الأسرى المفرج عنهم.. انتهاكات جسيمة داخل سجون الاحتلال ترقى لجرائم حرب

أفرجت سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” أمس الإثنين عن 1968 أسيرا فلسطينيا، بينهم 250 من المحكومين بالمؤبد، وعدد من الأسرى المحكومين بأحكام عالية أو المتوقع الحكم عليهم بالسجن المؤبد، ومن أسرى قطاع غزة الذين اعتقلوا بعد الحرب.

جاء ذلك استنادا لما تم الإعلان عنه اليوم ضمن القوائم التي نُشرت رسيما، والتي تم الاتفاق عليها في إطار اتفاق إنهاء الحرب “الإسرائيلية” على غزة ووقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرا.

وأوضحت هيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير الفلسطيني في بيان مشترك اليوم، أن هذه الصفقة تُعد الثالثة منذ بداية حرب الإبادة، حيث تحرر في نونبر 2023 نحو 240 أسيرا وأسيرة على عدة دفعات، وفي شهري يناير وفبراير من العام الحالي تحرر 1777 أسيرا على مراحل متتالية، ليبلغ بذلك مجموع من تحرروا في الصفقات الثلاث منذ اندلاع الحرب 3985 أسيرا وأسيرة من مختلف الفئات.

توحش الاحتلال

وأضافت الهيئة والنادي، أن الصور والمشاهد التي خرج بها الأسرى المحررون اليوم شكّلت دليلا جديدا على التوحش والإجرام الذي ما زال يُمارس بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال ومعسكراته.

وتابعتا “ظهرت على العديد من الأسرى، ولا سيما من أسرى قطاع غزة، آثار واضحة للتعذيب الجسدي والنفسي، كما وثّقت حالات تنكيل حتى اللحظات الأخيرة من الإفراج عنهم”، مضيفة أنه “لم يقتصر القمع على الأسرى أنفسهم، بل امتد إلى عائلاتهم في الضفة الغربية والقدس، حيث تعرضت لحملات ترهيب وتهديد منظمة، هدفت إلى منعها من تنظيم أي مظاهر احتفال أو الظهور في وسائل الإعلام”.

وفي سياق متصل، قال مدير عام مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية، يومه الثلاثاء 14 أكتوبر، إن الأسرى المحررين الذين وصلوا إلى المجمع ظهروا منهكين وتبدو عليهم آثار التعذيب وسوء المعاملة التي تعرضوا لها داخل سجون الاحتلال “الإسرائيلي”.

وأوضح أبو سلمية أن بعض الأسرى خرجوا مبتوري الأطراف، فيما يعاني آخرون من إصابات مزمنة نتيجة الحرب لم يتلقوا بشأنها أي رعاية طبية تذكر خلال فترة اعتقالهم.

مشاهد إنسانية مؤلمة

أكدت المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين “تضامن”، أنّ الصور التي انتشرت مؤخرا للأسرى المفرج عنهم من سجون الاحتلال “الإسرائيلي” تُعدّ أدلة بصرية دامغة على ما يعيشه آلاف المعتقلين الفلسطينيين من انتهاكات جسيمة ومنهجية ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الرابعة.

وأشارت المؤسسة في بيان لها إلى أنّ التغيّر المروّع في ملامح الأسرى بعد الإفراج عنهم الشحوب، الهزال، الندوب، والملامح التي بدت وكأنها خرجت من تحت ركام الموت يعكس حجم التعذيب والتجويع والإهمال الطبي والإذلال الممنهج الذي يتعرض له الأسرى، ولا سيما منذ السابع من أكتوبر 2023.

ورأت “تضامن” أن هذه الصور لا تمثّل مجرد مشاهد إنسانية مؤلمة، بل هي وثائق قانونية يجب حفظها وتحليلها وتقديمها ضمن ملفات التحقيق الدولي حول سياسات التعذيب والحرمان من الحقوق الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة والسلامة الجسدية والكرامة الإنسانية، المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.

كما كشفت شهادات حديثة عن أن بعض الأسرى دخلوا السجون على أقدامهم وخرجوا منها على كراسٍ متحركة، بعد أن تعرّضوا لعمليات تعذيب قاسٍ وبترٍ في الأطراف وحرمان من العلاج، بينما خرج آخرون ليكتشفوا أنّهم فقدوا جميع أفراد أسرهم الذين استُشهدوا خلال الحرب الأخيرة على غزة، ليجدوا أنفسهم أمام مأساة مزدوجة تجمع بين الألم الشخصي والفقد الوجودي.

