مقالات رأي

التوحيد والإصلاح.. من الدفاع عن وحدة الوطن إلى تجديد رسالة الأمة – محمد محمد أبو عجور

في كلمته الافتتاحية خلال المائدة المستديرة التي نظمتها حركة التوحيد والإصلاح بالرباط حول القرار الأممي الأخير المتعلق بالصحراء المغربية، أكد الدكتور أوس رمّال، رئيس الحركة، أن هذا القرار يعكس وجاهة الطرح المغربي ونضج الموقف الدولي في تعامله مع قضية الصحراء. غير أن دلالات هذا الخطاب تتجاوز الجغرافيا والسياسة لتلامس عمق الرسالة الإصلاحية الإسلامية التي تتبناها الحركة منذ نشأتها، والمبنية على مبدأ وحدة الإيمان والوطن والأمة.

من الوطنية الإيمانية إلى الرسالة الإصلاحية

يؤسس الدكتور رمّال لرؤية تعتبر أن الدفاع عن وحدة الوطن ليس مجرد موقف سياسي أو واجب قانوني، بل هو واجب شرعي وتاريخي، تنبثق جذوره من عقيدة الإسلام التي تجعل من حماية الكيان والهوية جزءًا من مقاصد الشريعة.

إنّ هذا الربط بين الانتماء للوطن والإيمان بالله يعيد الاعتبار لمفهوم “الوطن الرسالي” في مقابل “الوطن الضيق”، ويؤكد أن الإصلاح لا يتحقق إلا على أرضٍ موحدةٍ قويةٍ مستقلةٍ. فالإيمان الذي لا يصون الأرض ولا يحمي الإنسان من التبعية، يبقى ناقص الفاعلية.

الوحدة الوطنية أساس للوحدة الإسلامية

منذ تأسيسها، ترفع حركة التوحيد والإصلاح شعار “الإصلاح الشامل في ظل المرجعية الإسلامية”، وتؤمن أن البناء الدعوي والتربوي والسياسي لا ينفصل عن البناء الوطني.

وفي هذا السياق، فإن الدفاع عن الصحراء المغربية يُعدّ في جوهره دفاعًا عن الهوية الإسلامية الجامعة في وجه المشاريع الانفصالية التي تعمل على تفكيك الأمة إلى كيانات عرقية وجهوية، وهي استراتيجية قديمة للمشروع الاستعماري والصهيوني في المنطقة.

ولذلك فإن وحدة المغرب ليست فقط قضية داخلية، بل حلقة من معركة الأمة الكبرى ضد التفتيت والهيمنة.

مناعة الداخل في مواجهة المشروع الصهيوني

يأتي خطاب رمّال في زمن تتكامل فيه مشاريع الهيمنة الجديدة تحت عناوين “الشرق الأوسط الكبير” و“التطبيع الإقليمي”، حيث تسعى القوى الصهيونية إلى تفكيك الأوطان وإضعاف الهويات لصالح منظومة أمنية تقودها إسرائيل.

وفي هذا الإطار، تمثل حركة التوحيد والإصلاح صوتًا إصلاحيًا يؤكد أن التحصين الداخلي للوطن جزء من المقاومة الشاملة للمشروع الصهيوني، فالأمة التي تفقد وحدتها الترابية تضعف قدرتها على نصرة القدس وفلسطين.

الوعي الوطني الصادق، حين يكون متشبّعًا بالانتماء الرسالي، يصبح جدار صدٍ حضاريًا في وجه كل مشاريع التطبيع والاختراق.

تجديد الخطاب نحو الأجيال الصاعدة

من أبرز نقاط القوة في كلمة رئيس الحركة تأكيده على ضرورة مخاطبة الأجيال الجديدة بلغة العصر وأدواته، لأن المعركة اليوم معركة وعيٍ وهُويةٍ وسردية.

تجديد الخطاب الإصلاحي يجب أن يقوم على:

  • لغة تربط التاريخ بالواقع والمستقبل.
  • إقناع الشباب بأن الوطنية الحقيقية جزء من الإيمان.
  • ربط الدفاع عن الصحراء بالدفاع عن القدس باعتبارهما رمزين لوحدة الأمة وسيادتها.
  • من المحلية إلى الأمة.. ومن الإصلاح إلى النهضة

الرسالة الأعمق في خطاب الدكتور رمّال هي أن حركة التوحيد والإصلاح لا تنظر إلى قضايا المغرب بمعزل عن رسالة الأمة الإسلامية الكبرى، فالوحدة الوطنية هي حجر الأساس لبناء المشروع الحضاري الإسلامي الشامل.

وحين تتكامل هذه الرؤية مع جهود الإصلاح في العالم العربي والإسلامي، تتحول الحركة إلى جسرٍ حضاريٍ بين الدعوة والدولة، وبين الوطن والأمة، وبين الفكر والميدان.

خلاصة

إن خطاب أوس رمّال لم يكن دفاعًا عن الصحراء فحسب، بل إعلانًا متجددًا عن العقيدة الإصلاحية للحركة: “لا إصلاح بلا وطنٍ موحد، ولا وطن بلا إيمان، ولا إيمان بلا رسالةٍ للأمة.”

بهذا الفهم العميق، يصبح الدفاع عن وحدة المغرب امتدادًا للدفاع عن وحدة الأمة الإسلامية، ومقدمةً لمواجهة المشروع الصهيوني الذي لا يخشى السلاح بقدر ما يخشى الوعي واليقظة والوحدة.

أخبار / مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى