملة بين الشواذ والأسوياء (عنفا مبنيا على الجندر) يستوجب العقوبة الفورية! وكذلك بعض المصطلحات شديدة المطاطية؛ مثل: (هياكل الأسر)، و(الأشكال المتعددة للأسرة)، و(التنوع)، وكلها مصطلحات تصب في اتجاه إعطاء الشواذ الحق في الزواج وتكوين الأسر.

ج. المطالبة من خلال المواثيق الدولية بأن يتمتع الشواذ بالحقوق التالية:

(1) الحق في الحياة والحرية والأمن.

(2) الحق في الخصوصية.

(3) المساواة التامة بين الأسوياء والشواذ جنسيًّا بدعوى القضاء على التمييز.

(4) الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع للشواذ جنسيًّا.

(5) حق اللجوء السياسي للشواذ.

(6) إلغاء القوانين التي تعاقب الشواذ.

د- تنظيم فعاليات لدعم الشواذ:

تنظم الأمم المتحدة العديد من الفعاليات على مستوى العالم؛ من أجل ضمان تبني حقوق الشواذ بشكل دولي، منها:

(1) المشاركة بخبراء أمميين وموظفين سابقين بالأمم المتحدة مع عدد من المنظمات غير الحكومية المطالبة بحقوق للشواذ جنسيًّا، في إصدار وثائق تتضمن حقوقًا للشواذ جنسيًّا، ودعم تلك الوثائق واعتبارها من المراجع التي يُستند إليها في الوثائق الأممية.

(2) تأسيس مجموعات أممية للشواذ جنسيا؛ منها -على سبيل المثال-: (مجموعة الأمم المتحدة الأساسية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجندرية 2008م).

(3) تبني أعلى المستويات القيادية في الأمم المتحدة مطالب الشواذ والتصدي لها.

بالإضافة إلى عقد الأمم المتحدة اجتماعات وزارية حول حقوق الشواذ، وإطلاقها حملات إعلامية ضخمة -مثل حملة (أحرار ومتساوون 2013م)- بقصد إحداث تغييرات في القوانين والتعليم العام؛ للقضاء على ما أطلقت عليه (فوبيا الشذوذ الجنسي)، بحيث تتعامل المنظومة التعليمية والإعلامية مع الشذوذ على أنه حق من حقوق الإنسان، ويتم تطبيعه داخل المجتمعات، فلا ينكره الناس، بل يتعاملون مع الشواذ بأريحية وقبول عام.

المسار الثاني: هدم الأسر القائمة

ومن الإجراءات التي تنص عليها المواثيق الدولية في هذا السياق:

1-     تحقيق (استقواء المرأة) واستغنائها عن الرجل تماما من خلال:

‌أ.   إحداث تغيير جذري في الأدوار الفطرية لكلٍّ من الرجل والمرأة داخل الأسرة، وأهمها اختصاص الرجل بمهام القوامة، واختصاص المرأة بمهام الأمومة ورعاية المنزل، والتي أطلقت عليها المواثيق مصطلح (القوالب الجندرية النمطية)، بحيث يتم إلغاء كل الفوارق بينهما في الأدوار وفي التشريعات، فتلغى القوامة، وينتهي ارتباط الأمومة بالمرأة، ويتقاسم الزوجان كل المهام والأدوار والسلطات داخل الأسرة، فتغدو الأسرة بلا قائد، أو تصبح سفينة ذات قائدين يتنازعان السلطة، فيكونان معاول هدم لا أعمدة بناء.

‌ب. دفع المرأة للعمل خارج المنزل، وامتلاك رءوس الأموال، وتأسيس مشاريعها الاقتصادية الخاصة؛ بقصد تحقيق (الاستقواء الاقتصادي) وما يتبعه من استغناء المرأة اقتصاديا عن الرجل، وإلغاء طاعة الزوجة لزوجها.

‌ج.   الدفع بالنساء إلى مجالات العمل التي يختص بها الرجال. وفي المقابل، توجيه الرجال نحو المجالات التي تعتمد على النساء.

‌د. إلغاء مبدأ استئذان الولي في أي شأن من شئون الأسرة؛ حيث ساوت الاتفاقيات تماما بين الرجل والمرأة في: (القانون المتصل بحركة الأشخاص، وحرية اختيار محل سُكناهم وإقامتهم)؛ ومن ثم يصبح للمرأة -بنتًا كانت أو زوجة- الحق الكامل في الخروج أو العمل أو السفر دون استئذان وليها، كما يصبح لها مطلق الحرية في اختيار محل سكنها وإقامتها، وليس بالضرورة أن تقيم الفتاة مع والديها، أو تقيم الزوجة في بيت زوجها!

‌ه. المطالبة كذلك بالتساوي التام والمطلق في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك الحياة العامة والسياسية، وتشجيع إظهار النساء والفتيات كقائدات وصانعات للقرار على جميع المستويات، والزج بالمرأة في كل مستويات صنع القرار؛ لتشغل المراكز القيادية في كل المؤسسات، حكومية وغير حكومية، محلية وإقليمية وعالمية.

‌و. تطبيق التساوي في الإرث، وتقاسم الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج بين الرجل والمرأة عند الطلاق؛ لتشجيع المرأة على الطلاق.

‌ز.  توظيف عدد من المصطلحات المطاطة؛ مثل: (التمييز)، و(العنف ضد المرأة)، و(العنف الأسري)، و(العنف المبني على الجندر)، والتي تدور جميعها حول اعتبار أي فوارق بين الرجل والمرأة -وأيضًا بين الأسوياء والشواذ- هي (عنفا وتمييا) يتوجب القضاء عليهما، كما تعتبر العلاقة الحميمية بين الزوجين بدون الرضا الكامل للمرأة (عنفا جنسيا)، و(اغتصابا زوجيا)، و(تحرشا جنسيا)، و(عنفا أسريا)؛ يستوجب توقيع العقوبة الجنائية على الزوج.

كما أدرجت المواثيق الدولية تحت باب (العنف ضد المرأة) أي فوارق في المعاملة بين الزوجة والزانية، ووفرت ضمانات الحماية والاحترام للزانية، في حين جرمت التعدد. أي أن المواثيق الدولية أعطت الزانية مكانة أعلى من مكانة الزوجة الثانية، ووفرت لها الحماية والاحترام الذين حرمت منهما الزوجة الثانية!

ثانيا: تحقيق استقواء الطفل، وهو ما يؤدي إلى تمرده على والديه، ورفض أي قيود أو ضوابط يفرضها دين، أو مجتمع، أو قيم وتقاليد؛ وذلك من خلال:

‌أ. منع أي شكل من أشكال التأديب للطفل، سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو غيرهما.

‌ب. ضمان الخصوصية المطلقة للطفل، فالمواثيق الدولية منعت الوالدين من التدخل في حياته الخاصة، وأعطته الحق في اللجوء للقانون لمنع أي تدخل أو مساس بخصوصياته! وتضمنت تلك الخصوصية حق المراهق في أن يمارس العلاقات الجنسية بكل أريحية.

‌ج. منح الدولة حق انتزاع الطفل من أسرته وتوفير أسرة بديلة له، ‌د. المساواة التامة بين الأطفال الشرعيين وغير الشرعيين؛

بالإضافة إلى مظلات ووسائل تفكيك الأسرة ومنها:

أولا- المظلات والواجهات:

أوضحت الباحثة أن الأمم المتحدة تدرك أن ما تطرحه يصطدم بأديان وثقافات الكثير من شعوب العالم؛ وأنها إذا ما طالبت به بشكل مباشر؛ فستُواجه بالرفض التام من قِبل الشعوب المحافظة؛ لذا فإنها دائما تطرح أجندتها من خلال مصطلحات مطاطة، وشعارات براقة، ومظلات خداعة، من أهمها:

1- مظلة (حقوق الإنسان).

2- مظلة (القضاء على العنف ضد المرأة).

3- مظلة (الصحة) و(الوقاية من الإيدز).

4- مظلة (الإسكان والتنمية الحضرية).

5- مظلة (التنمية المستدامة).

6- مظلة (حق المرأة في السكن اللائق).

7- مظلة (العمل الإنساني الدولي)، كما يتم استخدام هذه المظلة لسحب التمويل الإسلامي -زكاة، صدقات، أوقاف، صكوك- من الدول والمجتمعات المسلمة.

