الصبر قيمة رمضانية
إن رمضان هو شهر الصبر، ومدرسة الصبر, فالصوم تعويد على الصبر, وتمرين عليه, ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر.
فمن القيم التي يغرسها الصيام في نفس المسلم قيمة الصبر بأنواعه وهي الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على البلاء، والصبر على إيذاء الآخرين، والمسلم يصبر ابتغاء الأجر من الله عز وجل، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المؤمنُ الَّذي يخالطُ النَّاسَ ويصبرُ على أذاهم أعظمُ أجرًا منَ المؤمنِ الَّذي لاَ يخالطُ النَّاسَ ولاَ يصبرُ على أذاهم”. صحيح ابن ماجه.
كما أن فيه صبراً على طاعة الله و صبراً عما حرم الله على الصائم من الشهوات وصبراً على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال الله تعالى في المجاهدين: {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين}.
فالصائم المحتسب يفيد دروساً جمة في الصبر من جراء صيامه, فهو يدع الطعام والشراب والشهوة حال صيامه، حيث يتعود فطم نفسه عن شهواتها وغيها، وإذا أوذي أو شتم لا يغضب, ولا يقابل الإساءة بمثلها, ولا تضطرب نفسه, فكأنه بذلك يقول لمن أساء إليه : افعل ما شئت فقد عاهدت ربي بصومي على أن أحفظ لساني وجوارحي, ثم إنه لا يثور لأتفه الأسباب كحال لم يتسلحوا بالصبر, ممن يظنون أن الصوم عقوبة وحرمان, فيخرجون عن طورهم, وتثور نفوسهم, وتضطرب أعصابهم، حيث تراه هادئ النفس, ساكن الجوارح, رضي القلب.
وبالجملة فإن الصبر من أعظم الأخلاق, وأجل العبادات, وإن أعظم الصبر وأحمده عاقبة الصبر على امتثال أمر الله, والإنتهاء عمّا نهى الله عنه, لأنّه به تخلص الطاعة, ويصح الدين, ويستحق الثواب, فليس لمن قل صبره على الطاعة حظ من بر, ولا نصيب من صلاح.
الإصلاح