باحث فلسطيني يحذر من خطورة “أسرلة” التعليم بالقدس وتعميمها على العالم العربي

حذّر الباحث الفلسطيني في السياسة الدولية طارق عكش من أن استثمار الاحتلال الإسرائيلي أموالا طائلة وخبرات استشراقية وتربوية ونفسية لهندسة مناهج تعليمية للفلسطينيين بالقدس تسعى لخلق عربي جديد في مدينة القدس منزوع الهوية، متسامح حتى مع جلاده.
وقال عكش في مقال تحليلي له على “الجزيرة.نت” إن هذه المناهج تهدف إلى تنفير المقدسيين من ثقافة القوة والاعتزاز بالهوية، وجهلهم لتاريخ أمتهم التي قادت العالم طوال قرون. “والأخطر من ذلك، هو عربي مُبرمَج ليفهم نصوص دينه كدعوات لتعظيم محتليه والخضوع لهم”.
وأضاف أن ما يحدث في القدس اليوم ليس مجرد إجراء محلي، بل هو نموذج مكثف لمشروع أوسع يهدف الاحتلال لتطبيقه في كل فلسطين، ويسعى لتصديره إلى العالم العربي. وبيّن أن المؤسسات الصهيونية التي دعمت مشروع أسرلة التعليم في القدس هي ذاتها التي سعت وما تزال لتغيير مناهج التعليم في العالم العربي، ولها نجاحات ببعض الدول العربية بالفعل.
واستحضر الرئيس السابق لمجلس أولياء الأمور في مدارس الإيمان في مدينة القدس، قيام لجنة من مجلس أولياء الأمور في إحدى مدارس القدس قامت قبل عامين بدراسة مقارنة بين المناهج الفلسطينية الأصلية والنسخ التي حرّفها الاحتلال وفرضها على مدارس المدينة وذلك لفهم أبعاد هذه المعركة، ولم تكن هذه الدراسة أكاديمية بحتة، بل كانت صرخة آباء وأمهات يدافعون عن هوية أبنائهم.
وكشفت الدراسة أن الاحتلال لم يتدخل في مواد العلوم المحايدة كالرياضيات والفيزياء، ولم يسعَ لرفد التعليم في القدس بخبراته التكنولوجية المتقدمة. بل تركزت كل تدخلاته في المواد التي تشكل هوية الطالب وشخصيته ووعيه: التربية الإسلامية، واللغة العربية، والتاريخ، والتربية الوطنية.
وذكر طارق عكش في مدينة القدس أن التغييرات على هذه المواد كانت بالعشرات، وتمتد عبر كل المراحل الدراسية، و”ازدادات عمقا وخبثا عاما بعد عام”، وتتبعت “الأسرلة” إستراتيجية مزدوجة تقوم على الحذف الممنهج والزرع الخبيث.
وذهب الكاتب إلى أن هذه الاستراتيجية تقوم على حذف كل ما يربط الطالب بتاريخه الحضاري وهويته الفلسطينية والعربية والإسلامية. وشملت عمليات الحذف التي رصدتها الدراسة تاريخ فلسطين والتاريخ الإسلامي ورموز البطولة في التاريخ العربي والإسلامي والوعي السياسي.
كما تشمل الاستراتيجية أيضا زرع نصوص ومفاهيم في الفراغ الذي يخلقه الحذف، صممها مستشرقو الاحتلال وخبراؤه لتشكيل وعي جديد، ومن الأمثلة الصارخة على ذلك “التسامح المسموم” و”الأخوة المنحرفة” و”تزييف الجغرافيا والتاريخ” و”تحريف النصوص الدينية”.
ونبه عكش أن خطورة ما يحدث في القدس تكمن في كونه ليس حالة معزولة، بل هو “نموذج” يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتصديره. خصوصا وأن المؤسسات الصهيونية نفسها التي تراقب التعليم الفلسطيني وتعمل على تغييره، مثل مؤسسة “IMPACT-se”، وسّعت نشاطها ليشمل العالم العربي والإسلامي. وتُستخدم الضغوط السياسية والاقتصادية أداة لفرض هذه التغييرات من خلال تعاون الاحتلال الإسرائيلي في ذلك مع أوروبا وأميركا.




