احتفالية برشيد (1) – عبد الرحيم مفكير
” الاحتفالية ليست مجرد شكل مسرحي قائم على أسس وتقنيات فنية مغايرة، بل هو بالأساس فلسفة تحمل تصوراً جديداً للوجود والإنسان والتاريخ والفن والأدب والسياسية والصراع “
” والأصل في الفن أنه جمال وجمالية، وأنه كمال واكتمال، ورؤية ورؤيا، ورسالة بمضمون إنساني نافع وممتع ومقنع، وليس مجرد ظرف له شكل خارجي بدون محتوى داخلي، وهذا الفن ـ كما أتمثله دائما ـ إما أن يكون فنا حقيقيا أو لا يكون.
وإن كل تهريج وكل إسفاف، وكل شعوذة “فنية” وكل دجل “إبداعي” لا يمكن أن تكون أية علاقة حقيقية بالفن الحقيقي، ويمكن أن نسميه بأي اسم آخر سوى أن يكون فنا.”
” الاحتفالية مشروع واحد فقط … مشروع ضمن مشاريع أخرى عديدة ــ لا تدعي ملكيتها للحقيقة. وهي بهذا لا تغلق أبواب البحث والاجتهاد، ولكنها تفتحها عن آخرها. إنها تدرك جيدا حدودها الحقيقية …. الحدود الكائنة والممكنة والمستحيلة. إنها تعرف بأنها محطة في الطريق، وليس كل الطريق. وبذلك فهي تردد مع ماير هولد قوله ” قد لا تنجح في تحقيق فكرة المسرح الجديد.قد نسقط جميعا ونكون جسرا للآخرين ليمروا فوق أجسادنا نحو مستقبل المسرح ” ” الاحتفالية مواقف ومواقف مضادة ص 7.
في المغرب أصر عبد الكريم برشيد وجماعة المسرح الاحتفالي على المضي قدماً لترسيخ مفهوم التأسيس وما نالت من هذا الإصرار الموجات الموسمية المعادية، ولا حمى الضرب والقذف، بل ازداد الاحتفاليون إيماناً بموضوعية أطروحاتهم » عبد الكريم برشيد: الاحتفالية، مواقف ومواقف مضادة، ص: 5.
“إن المتعة الفنية لها مستويات ودرجات، وفي أدني السلم هناك المتعة المادية الحسية، والتي هي متعة حيوانية بكل تأكيد، وفي أعلى السلم نجد المتعة الوجدانية والعقلية والفكرية والروحية.. وإلى اليوم، مازالت هناك شعوب تستمتع بفرجة قتل الثيران، ومازالت هناك شعوب أخرى تستمتع بفرجات دموية لا جمال ولا كمال فيها.
إن الإنسان جسد نعم، ولكنه نفس أيضا، وهو عقل كذلك، وهو بهذا يحتاج إلى فن شامل ومتكامل أيضا، فن يخاطب فيه إنسانيته بدل حيوانيته، ويخاطب فيه مدنيته بدل غابويته، ويخاطب فيه عقله بدل غرائزه، ويخاطب فيه ثوابته قبل متغيراته. وفي معرض المتع الفنية العديدة والمتنوعة، تكون المتعة العقلية هي الأعلى والأسمى بكل تأكيد، لأن الإنسان كائن عاقل قبل أي شيء آخر”.( حوار : موقع منظمة التجديد الطلابي)
” لو تم إنصافي لكنت قد انتهيت منذ أزمان، ولكنت قد شعرت بأنني قد أديت عملا، ونلت عنه أجرا، وانتهى كل شيء، وما هكذا فهمت دوري في الحياة والمسرح، لقد آمنت دائما بأنني مناضل وجودي، وبأنه لا يحد يطالب بثمن لوجوده، تلك خطوات كتبت علي في الحياة، ومن كتبت عليه خطوات مشاها، وأعرف أنني لم أكن أمشي، ولكنني كنت أجري، لأن الأمر يتعلق بسباق المسافات الطويلة جدا، وما ميزني دائما هو طول النفس، وهو عدم الاعتراف بشيء يسمى الهزيمة، وهو الثقة بالنفس، في حدود المعقول والمقبول طبعا، وعلى امتداد عقود طويلة ظللت أقول لنفسي الكلمة التالية ( قل كلمتك وامش إلى الأمام)
إنني لا أنتظر الجزاء من أي أحد أو من أية جهة، وأعرف أن قدري هو أن أكتب وأكتب، لأنني أساسا كاتب ومفكر، ولأنني بهذه الكتابة الصادقة أعبر عن وجودي الصادق، فهي عنوان وجودي، ولذلك فإنني أقــــــــــول دائما ( أنا أكتب إذن فأنا موجود) ولا شيء يرعبني أكثر من أن أصل إلى لحظة لا أستطيع أن أكتب فيها، ولأنني كاتب مختلف، ولأنني أعيش في زمن مختلف وفي مكان مختلف، فإنني أحرص على أن أكتب كتابة مسرحية مختلفة ومخالفة ” (موقع الهيئة العربية للمسرح).