8- مظلة (العمل).

ثانيا- الوسائل والآليات:

وكشفت الدراسة عن الوسائل والآليات المختلفة التي تستخدمها الأمم المتحدة في تمرير وتطبيق سياساتها في هدم الأسرة، ومن أهمها:

1- المؤسسات الإعلامية؛ حيث تدفع الأمم المتحدة إلى تمرير أجندتها من خلال البرامج والأفلام والمسلسلات والرسوم المتحركة (الكارتون) والإعلانات وغيرها، كما أن الأمم المتحدة تنتج هي نفسها بعض المواد الإعلامية في هذا الاتجاه.

2- المؤسسات التعليمية بكل مراحلها؛ حيث يتم إدماج منظور الجندر في المناهج والسياسات التعليمية.

3- المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تتبنى منظور الجندر، وتعمل على إدماجه في المؤسسات والسياسات الحكومية.

4- مؤسسات (المجتمع المدني) و(المنظمات غير الحكومية)، سواء تأسيس مؤسسات جديدة، أو دعم مؤسسات قائمة متبنية للأجندة الأممية. وهي تقوم بالضغط على الحكومات، وتقديم التقارير الموازية لتقارير الحكومات المقدمة للأمم المتحدة.

5- توظيف القادة الدينيين؛ لإضفاء الشرعية على سياسات وأجندة المواثيق الدولية، والمساعدة على تقبل المجتمعات المحافظة لها.

6- الضغوط المستمرة على الحكومات؛ لسحب تحفظاتها على الاتفاقيات، حيث تعتبر الأمم المتحدة أن فتح باب التحفظات عند التوقيع على الاتفاقيات ليس إلا مرحلة مؤقتة؛ لتشجيع حكومات الدول المحافظة على التوقيع.

7- تقديم الأمم المتحدة التمويل لكل المستويات، حيث توفر التمويل للحكومات والمنظمات والأفراد؛ من أجل تنفيذ وتطبيق أجندتها.

8- دعم ترشح برلمانيات يتبنَّينَ المنظور الجندري، ويعملنَ من خلال البرلمانات على تعديل الدساتير والقوانين والتشريعات بما يتوافق مع المواثيق الدولية.

9- التقارير والاستعراضات والبيانات والمساءلة، والتي يُفرض على الحكومات تقديمها لمؤسسات الأمم المتحدة؛ لمتابعة أو مراقبة تقدمها في تطبيق للاتفاقيات.

10- البروتوكولات الاختيارية الملحقة بالاتفاقيات الدولية كآلية لمتابعة تنفيذ الاتفاقية؛ حيث تخول للأفراد والمجموعات صلاحية تقديم الشكاوى ضد حكوماتهم بشأن عدم الالتزام بمواد الاتفاقيات، وبناءً عليها يتم تحويل الحكومات المخالفة إلى محكمة العدل الدولية.

11- تبني الأمم المتحدة مدخل (الحقوق) بدلاً من مدخل (الاحتياجات)، وهذا يعني وضع آليات واضحة لمتابعة الحكومات ومراقبتها ومحاسبتها؛ حتى يتم تطبيق المواثيق الدولية تطبيقًا كاملاً.

12- تقوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي كانت مهمته عند التأسيس (1946م) لا تتجاوز إصدار المواثيق الدولية الخاصة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم الاستشارات للحكومات حول كيفية التطبيق، ثم بعد تفويض مؤتمر القمة العالمي (2005م) له بعقد (استعراض وزاري) سنوي، و(منتدى تعاون إنمائي) مرة كل سنتين؛ قويت وازدادت صلاحياته في متابعة تطبيق المواثيق الدولية الصادرة عن لجانه المختلفة.

13- إقحام مجلس الأمن والقضاء الدولي في متابعة (الامتثال والمساءلة) حول تطبيق (القانون الدولي لحقوق الإنسان). وما دام أن القضية المحورية للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان هي (المساواة المطلقة بين الأنواع)، فإن عدم تحقيق تلك المساواة (بين الرجال والنساء، وبين الأسوياء والشواذ) قد يستدعي تدخل مجلس الأمن -بسلطاته الواسعة- لإجبار الحكومات على التطبيق!

عن موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (بتصرف)

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى