بوسيف: ارتفاع نسبة بطالة النساء في المغرب يرجع للتحولات المقلقة التي يعرفها المجتمع

كشف تقرير أممي صدر يوم الأربعاء 16 أبريل 2025 عن معطيات مقلقة بخصوص أوضاع النساء في سوق العمل بالدول العربية وعلى رأسها المغرب، حيث سجلت المملكة معدلات بطالة مرتفعة ومشاركة محدودة في الاقتصاد الرسمي، رغم تحسن نسبي في الولوج إلى الخدمات المالية.
ووفق التقرير- الذي صدر عن المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، بشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)- فقد بلغ معدل البطالة لدى النساء البالغات (15 سنة فما فوق) في المغرب خلال سنة 2023 حوالي 17.2%، وهو ما يضع البلاد ضمن قائمة الدول العربية ذات المعدلات المرتفعة.
ورغم أن هذا المعدل يظل أقل من المتوسط الإقليمي البالغ 19.5%، إلا أنه يظل مقلقا، خاصة عند مقارنته بدول مثل تونس (20.5%)، الجزائر (20.6%)، سوريا (22%)، فلسطين (40.4%)، والعراق (28.3%).
أما بطالة الشابات (الفئة العمرية 15-24 سنة)، فقد بلغت في المغرب 44.4%، لتصنف ضمن أعلى المعدلات في المنطقة، متجاوزة لبنان (21.4%) والإمارات (23%)، لكنها دون المعدلات المسجلة في مصر (50.5%)، فلسطين (57%)، العراق (62.2%)، وليبيا (67.8%).
وأشار التقرير إلى أن 64.9% من النساء العاملات في المغرب يشتغلن في القطاع غير المهيكل، ما يعكس هشاشة التشغيل وضعف الحماية الاجتماعية. ورغم أن هذا المعدل أقل من نظيره في السودان (92.3%) وموريتانيا (91.7%)، إلا أنه يظل مرتفعاً ويدعو للقلق، بالنظر إلى غياب التغطية الصحية والتأمين الاجتماعي في هذا النوع من العمل.
ويأتي هذا التقرير ضمن النسخة الأولى من “التقدم المُحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة: لمحة إقليمية حول النوع الاجتماعي في الدول العربية لعام 2024″، الذي يرصد التحديات والفرص المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في العالم العربي.
وأوضحت الأستاذة سعادة بوسيف رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، أن ارتفاع نسبة البطالة في صفوف النساء لا يمكن أن يُقرأ بعيدا عن السياق العام الاقتصادي والاجتماعي الذي يعرفه المحيط الدولي أو الإقليمي والوطني، بسبب التحولات المقلقة والمتسارعة التي يشهدها، وفي مقدمتها غياب الأمن وعدم الاستقرار، والهجرة وشيخوخة بعض المجتمعات والتي تنعكس بالضرورة علي الفئة النشيطة في المجتمع ونقصد بها الشباب من 16الي 25 وعلى النساء على وجه الخصوص، في وقت ترتفع فيه نسبة النساء المعيلات للأسر.
وقالت بوسيف، البرلمانية السابقة في تصريح لموقع “الإصلاح”، إن هذه النسب تختلف بحسب الوضع الاجتماعي للمرأة، فقد سجلت المندوبية السامية للتخطيط انخفاض نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادات من الذكور 20,8% مقابل 34,2% لدى الإناث، وارتفاعها لدى من تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة 32,7% لدى الإناث و19,8% لدى الذكور، بالإضافة إلى اتساع معدل النشاط عند حاملي الشواهد، فلدى الذكور 92%، في حين لا يتجاوز لدى الإناث 34%، كما أن معدل الشغل عموما يبلغ لدى النساء %16,4، مقابل %62,4 لدى الرجال.
وأضافت أنه إذا كان الزواج يشكل عامل استقرار لدي الأسر بحيث قد تستغني المرأة أو الفتاة داخل الأسرة المتماسكة عن العمل، حيث ينخفض نعدل النشاط لدى المتزوجات (16,5%)، ليرتفع عند المطلقات(41,5%)، والعازبات ( 26,9%) والأرامل (10,8%).
وعددت المتحدثة أسباب ارتفاع البطالة لدى النساء خاصة، وكلها من الأسباب الواجب الالتفات إليها ودراستها قصد المعالجة:
- انتشار الغلاء، وعدم التزام الحكومة بوعودها اتجاه رفع نسبة التشغيل من 20% إلي 30٪ بل العكس من ذلك انخفضت إلى 19%
- عدم التصريح بمناصب الشغل
- الهدر المدرسي الذي لازال يلتهم أفواج الإناث في صمت وفي غياب أي تأهيل للبنية التحتية
- عدم احتساب الدولة بالعمل المنزلي وتثمينه بدعم ربات البيوت، بحيث أن اقتصاد الرعاية يظل تطوعيا وغير معترف به
- تغير اهتمامات هذا الجيل والسعي للربح السريع، والتطور التكنولوجي.
وأكدت بوسيف على ضرورة مراجعة وتحديث برامج التدريب المهني، والسياسة التعليمية جملة بحيث تلبي الاحتياجات المتغيرة للاقتصاد الرقمي، وتعالج التفاوت الحاصل بين العرض والطلب في سوق الشغل، بالإضافة إلي الحاجة إلي دراسة وقع وأثر التكنولوجيا على سوق الشغل والتفاوت الحاصل بين الإناث والذكور في هذا المجال، والذي بات يشكل تحديا قبل أن يكون فرصة.
موقع الإصلاح