أدين بـ15 سنة سجنا.. إمام مغربي ضحية حرب رمزية ضد المسلمين بفرنسا

ناشدت أسرة الإمام المغربي الفرنسي عبد الحكيم صفريوي السلطات الفرنسية أن تطلق سراحه بعدما اتهم بنشر الكراهية في قضية مقتل أستاذ فرنسي يدعى صامويل باتي في 16 أكتوبر 2020 وحكم عليه بـ15 سنة سجنا.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته أسرة الإمام المغربي في منزل الأستاذ عبد الإله بنكيران بالرباط أمس الأربعاء بحضور زوجة وأخت وأخ الصفريوي ومحاميه.
وأدرج اسم صفريوي البالغ 65 عاما ضمن أحد عشر شخصا، احتُجزوا في إطار التحقيق في القضية المذكورة بالرغم من أن القاتل الشيشاني “عبد الله أنزوروف” اعترف أنه تصرف بمفرده. وبقي الصفريوي خلف القضبان إلى أن صدر خلال العام الجاري حكم قضائي يقضي بسجنه 15سنة بتهمة “التواطؤ في عمل إرهابي”.
واتخذت الحكومة الفرنسية ومنذ مقتل مقتل باتي، إجراءات صارمة ضد عشرات الجمعيات الإسلامية، بعضها حلّ وبعضها الآخر وُضع تحت المراقبة.
وتحدث وزير الداخلية جيرالد دارمانان وقتها عن “حرب ضد أعداء الجمهورية”، وكان صفريوي أحد ضحايا تلك “الحرب الرمزية” التي تستهدف المسلمين في فرنسا.
قصة الإدانة
وتعود فصول القضية إلى تلقي صفريوي مطلع شهر أكتوبر اتصالا من والد تلميذة في كلية بوا ديولن، يشكو له مما قال إنه تصرف مهين من الأستاذ باتي تجاه الدين الإسلامي.
ورافق صفريوي والد الطفل إلى المدرسة لمناقشة الإدارة، ثم نشر بعد ذلك فيديو على “يوتيوب” ينتقد فيه سلوك الأستاذ الفرنسي دون أن يدعو إلى العنف أو يُهدد. وبعد عشرة أيام وقعت جريمة مقتل صامويل باتي، ليجد صفريوي نفسه في دائرة الاتهام من وسائل الإعلام الفرنسية رغم أن التحقيقات التي أعقبت الجريمة لم تثبت وجود أي تواصل أو علاقة بينه وبين القاتل.
ودافع صفريوي عن براءته نافيا أي صلة له بهذه الجريمة، لكن المحكمة رأت أن دوره ولو لم يكن منفّذاً مباشراً، كان محوريًا في تكوين الحلقة التحريضية التي انتهت بالجريمة.
وكان الضحية باتي عرض في درسه صورة كاريكاتورية للنبي صلى الله عليه وسلم، مما أثار غضبا كبيرا لدى بعض أولياء الأمور والنشطاء الإسلاميين، مما أدّى بحسب التحقيقات إلى سلسلة تحريض ومتابعة أفضت إلى تنفيذ الجريمة في 16 أكتوبر 2020.
وكشفت المخابرات الفرنسية لاحقا أن منفذ الهجوم لم يشاهد الفيديو الذي نشره الصفريوي أصلا، غير أن هذا المعطى لم يكن كافيا لوقف مدّ التهييج العاطفي والسياسي الذي اجتاح البلاد خاصة من الإعلام الفرنسي.
في بيت بنكيران
ودعا الأستاذ عبد الإله بنكيران إلى مساندة الإمام المغربي المدان بالسجن 15 عاما في فرنسا ظلما، مع اقتراب حكم الاستئناف يناير 2026. والسعي إلى التعريف بالقضية لكسب التعاطف أملا في أن تكون هناك نتيجة لصالح المعتقل.
وأكد بنكيران في ندوة صحفية استضاف فيها أسرة الإمام المغربي، أن صفريوي رجل مبادر ومحب لوطنه، شارك في الحركة الإسلامية في بداياتها، ثم اختار العمل الجمعوي في فرنسا دون أي سلوك عنيف.
ونفت زوجة عبد الحكيم صفريوي، إكرام حمادة علاقة زوجها الصفريوي بمقتل الأستاذ الفرنسي صمويل باتي، رافضة الاتهامات الموجهة إليه وبراءته من تلك الجريمة الشنيعة، التي لا توجد أي أدلة تثبت تورطه في قتل صمويل باتي.

ووصفت شقيقة الإمام المغربي سلوى صفريوي أخاها بالإنسان الطيب المحب للحياة، معتبرة أنه من غير العادل إدانته لأنه لم يُعرف عنه يوما التحريض أو العنف، بل على العكس تماما هو مرح جدا والجميع يحب مجالسته وسمعته طيبة جدا، ويترافع ويدافع دائما عن قضايا الوطن والأمة الاسلامية.
وعبر شقيقه جواد صفريوي عن استغرابه من الحكم مستحضرا نشأته منذ مرحلة الطفولة ثم الشباب على حب الناس، والاستماع للآخرين وبعده عن التشدد، مؤكدا أن القضية قضية عدالة ومبادئ.
ووصف المحامي حكيم الشركي الحكم الصادر عن محكمة الجنايات الخاصة في باريس الحكم بـ”الفضيحة التاريخية” و”الأمر البالغ الخطورة على حالة الحريات”، مؤكدا أن موكله هو في حقيقة الأمر “سجين سياسي”.
ودعا إلى حشد الدعم للمرحلة المقبلة وهي مرحلة الاستئناف، مؤكدا أن قضية صفريوي تمثل اختبارا خطيرا لحالة الحريات في فرنسا، وأن الحكم الصادر يشكل سابقة قانونية وخطيرة لجميع المواطنين الفرنسيين من أصول مسلمة، ويعكس المزاج العام في المجتمع الفرنسي تجاه الإسلام والنشطاء المسلمين.
يذكر أنه في السنوات التي تلت مقتل صامويل باتي، توسعت أدوات المراقبة والمساءلة لتشمل كل من يُظهر نشاطا دعويا أو يعبّر عن رأي مخالف للسردية الرسمية.
وقد جرى حلّ عشرات الجمعيات الإسلامية، ووُضعت المساجد تحت المراقبة الإدارية، وأُدرجت أسماء الأئمة والدعاة في قوائم تصنيفية تحمل عنوان “خطر على الأمن العام” فيما لم يعد الفعل الإرهابي وحده هو المستهدف بل المجال الرمزي المحيط به أي الخطاب الذي قد يُفهم ولو نظريا على أنه تغذية فكرية للتطرف.


