انتخابات الهند.. فوز بطعم الصدمة لـ”مودي”و سطوع “غاندي” ورفض للتحريض ضد المسلمين
تستمرّ عملية فرز نتائج الانتخابات العامة في الهند، التي تشمل نحو مليار ناخب واستمرت على مدى 44 يوما، منذ بداية الاقتراع في 19 أبريل الماضي.
وكشفت النتائج الأولية تقدُّم الحزب الحاكم “بهاراتيا جاناتا” الهندوسي القومي، بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وفوزه بولاية ثالثة على التوالي على رأس البلاد، غير أن هذا الفوز كان منقوصا، إذ فقد مودي أغلبيته البرلمانية أمام الاختراق الذي حققته المعارضة بقيادة حزب “المؤتمر الوطني”.
وحسب بيانات لجنة الانتخاب، فقد تجاوزت نسبة الإقبال على التصويت 66% نصفهم من النساء، حيث شارك أكثر من 640 مليون شخص في هذه الانتخابات من بين نحو 970 مليونا يحقّ لهم التصويت.
وتُعَدّ انتخابات الهند؛ هي الكبرى في العالم من ناحية عدد المشاركين فيها، إذ يصل تعداد الهنود البالغين السنّ القانونية للمشاركة في الاقتراع نحو مليار نسمة. وفي كل موعد انتخابي تكسر الهند رقمها السابق في عدد الناخبين، إذ سُجّل 900 مليون ناخب على القوائم الانتخابية خلال الانتخابات الماضية، شارك 615 مليونا منهم فعليا في الاقتراع.
هل أتت إسلاموفوبيا مودي بمفعول عكسي؟
منذ وصوله إلى الحكم عام 2014، بنى حزب “باهاراتيا جاناتا” شعبيته على اضطهاد المسلمين والتحريض ضدهم في تصورهم العنصري لدولة هندوسية قومية أو ما يسمى “هيندوتفا”.
وخلال هذه الانتخابات، قاد مودي دعايته على أساس الخطاب المعادي للمسلمين. وفي خطابه أمام تجمُّع حاشد في ولاية راجاستان في أبريل الماضي، كرّر مودي خطابه العنصري ضد المسلمين، معتبرا إياهم “متسللين” و”دخلاء” على البلاد.
وقال إن حزب المعارضة يسعى “لمنح المسلمين الأحقية في ثروات الأمة”، وإذا فازت بالانتخابات فإن الثروات “ستوزع على من لديهم العدد الأكبر من الأولاد ستوزَّع على المتسللين”، فـ”هل تعتقدون أن أموالكم التي جنيتموها بشقّ الأنفس يجب أن تعطى لمتسللين؟ هل تقبلون بذلك؟”.
و دشن مودي حملته الانتخابية بتدشين معبد “راما” على أنقاض مسجد “بابري” التاريخي، في أكثر خطوة استفزازا لمشاعر الأقلية المسلمة بالبلاد. ورفعت هذه التحركات شعبية حزب مودي.
وكشفت استطلاعات رأي أجريت بداية أبريل الماضي، أن حزب “بهاراتيا جاناتا” وحلفاءه يحظون بالشعبية الكبرى، محققين نسبة 46% من نيات التصويت، مقارنة بأحزاب المعارضة التي تقف نسبتها عند 34%.
غير أن هذه الحملة أتت بنتائج عكسية هذه المرة، إذ رفض الناخبون الانصياع وراء الخطاب الطائفي الذي تبناه مودي، وهو ما أكدته وكالة “بلومبرغ” بالقول إن حملة “بهاراتيا جانتا” تركزت بشدة على الوفاء بالوعود القومية الهندوسية، لكنها لم تكتسب جاذبية كافية بين ناخبين قلقين من الاقتصاد الذي لا يوزّع الفوائد بالتساوي.
و كشفت نتائج الدائرة الانتخابية في فايز آباد، حيث افتتح مودي معبد “راما”، خسارة “بهاراتيا جاناتا” الحاكم مقعده أمام مرشَّح حزب “ساماجوادي” المعارض النائب عوضيش براساد، مما شكل صدمة هائلة لمودي وحزبه.
اختراق “المؤتمر الوطني”
وحقّق حزب “المؤتمر الوطني” اختراقا كبيرا خلال هذه الانتخابات، بحصده 56 مقعدا إضافيا على حصيلته في 2019، أي بمجموع 99 مقعدا إلى حدود اللحظة، ما أهله للحلول ثانيا في الترتيب. ويعدّ الحزب أقدم مكوّن في الساحة السياسية الهندية، إذ يعود تأسيسه إلى زعيم الاستقلال مهاتما غاندي.
ودخل “المؤتمر الوطني” هذه الانتخابات متزعما تحالفا معارضا باسم “التحالف الوطني التنموي الهندي الشامل”، الذي ضم 28 حزبا سياسيا بهدف أساسي هو إسقاط حكومة مودي، على الرغم من الانقسامات التي شابت هذا التحالف، حول تقديم المرشحين وتقاسم دوائر التصويت، والتوقعات بأن ذلك سيضعف فرصهم في النجاح في خططهم.
فيما يرجع محللون هذه النتائج إلى الدخول الزاخم لـ”المؤتمر الوطني” في الانتخابات، بتحقيقه مفاجأة انتخابية العام الماضي وفوزه الساحق بحكومة ولاية كرناتكا جنوبي البلاد. ورجع زعيم الحزب راهول غاندي تلك النتائج إلى أن “شعب كرناتكا يكره سياسة الحقد والكراهية التي يتبعها بهاراتيا جاناتا”.
وشكلت النتائج مؤشرا قويا على نجاح التكتيكات التي اتبعتها المعارضة خلال الحملة الانتخابية، كما أنها تحمل مؤشرات جيدة على إمكانية مواجهة سيطرة حزب بهارتيا جاناتا في أي انتخابات قادمة.
تقارير إعلامية