وشددت المؤسسة على أنّ ما يجري في سجون الاحتلال يشكّل إبادة بطيئة بحق الأسرى الفلسطينيين، تُمارس بعيدًا عن أنظار الإعلام والمنظمات الدولية، في ظلّ سياسة تعتيم متعمدة تهدف إلى إخفاء الجرائم بحق المعتقلين ومنع وصول المراقبين والمحققين الدوليين.

وطالبت “تضامن”، المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والجاد لإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين، ولا سيّما المرضى وكبار السن والمحتجزين إداريًا والمخفيين قسرًا، باعتبار استمرار احتجازهم في هذه الظروف يشكّل خطرًا حقيقيًا على حياتهم ومخالفة صارخة لكل القواعد الإنسانية.

كما دعت الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمقررين الخاصين إلى فتح تحقيق عاجل ومباشر في الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون، وإرسال لجان تقصّي حقائق لمعاينة أوضاعهم وتوثيق ما تعرّضوا له من تعذيب ممنهج وإخفاء قسري.

تضييق بعد الحرية

من جهة أخرى، أبلغت مخابرات الاحتلال “الإسرائيلي” أسرى صفقة التبادل المقدسيين بعد تحررهم، أنهم مبعدون عن المسجد الأقصى مدة 6 أشهر، وسلمتهم استدعاء للتحقيق يوم الأحد المقبل، بالإضافة إلى منعهم من إجراء مقابلات صحفية، والمشاركة في احتفالات أو رفع يافطات وأعلام.

واقتحمت قوات الاحتلال أمس، منازل الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل الثالثة قبيل موعد الإفراج، وفتشت المنازل وخربت محتويات بعضها بعد تحطيم أبوابها الرئيسية، كما اعتدت على أهالي الأسرى المقدسيين المفرج عنهم قبل وصول أبنائهم لمنازلهم، بينهم شقيق الأسير أيمن الكرد الذي اعتدت عليه بالضرب المبرح، ما أدى إلى إصابته برضوض في جسده.

وباشرت وزارة الصحة بغزة بتقديم الرعاية والفحص الطبي للأسرى المحررين الذين أفرج عنهم اليوم ضمن صفقة التبادل، مشيرة إلى أن الاجراءات الطبية تتم وفق ترتيبات وضعتها الوزارة لتقديم الرعاية المناسبة لهم.

تبادل الجثامين

سلّم الاحتلال “الإسرائيلي”، مساء يومه الثلاثاء جثامين 45 شهيدا عبر الصليب الأحمر إلى مجمع ناصر الطبي بخان يونس جنوبي قطاع غزة، وذلك بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل الأخيرة.

وأعلنت وزارة الصحة عن جاهزية الطواقم الطبية من خلال لجنة إدارة جثامين الشهداء، لاستلام جثامين الشهداء والتعامل معها وفق الإجراءات الطبية والبروتوكولات المعتمدة في مثل هذه الحالات.

يأتي ذلك بعد أن سلمت فيه كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، أمس الإثنين، جثامين 4 أسرى “إسرائيليين” في إطار صفقة “طوفان الأقصى” لتبادل الأسرى.

ويأتي ذلك في إطار تنفيذ مراحل صفقة التبادل التي تشمل الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال مقابل أسرى “إسرائيليين” وجثامين محتجزة لدى المقاومة في قطاع غزة.

الإبعاد

وأفاد مكتب إعلام الأسرى أمس الإثنين بوصول 154 أسيرا فلسطينيا محررا من المبعدين إلى جمهورية مصر العربية.

وأشار المكتب في بيان له، إلى أنه جرى نقل الأسرى المبعدين إلى مصر، لإتمام إجراءات الإفراج عنهم ضمن تنفيذ مراحل صفقة “طوفان الأحرار 3”.

وأكد المكتب أن مشاهد تحرر الأسرى ضمن صفقة طوفان الأحرار تمثل لحظة تاريخية فارقة يسطرها الشعب الفلسطيني بالدم والصمود، وانتزع فيها حرية أبنائه من سجون الاحتلال بالإرادة والتضحيات، وأن هذا التحرير المبارك يجسد الوفاء لقضية الأسرى ويُعد ثمرة نضال طويل وتضحيات جسيمة، كما وجّه تحية فخر واعتزاز إلى أهل غزة الذين بصمودهم فتحوا أبواب الحرية للأسرى.

ومنذ اندلاع حرب الإبادة، يواجه الأسرى في سجون الاحتلال ومعسكراته سلسلة من الجرائم الممنهجة التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أبرزها: التعذيب الجسدي والنفسي، والتجويع الممنهج، والحرمان من العلاج والرعاية الطبية.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى