أمة أبت إلا أن تكسر الظلم – بلال أكروح
في خضم انشغال الأمة الإسلامية بأخبار معركة طوفان الأقصى المجيدة، وتوالي بشائر كمائن النصر للمقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني الغاشم في غزة العزة، تطلع علينا بشرى من عاصمة زهرة الياسمين، بشرى معطرة بنسائم الحرية والانتصار، بشرى تؤكد أن أمة الإسلام هي أمة خلقت من أجل الانتصار على الظلم والانقياد لله تعالى، مصداقا لقول ربعي بن أبي عامر لرستم في معركة القادسية {ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة} فأهل سورية النشامى آمنوا بهذا بقلوبهم وصدقته أفعالهم.
إن انتصار أهل سوريا حمل من البشائر والدلائل التي تجعلنا نتأكد ونتيقن أن نصر الله أمر نافذ ووعد الله بالنصر حق صادق، وأن انتصار غزة لا يتأتى إلا بنصر الأمة الإسلامية، وأن فلسطين هي البوصلة الموجِّهة لتحرير الأمة الإسلامية من الظلم والجهل والاستبداد والاحتلال، فلا فرحة بنصر تكتمل إلا بتحرير المسجد الأقصى المبارك.
فمن مقومات الأمة أنها كالجسد الواحد لا ينفصل فيه عضو عن عضو، ولكل عضو فيه مهمة يستحيل للعضو الآخر أن يقوم بها ويستحيل للجسم أن يكون طبيعيا بدون ذلك العضو. فأي نصر لأي قطر من بلاد المسلمين هو نصر للإسلام، وإن كل معركة عادلة يخوضها مسلم في أي بقاع من الأرض هي معركة للمسلمين جميعا، والنصر فيها نصر للمسلمين، فسبحان من جعل منا أمة واحدة نفرح مع من يفرح ونحزن مع من يحزن ونعيش في نفوسنا آلام إخواننا أينما كانوا. فمن عجائب ديننا أن نحمل هم المظلوم حتى وإن كان غير مسلما، فتربية الإسلام علمتنا أن الظلم مقيت وأن العدل سيد الأحكام وسلطان المعاملات.
ومن دروس بلد الياسمين وقبلها من غزة الهاشمية أنه لا نصر إلا بالتمسك بالله سبحانه تعالى، ولا تحرير إلا بالتمسك بكتاب الله تعالى منهجا وعملا وقولا وفعلا، ولا تحرير للأرض دون تحرير النفس. فأهل غزة جعلوا كتاب الله قبلة ومنهجا وأهل سوريا اتخذوا من كتاب الله دستورا وخريطة للنصر والتحرير، فمن أعز الله أعزه الله، ومن تمسك بالدنيا عاش ذليلا ومات ذليلا، فلا عزة إلا بالإسلام ولا نصر إلا بالقرآن ولا تغيير إلا بتغيير نفس الإنسان.
العجيب في درس غزة وسوريا أن التحرير انطلق من الإنسان، استدراكا على ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربية “الجيل القرآن الفريد” من الصحابة حسب قول شهيد الظلال سيد قطب، معركتنا الآن في الأمة هي صناعة الإنسان، ذاك الإنسان الذي يصنع التحرير في نفسه قبله أن يصنعه في أرضه، ذلك الإنسان ألذي يرتبط بالقرآن ارتباط الدم بالجسم، صناعة مسلم يؤمن بوعد الله الحق الصادق في التمكين للأمة الإسلامية وقبلها للإسلام الذي هو دين الله ونحن عباده والمحظوظون بأن نكون من أتباعه والمؤمنين به والمدافعين عنه.